بيان التربية
ونشر المكتب الإعلامي لوزير التربية مساء الأحد بياناً، لم يسم فيه "المدن"، وقال فيه: "نشر أحد المواقع الإخبارية خبراً حول حضور مسؤول إلى دائرة المعادلات ما قبل الجامعية في وزارة التربية والتعليم العالي، طالباً الحصول على نسخة طبق الأصل لمعادلة شهادة قبل الجامعية لطالبة عراقية. وفور رؤية الموظفة الجديدة المسؤولة للوثيقة لاحظت أنها مزورة. فصادرت النسخة وطلبت من المسؤول إحضار الأصلية. فسلمها في اليوم التالي الوثيقة الأصلية والمستندات المرفقة بها. وكانت (الموظفة) أبلغت المدير العام فورا بالأمر، فأعطاها التوجيهات لإعداد كتاب ورفعه إليه لإبلاغ النيابة العامة، وأعطاها التوجيهات بالتعامل مع أي وثيقة مماثلة بالطريقة نفسها". ودعا البيان "وسائل الإعلام والإعلاميين، توخي الدقة في النشر، ومراجعة الوزارة للتحقق من أي معلومة قبل نشرها، لكي لا تصل مجتزأة إلى الرأي العام، أو تسيء إلى سمعة موظف أو مسؤول يقوم بعمله بحسب الأصول".
بداية، ثبت بيان الوزارة حصول هذه الواقعة وحضور مسؤول سياسي لتخليص طلب معادلة لطالبة عراقية. أما اجتزاء نشر المعلومات، فلم يكن هدفه الإساءة لأي شخص، كما يدّعي البيان، بل العكس تماماً هو الصحيح. فقد تقصدت "المدن" عدم ذكر أسماء المعنين في القضية، وآثرت عدم التطرق إلى تفاصيل تجوال الوثيقة المزورة في دائرة المعادلات والإشكاليات التي وقعت حولها، وكيف حطت لاحقاً في مكتب المستشار القانوني لوزير التربية، وفي مكتب المدير العام وغيرها من المكاتب. إضافة إلى وقائع تثبت ارتباك الإدارة في كيفية التعامل مع الموضوع.
التحقيق في الحادثة
لكن وبما أن المدير العام اعطى التوجيهات اللازمة في كيفية التعامل اللاحق في مثل هذه الحالات، ثمة أمور سها عنها بيان الوزارة، منها أن البروتوكول الموقع بين وزارة التربية والسفارة العراقية يقضي بعدم حضور الطالب أو أي وكيل عنه، إلى أمانة سر لجنة المعادلات. بل حصر البروتوكول تعامل صاحب المعاملة مع الجامعة التي تسجل فيها لمتابعة تحصيله العلمي. وينص البروتوكول على حضور الطالب إلى مكتب شؤون الطلاب في الجامعة، ليدفع رسوماً بخمسين دولاراً بواسطة الجامعة، تذهب لصالح وزارة التربية. ثم تقوم الجامعة عبر مندوبها المعتمد في الوزارة بتقديم طلب المعادلات. وهذا الإجراء أتى لتخفيف ضغط الطلاب في الوزارة من ناحية، ولمنع الرشاوى التي كان يحاول عبرها الطلاب استمالة الموظفين، في السنوات السابقة.
وبما أن الأصول تقتضي إبلاغ النيابة العامة التمييزية بكتاب رسمي، تذكر فيه كل الوقائع وتسمي الشخص الذي أحضر الوثيقة المزورة واسم الطالب، بات لزاماً على النيابة العامة التحقيق في الملابسات، واستدعاء جميع المعنيين للتحقيق معهم، وصولاً إلى الكشف عن أسماء الأشخاص أو المكاتب التي زورت هذه الإفادة وغيرها من الإفادات. فإلى حد الساعة، كل التحقيقات ذهبت باتجاه إثبات "مظلومية" الطلاب العراقيين، الذين وقعوا فريسة شبكات سمسرة، وكشفت تورط موظفين ومعقبي معاملات ومندوبي جامعات استغلوا الطلاب. لكن بعد كل التحقيقات القضائية التي حصلت مؤخراً، لم ينشر اسم أي شخص أو مكتب تخليص معاملات أقدم على تزوير معادلات. بل جرى التلميح إلى ضبط أحد المكاتب في البقاع.
التسجيل من دون إفادة
ما حصل، كما أكد بيان الوزارة، أن المسؤول حضر في اليوم الثاني وسلم الوثائق الصحيحة. والمقصود أنه احضر شهادة الثانوية العامة للطالبة الصادرة من العراق، وذلك بغية تقديم طلب معادلة، والحصول على إفادة معادلة من وزارة التربية، غير تلك
المزورة التي نشرتها "المدن". والأسئلة التي تطرح هنا: لماذا يحضر مسؤول سياسي لتخليص معاملة لطالبة عراقية؟ وكيف وصلته الوثيقة المزورة؟ وهل أبلغ قبل تقديم الإفادة بأنها مزورة أم لا؟ ولماذا لم تتبع الطالبة الأصول القانونية المنصوص عليها في البروتوكول؟ وهل تم تمرير المعاملة من الخارج البروتوكول؟
وتكر سبحة الأسئلة: في أي مرحلة جامعية تسجّلت الطالبة في لبنان؟ ومن أين أتت الوثيقة الصحيحة في اليوم التالي للواقعة، طالما أن الموضوع يتعلق بإفادة معادلة مزورة؟ إذ من المعروف أن الحصول على الإفادة يستغرق وقتاً طويلاً: فبعد تقديم الطالب شهادة الثانوية العامة الصادرة من العراق، تراجع وزارة التربية السفارة العراقية وتتثبت من التسلسل الدراسي للطالب في العراق. ثم تعرض الشهادة على لجنة المعادلات لإصدار معادلة تفيد أن هذه الشهادة تعادل الثانوية العامة في لبنان. ومن دونها لا يستطيع الطالب التسجيل في جامعات لبنان.
عوضاً عن انشغال وزارة التربية حول كيف يتسجل الطالب في جامعات لبنان بإفادة مزورة، وكيف يحصل على معادلة شهادة البكالوريوس، في وقت معادلة الثانوية العامة مزورة، دخلت في سجال للدفاع عن موظف لم يرد ذكره أو التلميح إليه في تقرير "المدن". لا بل عند تعيين هذا الموظف، كتبت "المدن" أن زملاءه يشهدون له كفاءته.
والأخطر من ذلك، وفق مصادر "المدن" المطلعة، سبق وأبلغت المديرية العامة للتعليم العالي المعنيين، وبمن فيهم المسؤول السياسي، عندما وصلها طلب هذه الطالبة أن إفادة معادلة الثانوي مزورة. وأوقف طلب معادلة البكالوريوس لهذا السبب. ورغم ذلك حاول تمريرها في أمانة سر المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي، وحصل ما حصل.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها