الأحد 2024/01/28

آخر تحديث: 17:36 (بيروت)

جثث على الشاطئ التّركيّ:هل تكون للمركب اللبناني المفقود ؟

الأحد 2024/01/28
جثث على الشاطئ التّركيّ:هل تكون للمركب اللبناني المفقود ؟
بعض الجثث التّي عُثر عليها، تفتقد لأطراف وأعضاء وتخوف من عصابات الإتجار بالأعضاء
increase حجم الخط decrease

قليلة هي دول العبور واللجوء – الوجهة الأخيرة، التي تُراعي فعليًّا القانون الدوليّ والشُرع الحقوقيّة والإنسانية في سياسة تعاملها مع اللاجئين الوافدين إليها. وما قضيّة قارب الهجرة غير الشرعيّة (راجع "المدن") المُختفي منذ أكثر من 45 يومًا، سوى نموذج لهذه السّياسة المُجحفة والملتبسة.


جثث مجهولة الهويّة
وفي جديد قضيّة قارب "الموت"، الذي انطلق فجر الثاني عشر من شهر كانون الأوّل الفائت، من الشواطئ الطرابلسيّة حاملًا على متنه ما يربو عن 85 راكبًا من الجنسيات اللّبنانيّة والسّوريّة والفلسطينيّة (بينهم 35 طفلًا)، هو عثور السّلطات التّركيّة، على تسع جثث مجهولة الهويّة، منذ نحو الأسبوع ونيف، بالقرب من سواحل أنطاليا – جنوب غرب تركيا.

ولم يتم حتى اللحظة إجراء أي فحوصات لمعرفة هوية الجثث الثمانيّة المُشتبه أنها عائدة إلى المركب، كفحص الحمض النّوويّ (DNA) ، بالرغم من محاولات الأهالي إرسال عيّنات منها إلى تركيا، وذلك لعدّة عوامل أهمها لوجستيّة، والمتمثلة بعدم وجود مكاتب للصليب الأحمر الدوليّ في تركيا. فيما قد تمّ بالفعل التّعرف على الجثّة التاسعة التّي عُثر عليها، والعائدة إلى طالبةٍ تركيّة تبلغ من العمر 18 عامًا (بحسب مصادر صحافيّة)، فُقدت قبل فترة في أنطاليا. وقد رجّحت السّلطات التّركيّة، فرضيّة أن تكون الجثث الباقيّة عائدة إلى المركب المفقود. فيما تقع صعوبة أخرى أمام المراجع الطبيّة التّركيّة، لإجراء فحوص على الجثث، بسبب الضرّر والتّلف الذي لحقها جراء بقائها مدّةً طويلة في البحر.



إتجار بالأعضاء؟
وأشار مدير مركز "سيدار" للدراسات القانونيّة، المحامي محمد صبلوح إلى "المدن"، أن هناك تخوفًا من أن يكون الاختفاء مقروناً بوقوع المفقودين ضحايا لعصابات إتجار بالأعضاء، خصوصًا أن بعض الجثث التّي عُثر عليها، تفتقد لأطراف وأعضاء.

وحين زار وفدٌ من "سيدار" السفارة القبرصيّة في لبنان، نفى الجانب القبرصيّ توافر أي معلومات لديه عن القارب، وكذلك عن فرضيّة اعتقالهم من قبل خفر السّواحل، أو القاعدتين البريطانيّتين في قبرص. يجري ذلك وسط غياب أي تعليقٍ لبنانيّ رسميّ على القضيّة، بالرغم من إثارتها لدى المراجع القضائيّة المُختصة، التّي ترفض إصدار بيانات الاتصال الخاصّة بالركّاب، فيما توكلت وفق صبلوح، شعبة المعلومات التّابعة لقوى الأمن الداخليّ، مهمة التّحقيق.

يُذكر، أن أهالي المفقودين سبق وقدموا عيّنات من الحمض النّوويّ، بغيّة مطابقتها مع جثتين وجدتا على السّاحل السّوريّ في طرطوس، قبل عدّة أيام، فيما من المتوقع صدور النتائج قريبًا.


سيناريو الإخفاء القسريّ
وبحسب صبلوح، فالمشاورات مع الجانب التّركيّ مستمرة، لإجراء الفحوصات، قائلًا:" سنتلقى هذا الأسبوع، الجواب عن طلباتنا الملّحة لإجراء هذه الفحوصات، ونحاول جاهدين ولو الإمساك بخيط أملٍ رفيع، لتحديد مصير المختفين، لطمأنة ذويهم والوصول إلى خاتمة لهذه القضيّة". ولا ينفي صبلوح، أن سيناريو الإخفاء القسريّ المتعمد للركّاب في قبرص لا يزال واردًا.

وهذا السّيناريو، تُدعمه مؤشرات وشواهد عدّة، أبرزها، ظهور مقطع فيديو مُصوّر، يظهر المركب المُختفي بعد 4 ساعات من انقطاع الاتصال به (لحظة وصوله المياه الإقليميّة)، متوجهًا في مساره الصحيح نحو قبرص، أي أنه من الوارد وصول المركب إلى قبرص بالتّوازيّ مع باقي المراكب، واعتقال ركابه من السّلطات القبرصيّة (كما حصل سابقًا مع عدّة مراكب هجرة)، بغية ترهيب اللاجئين من الهجرة غير الشرعيّة، تماشيًّا مع السّياسيّة الأوروبيّة الجديدة مع المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين.

إن الدولة اللبنانية، وكما أشرنا سابقًا في أولى تقاريرنا عن قضية المركب (راجع "المدن")، مُلزمة باستقبال اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، القادمين أو العابرين من أراضيها، كما تقضي الاتفاقيّة الثنائيّة التّي وقعتها الدولة – الجزيرة مع لبنان عام 2004، التّي ألزمته بوقف العبور الحدوديّ غير الشرعيّ والهجرة غير الشرعيّة للأفراد من لبنان. لكن المفارقة تقع، أن قبرص، إن كانت حقيقةً قد أخفت هؤلاء، فرسالة التّخويف موّجهة لكل المهاجرين القادمين من أفريقيا وسوريا، وليس فقط للمهاجرين القادمين من لبنان.


العثور على مركب آخر
وفي سياقٍ موازٍ، عُثر منذ عدّة أيام وتحديدًا في 24 كانون الثاني الجاريّ، على مركب هجرة غير شرعيّة آخر، كان أنطلق من السّواحل اللّبنانيّة في 18 كانون الأوّل الفائت، أي بعد أيام قليلة على الإختفاء الكلّي للقارب الآنف الذكر، وأفادت السّلطات القبرصيّة عن إنقاذها لـ 60 مهاجرًا، قبالة سواحلها، بعدما أبلغت سفينة تجاريّة عن وجود قارب صيد خشبيّ صغير قبالة كاب غريكو، في جنوب شرق الشطر اليوناني من قبرص، لترسل السلطات طائرات هليكوبتر للإنقاذ ومراكب شراعيّة وسفن الدوريات، وكان بين الركّاب ثلاثة أطفال ورجل فاقدين للوعيّ، وقد توفيّ طفل من بينهم، بعد إسعافه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها