الأحد 2024/01/28

آخر تحديث: 11:24 (بيروت)

"الوسط المفقود": انهيار هيكل الطبقة العاملة وأنظمة الحماية

الأحد 2024/01/28
increase حجم الخط decrease

نستكمل، في ما يلي، ما بدأناه عن فئة "الوسط المفقود" (راجع "المدن")، هذه الفئة من المواطنين التي توسّعت بعد الأزمة. وسنحدد فئات العمال والعاملات الرئيسة التي تشكل هذه الطبقة العمالية.

النشاط غير النظامي
تشمل هذه الفئات العمالية المياومين في الشركات والمرافق العامة والهيئات البلدية، وكذلك العاملين في القطاع الخاص غير النظامي. إضافة إلى ذلك، فإن العمال/العاملات الموسميين، والعاملين لحسابهم الخاص، والعاملين بدوام جزئي، والمهاجرين/ات، بما في ذلك عمال وعاملات  النظافة وعمال وعاملات الزراعة. فهؤلاء يتم تعيينهم باليوم ويتقاضون أجرًا بالساعة مقابل خدماتهم. 

كما يعاني لبنان من معدلات مرتفعة للغاية من النشاط غير النظامي في مختلف القطاعات.

بعد الأزمة الاقتصادية، ظهرت فئة جديدة من "الوسط المفقود" في لبنان، وهم المسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكنهم باتوا يُعتبرون من "الوسط المفقود" بسبب تدهور قيمة مستحقاتهم بالليرة اللبنانية، مقارنة بالقيمة الحالية لسعر الدولار. أيضاً، هناك نسبة كبيرة من السكان العاملين في لبنان المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن برواتب زائفة، وأعداد هؤلاء العمال\ت غير متوفّرة.

وبالتالي، فإن "الوسط المفقود" في لبنان يضم أولئك الذين يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية والمساعدة الاجتماعية، إضافة إلى فئة العاملين المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذين لا يستفيدون منه، بسبب انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، أو بسبب التصريح عن رواتبهم بطريقة زائفة. 

هذه الفئة الجديدة التي ظهرت بعد الأزمة وسّعت نطاق الوسط المفقود ونسبته في لبنان.

هكذا أصبح العاملون اللبنانيون الرسميون في القطاع الخاص والمسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعتبرون الآن من "الوسط المفقود". 

بلا مزايا "الضمان"
ووفقاً لأرقام مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية CeSSRA، فإن حوالى 27% من إجمالي عدد العاملين في القطاع الخاص مسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ويمثلون 33.1% من مجموع السكان. وللأسف البيانات عن هؤلاء العمال الذين تم الإعلان عن رواتبهم بشكل خاطئ أو مزور، غير متوفّرة.

وحسب تقرير للإسكوا لعام  2023، فإن 50.9% من أصحاب العمل والعاملين لحسابهم الخاص يعملون في القطاع غير النظامي. أي أن  هناك نسبة عالية من النشاط غير النظامي بين العاملين لحسابهم الخاص، أي الذين يعملون في مشاريع صغيرة، كما تظهر الدراسة، وتصل إلى 75% في لبنان.

وتشهد قطاعات الزراعة والبناء والتجارة والنقل أعلى مستويات العمالة غير النظامية في لبنان.

فالعمّال في الوسط المفقود يجدون أنفسهم خارج حماية قانون العمل، مما يتركهم من دون مزايا الضمان الاجتماعي. ومن الضروري توسيع نطاق تغطية أحكام الضمان الاجتماعي من أجل حمايتهم. 

بشكل عام، قبل الأزمة، كان 1 من كل 3 مواطنين لبنانيين (34.3%) مستبعدًا تمامًا من نظام الحماية الاجتماعية، ما يعني أنهم يعيشون في أسر لم تحصل على أي فوائد من برامج الحماية الاجتماعية، ولم يكن أي فرد منتسبًا إلى أي نوع من أنواع الحماية الاجتماعية. ومن المؤكد أن هذه النسبة أعلى الآن، ما بعد الأزمة.

أما بالنسبة للأشخاص العاطلين عن العمل الذين لا يتلقون أي إعانات بطالة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وليس لديهم مساعدة اجتماعية فيشكلون 29.6% من إجمالي القوى العاملة اعتبارًا من عام 2022، وفقًا لمسح القوى العاملة.

وإذا قمنا بالعملية الحسابية في العام 2022، فإن 34.9% من العاطلين عن العمل لديهم تغطية عامة (مقارنة بـ 42.4% في عام 2019).

وبالعودة إلى تحديد فئات الوسط المفقود هناك معدلات عالية من العمال المياومين مثلاً في شركة كهرباء لبنان، وشركة شراء وتصنيع وبيع التبغ (Régie des Tabacs et Tombacs)، وشركات المياه المملوكة للدولة، والبلديات، والمستشفيات العامة.

كيف تتوزع فئات "الوسط المفقود"؟ 
العمال المياومين في القطاع الخاص هم عادة عمال وعاملات يعملون بشكل غير نظامي يتم تعيينهم يومياً من قبل واحد أو أكثر من أصحاب العمل. يتقاضون رواتبهم مقابل إجمالي عدد ساعات العمل يومياً. 

قبل أزمة 2019، كان 1 فقط من كل 10 عمال بناء وزراعة يتمتعون بإمكانية الوصول إلى التأمين الاجتماعي المتعلق بالعمل في لبنان. يعمل العاملون لحسابهم الخاص فقط ولأنفسهم ويتعاقدون مع العملاء مباشرة.

وفي لبنان، تُستثنى هذه الفئة من العمال من أحكام قانون العمل الذي ينظم علاقة العمل بين صاحب العمل والموظف. 

ولا تشمل هذه الفئة المهن الحرة مثل الأطباء والمهندسين، والمهندسين المعماريين والمحامين،  ومن ثم، يتم استبعاد العاملين لحسابهم الخاص من برامج الضمان الاجتماعي الإلزامية العامة المخصصة للموظفين الرسميين. 

يتوفر برنامج الضمان الاجتماعي الطوعي للعاملين لحسابهم الخاص. ولكن مع ذلك، ونظرًا لانخفاض مساهمته في السداد المشترك، تقدر نسبة المنضمين إلى المخطط التطوعي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بحوالي 1% فقط. وبالتالي، فإن العاملين لحسابهم الخاص مستبعدون بحكم الواقع من الضمان الاجتماعي.

في لبنان، غالباً ما يكون العمال غير ملزمين بعقد عمل وغير مشمولين بالضمان الاجتماعي، أو أنهم مشتركون في الضمان الاجتماعي برواتب مزورة، لكي يتهرب صاحب العمل من التكاليف الاجتماعية للعمل. والعاملون بدوام جزئي، من بين أمور أخرى، يشملون النوادل وموظفو الاستقبال ووكلاء مراكز الاتصال.

نظام الكفالة
العمال المهاجرون/ات هم عمال يعملون في بلد مضيف ويخضع عملهم وإقامتهم إطار تنظيمي محدد. في لبنان، يندرج العمال المهاجرون/ات تحت نظام الكفالة ويشمل: 

العمال المنزليين/ات والعمال الزراعيين/ات المستبعدين/ات من قانون العمل. وبالتالي، لا يستفيدون من الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى فئات أخرى من العمال غير النظاميين، والعمال النظاميين الأجانب الملتزمين باتفاقية عمل. 

وحسب أرقام مسح العمل 2018/2019 فإن 17.2% فقط من العمال غير اللبنانيين في القطاع النظامي مسجلون فعلياً في التأمين الاجتماعي، أو حصلوا على تأمين خاص من قبل صاحب العمل، وهي أعلى نسبة بين العاملين في الإدارة العامة (58.9%) والأدنى في الزراعة (1.9%). 

وعلى الرغم من خضوعهم بمساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن 93% من العمال الأجانب النظاميين غير مؤهلين للحصول على المزايا، بسبب غياب اتفاقيات المعاملة بالمثل بين بلدانهم الأصلية ولبنان، وبدلاً من ذلك، لا يحصلون إلا على تعويضات نهاية الخدمة المغطاة فقط بنصف مساهمة الراتب البالغة 25.5% في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بحسب (منظمة العمل الدولية، 2020).

(*) للمزيد من المعلومات تابعوا حملة "مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية":

https://socialsciences-centre.org/

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها