الثلاثاء 2023/04/04

آخر تحديث: 12:27 (بيروت)

مواجهة مع مفوضية الأممية: الوزراء اللبنانيون يطمعون بأموال اللاجئين

الثلاثاء 2023/04/04
مواجهة مع مفوضية الأممية: الوزراء اللبنانيون يطمعون بأموال اللاجئين
الوزير حجار: المساعدات لكل أسرة لاجئة سورية، أكثر من راتب وزير (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

يتقدم ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، إلى الواجهة مجدداً، من بوابة الخلاف المستجد بين الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حول القيمة المالية للمساعدات التي تسعى الأخيرة إلى تقديمها للاجئين السوريين.  

التحولات السياسية
في السياسة، فشل لبنان بتنفيذ خطة عودة اللاجئين السوريين، التي جرى التسويق لها في صيف العام الماضي، وتبددت بفعل الخلافات السياسية حولها داخل الحكومة، وعدم تبنيها من المجتمع الدولي، ناهيك عن عدم إقدام السوريين على تقديم طلبات العودة لدى الأمن العام اللبناني. لكن التصلب بالموقف الرسمي اللبناني اليوم، يستند إلى ظروف إقليمية مختلفة، لا تصب في مصلحة اللاجئين والرافضين لخطة العودة، في ظل انفتاح دولي وعربي، وخليجي–سعودي تحديدًا، هو الأول من نوعه على النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، متقدمًا نحو عتبة العودة إلى جامعة الدول العربية.  

وإذا كان ملف اللاجئين السوريين يسخن في أكثر من دولة من لبنان إلى تركيا والأردن، فإن كل المطالبين بعودتهم إلى بلادهم، يعتبرون هذا المطلب جزءاً لا يتجزأ من شروط أو بنود عودة النظام رسميًا إلى الحاضنة العربية والانفتاح عليه. هذه التطورات مع تفاصيل كثيرة أخرى تتمحور حولها، دفعت وزارة الشؤون الاجتماعية إلى رفع السقف بوجه المفوضية، بإعلانها رفض توجهها إلى رفع قيمة المساعدات المالية للسوريين في لبنان.  

راتب الوزير
بالأمس، وفي لقاء جمع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار أمام وفد ضم المنسق العام المقيم للأمم المتحدة عمران ريزا، ممثل مكتب المفوضية إيفو فرايجسن ومدير برنامج الأغذية العالمي عبدالله الوردات، بحثوا في مسألة زيادة المساعدات النقديّة المخصصة للنازحين السوريين في لبنان؛ أعلن حجار "عدم موافقته على أي طرح لا ينطلق من مبدأ العدل والمساواة بين اللبنانيين والنازحين السوريين الموجودين بضيافته على أرضه".  

وتفيد معطيات "المدن" حول مضمون الخلاف، أن المفوضية طلبت السماح لها بدفع مبلغ تصل قيمته إلى نحو 45 دولاراً شهريًا لكل عائلة مسجلة لديها، ورفع مستحقات كل أسرة بالليرة من 2 مليون و500 ألف إلى حوالى 15 مليون ليرة.    

هذه الأرقام، شكلت استفزازًا لوزير الشؤون، لدرجة أن أوساطاً حكومية وضعتها "في خانة تهديد الاستقرار بين اللبنانيين والسوريين، وزعزعة الأمن مع تجاوز قيمة المساعدات لكل أسرة لاجئة سورية، أكثر من ضعفي راتب موظف عام، وحتى أكثر من راتب وزير".  

وفي حديث مع "المدن"، يعتبر حجار أن ثمة اختلافاً جذرياً بوجهات النظر بين وزارته والمفوضية، و"بالنسبة لنا، لا نقبل ولا نستطيع أن نوافق على أن تكون المساعدات التي تعطى بالليرة اللبنانية للسوريين، تتجاوز قيمة راتب مدير عام أو محافظ بالدولة اللبنانية أو وزير أو نائب".  

ويقول حجار: "نحن في أوضاع متردية جداً في لبنان، والقطاع العام بحالة إضراب من دون النظر إلى رواتبه، وحين يرى اللبناني أن السوري في بلده يتقاضى مساعدة أكثر من راتبه، سيشكل ذلك بيئة للنزاعات ويهدد الاستقرار الذي نحرص عليه، وهذا ما جعلني أصر على رفض رفع قيمة المساعدات" (راجع "المدن").  

تعثر العودة  
عملياً، بدأت خطوة العودة أولى مفاعيلها سنة 2017، ثم توقفت بفعل جائحة كورونا والتطورات التي شهدها لبنان، إلى أن أعلن لبنان استئنافها بتصور جديد في تشرين الأول 2022، رغم كل الانتقاد التي واجهها من منظمات حقوقية ودولية، والتي هاجمها حينها المدير السابق للأمن العام عباس إبراهيم.  

ويذكر أن الأمن العام أعلن رقمًا رسميًا جديدًا حول وجود 2 مليون و80 ألف لاجئ سوري على الأراضي اللبناني، معظمهم غير مسجلين رسميًا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين السوريين (UNHCR)، وأن 42% من نزلاء السجون اللبنانية هم من السوريين، وأن الأمن العام تمكن منذ إطلاق خطته في 2017 من إعادة 540 ألف سوري طوعًا إلى بلدهم.  

وهنا، يقر حجار أن خطة العودة حاليًا مجمدة، "لكن هناك ديناميكية تحرك جديدة لمستها بعد زيارة جنيف وبروكسل وباريس، وربما أتحرك إلى سوريا، لتحريك عجلة هذا الملف".  

كل ذلك، على حد قوله، "لتفعيل مخرج جديد لخطة العودة، وعلينا أن نذهب إلى مؤتمر دولي بمشاركة الجميع لتقييم وضع السوريين المقيمين في لبنان، ومعظمهم ليسوا بالحقيقة نازحين".  

جرائم بحق شعبين
وواقع الحال، ينحدر معظم اللاجئين السوريين في لبنان من مدن وأرياف سورية دمرت الحرب بنيتها التحتية، كما تفتقر إلى الخدمات الأساسية، ناهيك عن الهاجس الأمني والملاحقات التي تثير الرعب في النفوس السوريين الخائفين من بطش النظام.  

ويجد خبراء أنه رغم الضغوط الهائلة التي يعاني منها المجتمع اللبناني بسبب الانهيار أولًا، الذي تسببت به السلطة وتحاول تحميله للاجئين السوريين، فالحل لا يمكن أن يكون جزئيًا أو جانبيًا. وإذا كانت خطة العودة الطوعية ضرورة بصيغة مختلفة، قد يصعب تحقيقها ونجاحها وتفادي تداعياتها الكارثية على البلدين، إذا لم تقرن بحل سياسي عربي ودولي شامل بعد 12 عامًا من حرب لم تتوقف، مع مراقبة أممية، لسلوك نظام لا "يتوب" ولا يعتذر عن كل جرائمه التاريخية بحق الشعب السوري، واللبناني أيضًا.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها