الثلاثاء 2023/04/18

آخر تحديث: 11:57 (بيروت)

أساتذة "إنقاذ الجامعة اللبنانية" يفجّرون فضيحة الأبحاث العلميّة المدعومة

الثلاثاء 2023/04/18
أساتذة "إنقاذ الجامعة اللبنانية" يفجّرون فضيحة الأبحاث العلميّة المدعومة
اتهامات بصرف أموال للأساتذة المقربين والمحظيين! (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

منذ ثلاثة أيام وفضيحة الأبحاث المدعومة، تتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي وبين جموع أساتذة الجامعة اللبنانية والطلاب. والتّي أثيرت على هامش الجلسة الأولى لمجلس المندوبين في الولاية الانتخابية (2023 ـ 2025) حين أشار أحد أعضاء رابطة الأساتذة المتفرغين ومندوب كلية العلوم-الفرع الأول، علاء غيث، إلى توزيع لأموال الجامعة اللبنانية على نحو مشبوه، كاشفًا عن تقاضي المقربين من رئيس الجامعة بسام بدران مبالغ تتجاوز 500 مليون ليرة لكل بحث مدعوم، بصرف النظر عن قيمته، وحُوِّل المبلغ على سعر صيرفة 38000 ليرة للدولار الواحد.

فضيحة إدارية
وعقب الفضيحة المتداولة، راجت موجة من الغضب المقرونة ببيانات الشجب والاستنكار، ناهيك بالتساؤلات التّي أثيرت حول ظروف صرف مثل هذه المبالغ الطائلة، في حين يعيش الأساتذة والموظفون بالحدّ الأدنى من المساعدات والرواتب الفاقدة لقيمتها، ما أثر على العمل الأكاديمي والقدرة التشغيلية للجامعة، ثم لتطال شفافية ونزاهة إدارة الجامعة (التّي لم تنشر بعد أسماء المقبولين وأبحاثهم المقبولة كما درجت العادة المنصوصة أساسًا في قانون الجامعة).

ومن جملة البيانات وأكثرها تداولاً كان بيان تجمع "أساتذة إنقاذ الجامعة اللبنانيّة" وهو مؤلف من عدد من الأساتذة الرافضين لذكر أسمائهم (لاعتبارات أمنية وإدارية)، والذين استنكروا الفضيحة قائلين: "في وقت "يشحذ" فيه الاستاذ الجامعي، وبدلاً من تحويل الأموال لتعزيز الراتب لصمود الأستاذ الجامعي، نرى الأموال تذهب خلسة للمقربين والمحظيين الذين يتزلف بعضهم للرئيس، والذين يصفقون له ويرغمون زملاءهم على الصمت أو الحضور المذل للجامعة". واعتبروا "أن هذه الفضيحة لا يجوز أن تمر مرور الكرام، لأن القول إن الأموال وزعت على المتقدمين للأبحاث حتى لا تخسرها الجامعة، حجة واهية، فبإمكان رئيس الجامعة طلب نقل اعتماد". منتقدين ما أسموه "تدجين العمل النقابي وأسلوب الرئيس في حضور جلسات الرابطة وأسلوبه الواضح لمنع أي تحرك قد ينقذ الأساتذة من العوز والذل الحالي".

الميزانية والمشاريع البحثية
وعليه، تواصلت "المدن" مع المسؤول الإعلامي لتجمع "أساتذة إنقاذ الجامعة اللبنانية" الذي أشار إلى تفاصيل الفضيحة قائلاً: "درجت العادة في الجامعة اللبنانية منذ سنوات، على الإعلان عن فتح باب التقدم لمشاريع ومخططات بحثية (ذلك ضمن النشاط الأكاديمي المعتاد)، وهذه الأبحاث لها ميزانية خاصة توافق عليها اللجان المعنية. وبعد الموافقة، يُبرم عقد بين رئيس الجامعة والباحث الذي يستلف هذه الميزانية. وقد درجت العادة على نشر هذه الأبحاث بأسماء الباحثين على موقع الجامعة وفي الكليات كحقّ منصوص عليه في القانون اللبناني، وفي قانون الجامعة، والمتمثل بحق وحرية الوصول إلى المعلومات، وللاستفادة من هذه الأبحاث أكاديميًا. اللافت هو عدم إعلان الأسماء بصورة مريبة جدًا، والأخطر أنه قد تمّ النظر بمثل هذه الأبحاث، بينما باقي الأعمال الأكاديمية متوقفة حاليًا، ففي أي مختبرات أقيمت هذه الأبحاث؟ وبعد تصريحات متكررة عن عدم إمكانية تحسين رواتبنا كأساتذة ما كلفنا العيش في الفاقة والمهانة، كيف تصرف مبالغ بإمكانها أن تنتشلنا وأسرنا مؤقتًا من وضعنا المأزوم، على أبحاث لا نعرف ما هي ولمن صرفت أموالها؟"

ويُضيف: "ولما كان المندوبون قد عوّلوا في الجلسة (التّي أقيمت منذ حوالى خمسة أيام) والتّي شارك في افتتاحها رئيس الجامعة بسام بدران، بدعوة من رئيس مجلس المندوبين علي رحال.. على طرح خطط إنقاذية تتضمّن خريطة عمل واضحة، والتركيز على الأولويّات التّي تشغل هؤلاء، أهمها تصحيح الرواتب وإنعاش صندوق التعاضد، اصطدم هؤلاء بواقع الطروحات التّي شذّت عن مطالبهم. بل وبفضيحة استفزتنا وأكدّت لنا أن انتهاج إدارة الجامعة لمسلكها هذا أوصلها لممارسة فسادها العلانيّ بكل وقاحة!"

رد رئاسة الجامعة
وعطفًا على بيان التجمع الاستنكاري، أصدر المكتب الإعلامي لرئاسة الجامعة بيانًا  نفى فيه الاتهامات التّي وجهت بحق رئيس الجامعة، بصرف مبالغ للمقربين منه من ميزانية الأبحاث العلمية. واعتبر البيان هذه الاتهامات والادعاءات لا تمت إلى الواقع بصلة. إلا أن البيان اشتمل على ذكر ثغرة محوريّة تضمن اعترافًا بقبول طلبات البحوث العملية (بالرغم من عدم تحويلها المبالغ هذه) جاء كالتالي: "الجامعة لم تقم بتحويل أي من المبالغ المالية إلى المصارف، علماً أن المبالغ التي يحكى عنها لا تقارن نسبتها في هذا المجال عما كان يُعتمد سابقاً من ميزانيات أكبر للبحث العلمي. وقد سبق للجامعة وأن اتخذت كل الإجراءات القانونية بكل شفافية واتبعت الآليات المعتمدة في قانونها بما في ذلك موافقة ديوان المحاسبة على المبالغ المقترحة".

وهذا البند من البيان، تلقفه تجمع "أساتذة إنقاذ الجامعة اللبنانية" واعتبروه اعترافًا بأن المبالغ بالفعل قد تمت الموافقة عليها. وفي هذا السّياق يشرح المسؤول الإعلامي قائلاً: "رد الرئيس عبر مكتبه الإعلامي تضمن إقراراً صريحاً بدفع مبالغ طائلة على مشاريع بحث لا حاجة لها في الوقت الراهن، خصوصاً أن لا قدرة تشغيلية للمختبرات ومراكز البحث، فكيف ستطبق هذه الأبحاث أو تنجز على أرض الواقع؟ إلا إذا كانت ستطبق في فرنسا أو من خلال الطلاب". لافتًا لكون "الحق بالوصول للمعلومات مقدس، وليس نشر نتائج البحث حكرًا على المرشحين للبحث المدعوم، ونطالب بذكر الأسماء فورًا، اللهم إذا كان الرئيس يحجب الأسماء لكي يحميهم، وأن الأبحاث المدعومة هذه هي عينة على الفساد المستشري والإفلاس، فضلاً عن التنفيعات والمحسوبيات".

خاتمًا قوله "للمدن": "منذ فترة وجيزة توفي زميلنا الدكتور ألبرت بركات بسبب عدم قدرته على متابعة علاجه المُكلف، نحن وأبناؤنا نموت اليوم ونجوع، ورئيس الجامعة يقوم بصرف أموال الجامعة للأبحاث العلمية. لو كان هناك قضاء ومرجعية تحاسب مثل هذه الارتكابات ما كنا وصلنا إلى هذا المأزق الصعب. نحن نعاني اليوم وفاقدون للأمل من هذه الجامعة، التّي تطحن الأساتذة كما الطلاب وترميهم خارج دائرة الاستقرار والحقوق اللصيقة".

يُذكر أن "المدن" حاولت التواصل مع إدارة الجامعة والمكتب الإعلامي لرئيس الجامعة، من دون الحصول على أي ردّ.

ويبدو أن لا جديد يُطرح في مضمار الحلول لمأزق الجامعة اللبنانية، سوى الحلول السّطحية وضحالة التصريحات الرسميّة وتعاقب الفضائح المخزيّة، ولما كانت انطلاقة التخطيط والتنفيذ للاستراتيجيات وسياسات الإنقاذ الضرورية والأصيلة للنهوض بالجامعة وأهلها من الدرك الأسفل للانهيار، محتجزة منذ سنوات في أدراج الحكومات المتعاقبة (أبرزها حكومة ميقاتي)، بانتظار الانفراجة السّياسيّة، وتقاعس إدارة الجمعة عن الالتزام بالإصلاحات، تتخبط الجامعة اللّبنانية اليوم بكادرها الأكاديمي وطلابها في الحقلة المفرغة ذاتها من الأزمات المعيشية والتعليمية والوعود فضلاً عن الفضائح المتواليّة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها