الخميس 2023/03/09

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

"صوتكِ، قوتكِ" في بيت بيروت: نساء المدينة يحتفلن ويعترضن

الخميس 2023/03/09
"صوتكِ، قوتكِ" في بيت بيروت: نساء المدينة يحتفلن ويعترضن
احتفاء بمدينة احتوت على نسوة مثلّن دورًا عنيدًا في الحضور (المدن)
increase حجم الخط decrease

وسط اللوحات التشكيليّة والصور الفوتوغرافية صاخبة الألّوان والمنحوتات التعبيريّة والخزفيات المزركشة، وقفت عصر اليوم 8 آذار الجاري، عشرات النّسوة اللّبنانيات من شتّى الخلفيات والمجالات احتفاءً واحتفالاً بعيدهن العالمي، في مبنى "بيت بيروت" التراثي المتسامق في قلب العاصمة منذ عشرينيات القرن الماضي، كشاهدٍ صامت على تبدل المدينة المنكوبة اليوم والمزدحمة بالتناقضات والتحولات. وفي مساحة المعرض الفنيّ الذي حمل اسم "صوتكِ، قوتكِ"، جالت النسوة بقيافتهن الرسمية وأناقتهن المعهودة، تتأمل كل واحدةٍ منهن الأعمال الفنيّة البديعة والتّي اندرجت باختلافها تحت محور اليوم: "المرأة". فيما لم يخل الاحتفال من طيف الحديث عن الصعوبات والتحديات التّي تجترح يوميات المرأة اللّبنانيّة وأهمها: التمثيل السّياسيّ.

معرض فنيّ
والمعرض الفنيّ بعنوان "صوتكِ، قوتكِ" الذي نُظّمَه عصر اليوم وبمناسبة يوم المرأة العالمي، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع الاتّحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وشارك في افتتاحه الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هاونشتاين وممثل عن سفارة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان وسفير بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف، حضره عدد من ممثلي جمعيات المجتمع المدني، وناشطات وناشطون في الحقل العام وفنانين من مختلف المجالات.. وسط تواجد ملحوظ لوسائل إعلام محلية وعالميّة انشغلت بتصوير الاعمال الفنية لأربعة وعشرين فنانة لبنانيّة.

وقد لفت البيان الذي نشرته الجهات المنظمة سابقًا الى أن "المعرض يهدف إلى الاحتفال بأعمال نساء لبنانيات في مختلف الصعد، مثل الرسم، التصوير، السيراميك، الموسيقى وغيرها. كما يسعى إلى تسليط الضوء على إنجازات النساء، وتحفيزهن على المشاركة في الحياة العامة والسياسية، من أجل تحقيق التغيير المرجو في لبنان".

وفيما استهل الاحتفال بفقرة موسيقية للعازفة غنوى نمنم على آلة القانون، ولحقتها كلمة الافتتاح لكل من ممثلي الجهات المنظمة الذين أشادوا بالأعمال الفنيّة المطروحة، وأكدّوا على أهمية العمل على تمكين نسوة لبنان من الجانب التقنيّ والقانوني، وتحسين ظروف تمثيلهن السّياسيّ معربين عن قلقهم من انحساره في لبنان الذي كان في طليعة الدول التّي أقرّت بحقوق المرأة السّياسيّة والمدنيّة وغيرها والأمر الذي تجلى في الانتخابات البرلمانية والبلديّة السّابقة، متمنين عدم حصوله في الانتخابات البلديّة المقبلة، وأشاروا لكونهم معنيين بشكل مباشر بهذا الشّق وأنّه من أولويات عمل الجهات الدولية في لبنان. ومن بعدها عُرض مقطع فيديو قصير يتناول مطالبات المرأة اللبنانية اليوم في خضم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة.

الانتخابات البلديّة
ولاحقًا أُقيمت جلسة حوارية أدارتها الإعلاميّة رنيم بو خزام، شاركت فيها المحامية ورئيسة جميعة نواة للمبادرات القانونيّة "سيدز" والتّي تناولت في حديثها الأزمات الحقوقية التّي تُعاني منها المرأة اللبنانية، خصوصاً بما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصيّة وقانون العقوبات، التّي جعلت المرأة مواطنة من درجة ثانية ومرتهنة للأوصياء عليها من الرجال والذكور، فيما أكدّت أن انخراط المرأة بالشّأن السّياسيّ ليس امتيازًا، بل هو حقّ متأصل وبديهي. ولفتت لأهميته في ظلّ استفحال القوى السّياسيّة الموصومة بالذكوريّة الفجّة بمراكمة العجز العام والفساد.

وأكدّت على كلامها رئيسة لجان أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد الحلواني، التّي روّت تجربتها كامرأة عايشت ويلات الحرب الأهلية الـتّي فُقد فيها زوجها وكأمّ لطفلين اضطرت لمواجهة تبعات فقدان الزوج في نظام ديني فجّ وأبويّ، ونظام أحوال شخصيّة منعها من المضيّ في حياتها وتربية أطفالها بصورة حرّة وطبيعيّة، ورحلتها في النضال لتحسين ظروف لجان أهالي المفقودين والمخطوفين، وأخيرًا في كشف النقاب عن الفساد الفضائحي في هذا الملف.

لتعود الناشطة والمرشحة السّابقة في الانتخابات البلدية أمل الشريف، لتروي سيرتها كامرأة من ذويّ الاحتياجات الخاصة، والتمييز المُضاف للذكورية المقيتة التّي تعرضت له جراء "إعاقتها" كما أسمتها. مشيرةً لكون هذه الإعاقة لم تحلّ دون قيامها بعملها كمصممة جرافيكية، متناولةً تجربتها في الانخراط بالعمل السّياسيّ ترشحًا للانتخابات البلديّة السّابقة عن لائحة "بيروت مدينتي" كامرأة أولاً ومن ذويّ الاحتياجات الخاصة ثانيًا، والتّي حصلت فيها على ثلاثين ألف صوت. وشددت على أهمية تكريس المناصفة بين الرجل والمرأة في التمثيل السّياسيّ وحقّ المرأة بتقديم ما لديها بحريّة.

وأخيرًا، تحدثت رئيسة جمعيّة "فيفتي – فيفتي" جويل بو فرحات، مشيرةً لأن المرأة اللبنانية ليست بحاجة إلى إرشاد، بل إلى تمكين تقنيّ وتعزيز، مشيدةً بدورها في وضع القوانين وسنّها واجتراح التّغيير. وأعربت عن قلقها من التمثيل السّياسيّ المحدود: 8 مقاعد نيابية و600 من أصل 12000 منصب بلديّ و1.9 بالمئة من المخاتير، معتبرةً أن هذا التمثيل أقلّ ما يقال عنه بالمجحف، واستفاضت بالإشارة إلى الطرق لتدعيم وتمكين النسوة المتقدمات للمناصب التمثيليّة وأكدّت على أهميتها التغييرية، متمنيةً عدم تكرار هذا الأرقام في الانتخابات البلدية المقبلة قريبًا. واعتبرت أن التمثيل النسائي إن كبر فهو المدخل الأول للدولة المدنية المرجوة.

لا شكّ أن لهذا النوع من النشاط الثقافي إسهام مباشر في إعادة قليل من المدينية التّي سُلبت قسرًا من بيروت كعاصمة كانت نابضة بالحيوية الاستثنائية، ولعلّه يعيد للحاضرين في "بيت بيروت" الصرح الشاخص للذاكرة الجمعية وتدهور المدينة المطرد والاستثنائي كما نهضتها، قليلاً من اللمحات عن تاريخ مدينة احتوت على نسوة مثلّن دورًا عنيدًا في الحضور والمقاومة وتشييد بيروت النموذج الثقافي والنهضوي الآفل، واليوم في إعادة بيروت للطفٍ مضمحل لصالح تفشي العنف والهلهلة والبؤس العمومي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها