الثلاثاء 2023/03/14

آخر تحديث: 15:52 (بيروت)

الليسه عبد القادر: أين ذهبت أموال المساعدات الفرنسية؟

الثلاثاء 2023/03/14
الليسه عبد القادر: أين ذهبت أموال المساعدات الفرنسية؟
صرفت المدرسة مساعدات اليورو إلى الليرة اللبنانية واستفادت على حساب الطلاب (موقع المدرسة)
increase حجم الخط decrease
أسوة بعدم التزام إدارات المدارس الخاصة بمبدأ الشفافية في الكشف والتدقيق في موازنتها مع لجان الأهل، لم تلتزم مدارس البعثات والتوأمة الفرنسية بالشفافية حيال المساعدات التي قدمتها الدولة الفرنسية للطلاب. وكان من الطبيعي أن تتضارب مصالح الأسرة التربوية في القطاع الخاص (أهالي الطلاب وإدارات المدارس والهيئات التعليمية)، في ظل عدم تدخل وزارة التربية، عبر مصلحة التعليم الخاص، لضبط الفوضى. فقد أطلقت المدارس يدها وراحت كل واحد منها تتعامل بطريقتها من دون أي رادع قانوني. واستسهلت المدارس مد يدها على جيوب أهالي الطلاب، وأنشأت صناديق خاصة لجمع الأقساط بالدولار، من خارج الموازنة المدرسية، ولا تخضع لتدقيق لجان الأهل. وكانت النتيجة أن الهيئات التعليمية إما حصلت على مساهمات هزيلة بالدولار (مع استثناءات لمدارس معدودة تدفع نحو خمسين بالمئة من الراتب بالدولار) أو لم تحصل على أي مساهمة بتاتاً. 

لكن هذه الفوضى "اللبنانية" في التعامل مع أهالي الطلاب امتدت إلى مدارس البعثات الفرنسية ومدارس التوأمة الفرنسية. فرغم أن هذه المدارس فرضت أقساطاً على أهالي الطلاب بالدولار وبالليرة اللبنانية مطلع العام الدراسي، وعادت وتلقت مساعدات من الدولة الفرنسية، لم تنعكس تلك الأموال تحسناً في وضع الأساتذة، فلجأوا إلى الإضراب، كحال مدرسة الليسه عبد القادر في بيروت.

رفع الأقساط بعد الإضراب
في مطلع العام الدراسي الحالي طلبت الإدارة من الأهل، إضافة إلى القسط اللبناني (تراوح بين 19 و25 مليون ليرة) مبلغاً تراوح بين 500 و600 دولار، بحسب كل مرحلة تعليمية. فالمدرسة لم ترفع أقساطها بالدولار بما يوازي ما فعلت مدارس البعثات الفرنسية (وصل القسط بالدولار في الليسه الكبرى إلى 1600 دولار) بسبب افتقارها إلى مبنى مدرسي مستقل، وإلى عدم وجود خدمات مدرسية توازي باقي المدارس، يقول أهالي طلاب لـ"المدن".
وتشرح المصادر السبب، بأن الإدارة لم تنقل الطلاب منذ نحو أربعة سنوات إلى مبنى واحد بل مبنيان منفصلان. أي أن جزءاً من الطلاب يدرس في مبنى معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية (CNAM) والجزء الثاني في مدرسة الحريري الثانية. وتفتقر المدرسة إلى ملاعب لممارسة الأنشطة الرياضية، هذا فيما مساحة الملعب المخصص للطلاب لا تتجاوز 500 متر ولا يتسع لنحو ألف طالب في المدرسة. وقد تلقى الأهل وعوداً سنوية بتغيير المبنى، لكن من دون نتيجة.
اكتفت الإدارة بدفع نسبة 15 بالمئة من رواتب الأساتذة بالدولار مطلع العام الدراسي. وبعد إضراب نقابة المعلمين الشهر الفائت، وإضراب أساتذة المدرسة ليومين منذ عشرة أيام، طلبت الإدارة من الأهل مبلغاً إضافياً بـ250 دولاراً، تدفع في مهلة أخيرة في نهاية آذار. وتوصلت لجان الأهل مع الإدارة إلى اتفاق لتحسين ظروف المعلمين ورفع نسبة الدولار في رواتبهم إلى نحو 30 بالمئة. لكن الأساتذة عادوا وأضربوا اليوم تضامناً مع إضراب نقابة المعلمين. وبات الأهل يتخوفون من فرض المزيد من الأموال بالدولار. علماً أنه سبق وحصلت المدرسة على مساعدات من الدولة الفرنسية "بطرق ملتوية"، تؤكد المصادر.

الاستفادة على ظهر الطلاب
وتشرح المصادر أن الدولة الفرنسية طلبت من أهالي موظفي القطاع العام تقديم طلبات لتلقي مساعدات لأبنائهم مطلع العام الدراسي. وبمعزل عن أن أكثر من موظف لم يحصل على أي مساعدة، فيما وصلت المساعدات لطلاب يحملون الجنسية الفرنسية، أقدمت الإدارة على صرف المساعدات التي أتت باسم الطلاب إلى العملة المحلية. ما يعني أن المدرسة رفعت أرصدتها بالعملة الأجنبية وتخلصت من الأرصدة بالليرة اللبنانية، بعدما وضعتها بحسابات الطلاب الذين سبق وسددوا الأقساط قبل وصول المساعدة الفرنسية. وباتت حسابات الطلاب للعام المقبل بلا أي قيمة. وفيما استفادت المدرسة، أسوة بباقي المدارس التي تلقى طلابها المساعدات الفرنسية، على حساب الطلاب، لم ينعكس الأمر حتى على تحسين وضع الأساتذة. وكانت النتيجة أن الأساتذة أضربوا ليومين منذ نحو عشرة أيام، وعادوا وأضربوا اليوم، وقد تعود الإدارة لتضغط على الأهل لدفع مساعدات إضافية بالدولار.

وحيال تلقي هذه المدارس مساعدات للطلاب وصلت إلى نحو 800 يورو، يسأل أهالي الطلاب عن شفافية الجهات الفرنسية المانحة في التدقيق بمصير تلك المساعدات، التي ذهبت عملياً لإدارات المدارس أكثر مما استفاد منها الطلاب. فالصندوق الذي أنشأته المدرسة لجمع الأقساط بالدولار غير خاضع لرقابة الأهل، أسوة بالمدارس الخاصة اللبنانية.
مصادر دبلوماسية أكدت لـ"المدن"، أن وكالة التعليم الفرنسي في الخارج (AEFE) تلتزم مبدأ الشفافية، وهي على علم بشكاوى أهالي الطلاب بما يتعلق بالمساعدات. وتتابع الوكالة مع المدارس مسألة صرف المساعدات من اليورو إلى الليرة اللبنانية، ولا سيما لناحية وضعها في أرصدة بالعملة المحلية للعام المقبل. وستطلب من المدارس إعادة النظر بهذا الموضوع. وثمة تدقيق في حسابات المدارس للتأكد من كيفية صرف المساعدات، لضمان مبدأ الشفافية المالية وحقوق أهالي الطلاب.   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها