الجمعة 2023/11/17

آخر تحديث: 12:26 (بيروت)

"النافعة" وتوظيف متقاعدي قوى الأمن الداخليّ: المحسوبية لا الخبرات؟

الجمعة 2023/11/17
"النافعة" وتوظيف متقاعدي قوى الأمن الداخليّ: المحسوبية لا الخبرات؟
الإدارة الجديدة لـ"النافعة" تضم عناصر من قوى الأمن الداخليّ المتقاعدين (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

منذ مدّةٍ وجيزة، اُستأنفت أعمال مصلحة تسجيل السّيارات "النافعة" جزئيًّا، بعدما سلّك المعنيون في المصلحة من مدراء وموظفين وعاملين مسارًا طويلًا من المساءلة القضائيّة، المعطوفة على بروز قضايا فساد ونهبٍ عام، ووقف أعمالها بقرار من شركة "إنكربيت" مطلع تموز الفائت. وبالرغم من أن هذا المسار لم يُفضِ في خواتيمه لنهايةٍ تُرضي الرأي العام والمواطنين، ولم يُعد للدولة اللّبنانيّة ما سُلب منها طيلة سنوات اللصوصيّة والتّراخي والبيروقراطيّة والمحسوبيات، إلا أن هذا الملف الذي عُطل شهوراً طويلة، عاد إلى طاولة النقاشات، بغية حلحلته، و"تنظيف" النافعة وتجديدها، كما أشار وزير الداخليّة في حكومة تصريف الأعمال، بسام المولوي.

وفيما عاد العمل الجزئيّ هذا (المشتمل على تجديد رخص السّوق القديمة، وإصدار الجديدة بعد إنجاز التّدريب للجنة الفحص)، بلجنة جديدة، يرأسها المدير العام بالوكالة لهيئة السّير، القاضي ومحافظ بيروت مروان عبود، ضامةً في صفوفها عناصر من قوى الأمن الداخليّ المتقاعدين، لمساعدة الموظفين، وكذلك شغل المناصب الشاغرة في مراكز المعاينة؛ تطفو على السّطح مؤخرًا بعد الانتقادات والأصوات المعارضة من هؤلاء المتقاعدين، متهمين فيها المديريّة وكذلك الجهات المسؤولة عن اللّجنة الجديدة، بشبهة المحسوبيّة في انتقاء أعضاء اللجنة من العناصر المتقاعدة.

عناصر أم فقط ضباط؟
وفي التّفاصيل، صدر بتاريخ 9 تشرين الثاني الجاري، "مذكرة خدمة" عن المديريّة العامة لقوى الأمن الداخليّ، هيئة الأركان- شعبة التّدريب، أفادت عن قرار المديريّة بإقامة دورة تدريبيّة لبعض عناصر القوى الأمن الداخليّ المتقاعدين الذين يرغبون المشاركة في اللجان الفاحصة لامتحانات السّوق العمليّ، في مصلحة تسجيل السّيارات والآليات، "موضوع إيداع جانب وزير الداخليّة والبلديات رقم 15675 تاريخ 7/11/2023، استنادًا إلى المادة 217 من قانون السّير 234/2012". لمدّة أسبوع تقريبًا في معهد قوى الأمن الداخلي- عرمون.

وجاء هذا القرار في ذروة أزمة العناصر المتقاعدة، الذين استبشروا خيرًا منذ شهورٍ خلّت، من إمكانيّة تطبيق هذا القرار، لجهة تخفيف وطأة أزماتهم، والتّقدم لهذه المناصب الشاغرة، واستثمار خبراتهم طيلة خدمتهم في قوى الأمن، بوظيفةٍ تُلائم اختصاصاتهم وخبراتهم وأعمارهم. لكن وبتعميم المذكرة، أُرفقت بجدولٍ اشتمل على اسم 34 ضابطاً من رتبة الملازم ومدنيين وثلاثة مؤهلين- حسب ما أشارت عدّة روابط للمتقاعدين في حديثها إلى "المدن"- فيما أكدّت مصادر أمنيّة في المديريّة أن الطلب على 100 مُتقدم، وهذه أول دفعة.

وسرعان ما انتشرت المذكرة ومعها جدول الأسماء وجدول البرنامج التّعليميّ، بين صفوف المتقاعدين، الرتباء منهم على وجه التّحديد، الذين "تفاجؤوا" بالمذكرة وبالفرصة التّي قدمتها المديريّة من دون تعميمها عليهم، خصوصًا أن الأكثريّة كانوا من الضباط المتقاعدين حديثًا، واتهموا المديريّة بمحاولة "ترضيّة" الضباط والملازمين على وجه التّخصيص، معتبرين أن هذا القرار تمييزيّ و"طبقي" من غير وجه حقّ. وأن عددًا هائلًا من الرتباء يملكون إجازات "خبير عسكريّ" ولديهم خبرة أكبر بهذا المجال، بحكم ممارستهم له، وتحديدًا ما يتعلق بقوانين السّير والتّطبيق العمليّ لها.

وبعد تواصل "المدن" مع مصادر أمنيّة رفيعة المستوى، أشارت الأخيرة، لكون الطلب كان على "حملة الشهادات" والمُختصين، فيما لم تُبرّر المصادر الأسباب خلف قبول الملازمين وحسب وقلّة قليلة من الرتباء في الدفعة الأولى من المقبولين (حسب الجدول)، فيما هناك بحدود الألف رتيب من حملة شهادة "خبير سير عسكري" ضمن شرطة بيروت والدرك الإقليميّ، أو لما لم تُعمم إمكانيّة التّقدم لهذه الدورة (لموظفي النافعة وخبراء السير) مُسبقًا. أو طلب المتقاعدين الجُدد من أصحاب الخبرات لشغل هذه المناسب بدل وضعهم على الاحتياط لمدّة خمس سنوات من تاريخ إحالتهم إلى التّقاعد. خصوصًا أن معظم هؤلاء يبقى لديهم 12 سنة للعمل قبل الوصول إلى السّن القانوني 64 سنة.

محسوبيّة في المديريّة؟
"كان بإمكاني التّقدم لهذه الفرصة، خصوصًا أني أمضيت ما يناهز العشر سنوات خبير سير عسكري، وفي العمل على الأرض بما يخص الآليات، وكان لهذه الفرصة أن تنتشلني من أزمتي المعيشيّة، لكني تفاجأت بأن المذكرة قد صدرت ومعها الأسماء من دون أن يصلني أنا أو زملائي المتقاعدين أي خبر عنها" يشرح المتقاعد علي زعيتر لـ"المدن" مُضيفًا: "تقاعدت منذ مدّة وجيزة، ولدي خبرة واسعة في المجال وقدراتي الجسديّة والذهنيّة تسمح لي بمزاولته فترة طويل بعد، لكني أعمل حاليًّا كسائق تاكسي، بدل أن تحتضني مديريتي، التّي أمضيت خدمتي في كنفها ما يربو عن الثلاثين عامًا".

وزعيتر ليس وحده، فقد تواصل مع "المدن" عشرات المتقاعدين الذين أكدوا استغرابهم للوضع هذا، واعتبروا أن بعض المسؤولين في المديريّة قد اختاروا من اختاروه على أساس غير واضح ومُجحف، وعليهم تبرير هذا الوضع، خصوصًا أن أغلبية المتقاعدين من الرتباء هم الآن عاطلون عن العمل، أو يعملون كحرس في شركاتٍ خاصة، بعد أن وصلت قيمة تعويضات تقاعدهم لمبلغ يصل أقصاها الثلاثة آلاف دولار بعد أن كان يتجاوز أحيانًا المائتي ألف دولار.

وللتّأكد من صحّة ما يُتداول، ومساءلة القيمين والمعنيين بالوضع الحالي، اتصلت "المدن" بالمديريّة وشعبة العلاقات العامة في قوى الأمن، وكذلك بوزير الداخليّة، من دون أن تحظى بإجابة رسميّة وواضحة، فيما أكدّت مصادر رفيعة المستوى في المديريّة لـ"المدن" أن المديريّة تتحفظ عن هذا الموضوع، بعدما وصلت إلى مسامعها انتقادات المتقاعدين وأصواتهم الغاضبة، فيما عقبت بالقول: "هذا الوضع استثنائي والكلّ يعتبر أنه يتعرض لظلم، لكننا نعمل جاهدين لمساعدة الجميع، بإمكانياتنا المتواضعة جدًا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها