الإثنين 2022/08/15

آخر تحديث: 14:51 (بيروت)

عام على مجزرة التليل: العدالة ناقصة.. التهريب مستمر

الإثنين 2022/08/15
عام على مجزرة التليل: العدالة ناقصة.. التهريب مستمر
يعيش ذوو ضحايا مجزرة التليل في مأساتهم، من دون أي تعويض مادي أو معنوي (Getty)
increase حجم الخط decrease
مرّ عام كامل على انفجار صهريج بنزين في بلدة التليل العكارية، في 15 آب 2021، والذي تسبب بمجزرة احتراق وتفحم مروعة ودامية، سقط ضحيتها أكثر من 30 مدنيًا وعسكريًا، ناهيك عن عشرات الجرحى الذين أصيبوا بحروق بليغة.  

وتُحيي عكار هذه الذكرى الأليمة في سجل لبنان الحافل بالمجازر والانفجارات والقتل، وتدل جميعها على انعدام قيمة حياة الإنسان في بلد يبلغ فيه الفساد مستوى الجرائم، ويستفيد أصحابها من نظام يخدم كل أشكال الإفلات من العقاب.  

القرار الظني
قد يكون من "حظ" ضحايا هذه الجريمة، أنه قبل نحو 3 أسابيع من الذكرى السنوية الأولى، صدر القرار الاتهامي في تموز الفائت عن المحقق العدلي على عراجي، والذي أحال فيه ثمانية من المتهمين والأظناء إلى المجلس العدلي للمحاكمة، وتصل عقوبة 4 منهم إلى الإعدام. والآخرون ظُن بهم بجرم التسبب بالايذاء ونقل السلاح الحربي، بلا رخصة وتهريب الوقود والإسمنت من سوريا وإليها.  

ومع ذلك، لم يرقَ القرار الاتهامي إلى مستوى إدانة مسؤولين وضباط أمنيين كانوا مولجين بحراسة البنزين المصادر، ولا إلى إدانة مسؤولين نافذين سياسيين وأمنيين حولوا عكار إلى جغرافيا خارجة عن القانون، لتعزيز شبكات التهريب من سوريا وإليها.  

يوم المجزرة  
كان صباح عطلة عادية، حين استيقظ لبنان في 15 آب 2020 على مجزرة دامية في عكار، وخليفتها أفضلية "الحصول على البنزين" المصادر من المهرب ومالك الأرض التي وقعت فيها الجريمة بالتليل، جورج ابراهيم الذي أدين مع المهربين علي فرج وهويدي الأسعد بجناية التسبب بالقتل التي تصل عقوبتها إلى 7 سنوات سجن مع أشغال شاقة.  

في حين، اتهم ريتشارد ابراهيم وجرجي ابراهيم بجناية القتل والإرهاب، وتصل عقوبتهما إلى الإعدام. وحسب القرار الاتهامي، فإن الأول أعطى القداحة للثاني الذي يعمل لدى جورج ابراهيم، لإشعال النار قصدًا بالحاضرين.  

وفي تلك الفترة من ذاك العام، كان اللبنانيون يعيشون ذروة أزمة المحروقات، بسبب احتكارها قبيل رفع الدعم عنها. ولم يكتف المحتكرون بمشهد الطوابير أمام المحطات، بل قاموا بتخزين المادة في أرضهم، كما فعل جورج ابراهيم ورفاقه، لتهريبها إلى سوريا وجني الأرباح، مستفيدين من عشرات المعابر غير الشرعية والحدود السائبة بلا رقابة أمنية صارمة وبغطاء سياسي من زعماء الأطراف على طول الحدود اللبنانية-السورية.  

وتحولت قرى عكار وطرقاتها قبيل الانفجار، إلى مساحات لعرض غالونات البنزين والمازوت بأسعار باهظة مقابل إغلاق محطات الوقود. والذنب الوحيد لضحايا مجزرة التليل، أنهم هرعوا ليلًا إلى تلك الأرض، بعدما سمعوا أنباء عن مصادرة البنزين بهدف توزيعه مجانًا. وفيما كانت تواكب قوة من الجيش الصهريج لنقله إلى منطقة هرمان وتوزيع البنزين هناك، تدافع المواطنون وبيدهم الغالونات لفتح الخزان الذي تدفق منه البنزين على الأرض، بحضور نحو 20 عسكريًا، ثم حصل الاشكال ووقعت المجزرة بشعلة قداحة.  

ذوو الضحايا المنسيون  
ومنذ عام، يعيش ذوو ضحايا مجزرة التليل من مدنيين وعسكريين في مأساتهم، من دون أي تعويض مادي أو معنوي. كما تخلت السلطة الرسمية عن مسؤوليتها القانونية في معالجة الجرحى الذين أصيبوا بحروق بليغة، ترافق ندوبها البعض مدى حياتهم.  

كذلك، لم تُحدث هذه المجزرة أي تحول في مجرى الفساد المستشري في عكار، التي ما زالت "خزانًا" للمهربين كما هي "خزان للجيش". ومنذ سنوات طويلة، تنشط شبكات التهريب بين لبنانيين وسوريين عبر المعابر غير الشرعية شمالًا، لعدد كبير من المواد والسلع، في ظل تورط بعض "إقطاعيي" محافظة عكار وبعض نوابها، بدعم علني لعشرات المهربين وتغطيتهم ومشاركتهم وتسهيل أعمالهم.  

ولعل العبرة كانت بنتائج انتخابات عكار في أيار الفائت، حيث بدا الحضور السوري جليًا وطاغيًا على هوية معظم نوابها.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها