السبت 2022/01/08

آخر تحديث: 15:01 (بيروت)

امتنعوا عن "اشتراك" الكهرباء: كيف تقاوم عائلات طرابلس العتمة

السبت 2022/01/08
امتنعوا عن "اشتراك" الكهرباء: كيف تقاوم عائلات طرابلس العتمة
تبقى براداتهم شبه الفارغة مطفأة، وينامون بالظلام (Getty)
increase حجم الخط decrease

أصبح التجول في طرابلس ليلًا، مهمةً شاقة. وإذا كان الظلام الدامس يمتدّ من بيروت إلى أطرافها، بسبب انقطاع الكهرباء، فإن مئات العائلات في عاصمة الشمال، لجأوا إلى خيار العتمة. لا كهرباء، لا مولدات خاصة، وبطبيعة الحال لا طاقة شمسية، التي ما زالت ضمن خيارات الميسورين وحسب.  

أسر بلا كهرباء  
لكن مقابل هؤلاء، ثمة آلاف الأسر أيضًا، يقاومون للبقاء على اشتراكات المولدات الخاصة، مقابل تقليص عدد وحدات الأمبير. إذ إن كثيرين يشتركون بأمبير واحد أو اثنين أو ثلاثة كحدٍ أقصى.  

تشير أم هيثم لـ"المدن"، وهي ربة منزل تقطن عند أطراف باب التبانة، إلى أنها طلبت من صاحب المولد أن يخفض اشتراكها من 3 أمبير إلى واحد فقط. وتتحضر في الشهر المقبل أن تقطعه كليًا كعدد كبير من جيرانها، إذا واصلت الليرة انهيارها.  

وتعبّر عن سخطها من دولرة أسعار المولدات الخاصة، و"كأننا رهائن تحت رحمتهم". وقالت إن صاحب المولد يرفض تركيب عدادات للسكان، ويطلب 15 دولاراً مقابل الأمبير الواحد، ويحتسبه على السعر الأعلى لمبيع الدولار في السوق السوداء. أي أن كل أمبير أصبح يوازي نحو 450 ألف ليرة. وتتساءل غاضبةً: "ماذا نأكل ونشرب إذا كان مدخولنا الزهيد لا يكفي لسداد فاتورة 2 أمبير من الكهرباء؟".  

في معاينة لـ "المدن"، يظهر أن مئات الأسر في طرابلس ومحيطها استغنوا كليًا عن الاشتراكات بالمولدات الخاصة، ويعبر بعضهم عن عجزه أيضًا من شراء الشموع أو بطاريات التشريج. وهكذا تبقى براداتهم شبه الفارغة مطفأة، وينام أبناؤهم بالظلام، فيما هم محرومون من التعلم الحضوري وعن بُعد أيضًا.  

في شوارع الميناء، يروي لنا محمد، عامل في إحدى شركات مياه الشرب، وهو يتنقل بين المباني حاملًا على أكتافه غالونات المياه، أنه قطع الاشتراك عن منزله كليًا، بعد أن صُدم مطلع العام بفاتورة عداد المولد الخاص، التي ناهزت المليون ونصف مليون ليرة، أي كامل قيمة راتبه. وعبر عن شكوكه بشفافية احتساب مصروف العدادات، خصوصاً أنه لا يستهلك الكهرباء كثيرًا في منزله الصغير، كما أن صاحب المولد لا يوفر الكهرباء للمشتركين إلا نحو 10 ساعات يوميًا.  

وتشير معلومات "المدن" أن معظم أصحاب المولدات شمالًا لا يلتزمون بتسعيرة وزارة الطاقة للكيلواط، وتحتسبه بدولار السوق السوداء أيضًا.  

عراك ورصاص
والخطير في الأمر، أن أزمة الكهرباء، ومشاكل ونقمة المواطنين على أصحاب المولدات الخاصة، أصبحت تتطور أحيانًا لعراك وإشهار للسلاح، وسط تحذيرات من تداعيات أمنية جراء تفاقم أزمة كلفة الكهرباء.  

وقبل أيام، تصاعدت أصوات إطلاق الرصاص في أحد أحياء طرابلس الشعبية، وتبين لاحقًا أنها نتيجة خلافٍ على تسعيرة المولدات الخاصة.  

ومن الظواهر اللافتة، أن بعض الأسر تسعى للتضامن مع بعضها البعض، إذ يشترك منزل بعدد قليل من الأمبيرات ويتقاسم كلفتها سرًا مع منزلٍ آخر، مقابل مدّه بخطٍ يتيح إضاءة ولو لمبة واحدة.  

غير أن أزمة الغاز لا تقل شأنًا، بعد أن ناهز سعر قارورة المنازل الـ400 ألف ليرة. وهذا الأمر، دفع عددًا كبيرًا من الأسر في طرابلس إلى تقنين تعبئة قواريرهم. ويطلب بعضهم تعبئة القارورة بنصف كميتها أو أقل حتى، ليتمكن من من تسديد كلفتها.  

غيبوبة سياسية  
هذا الواقع، دفع كثيرين للسؤال شمالًا عن دور القيادات السياسية وأثرياء المدينة في مساندة الأسر، بعد أن تقلصت شتى أشكال الخدمات والمساعدات إلى حدودها الدنيا. ويبدو أنها بحكم المؤجلة إلى ما قبل الانتخابات مباشرة، في بلد  أضحى جلّ طموح أسره، تأمين قوتهم اليومي، وإضاءة لمبة صغيرة في منازلهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها