الإثنين 2021/07/05

آخر تحديث: 16:33 (بيروت)

الفوط الصحية النسائية بخمسة أضعاف سعرها.. الأمراض تهدد اللبنانيات

الإثنين 2021/07/05
الفوط الصحية النسائية بخمسة أضعاف سعرها.. الأمراض تهدد اللبنانيات
نساء في جمعية خيرية يعملن على تصنيع فوط صحية بديلة (Getty)
increase حجم الخط decrease
يكاد سعر الفوط الصحيّة الخاصة بالدورة الشهريّة للنساء في لبنان، يلامس خمسة أو ستة أضعاف سعرها، بعد رفع الدعم عنها. وهذا عدا أن سعرها كان لا يتجاوز عتبة الخمسة آلاف ليرة قبل بدأ الأزمة في أواخر العام 2019. ومن دون الحاجة للحديث عن حاجتنا للفوط اليوميّة في أيام الشهر، بات مصروف المنتجات الصحيّة الخاصة بالنساء، مكلفًا إلى حدّ الاستغناء عنها اضطراراً، رغم ضرورتها في حياتهن الصحيّة والإنجابيّة.

حاجات النساء الضرورية
والأزمة المالية وانعكاساتها على حياة النساء الصحيّة، تضطرهن للعودة إلى استعمال وسائل بدائية، عوضاً عن الفوط الصحية التي باتت باهظة الثمن، وخصوصاً على الفئات الشعبية الفقيرة وجماعات اللاجئين السوريين في لبنان. والوسائل القديمة التي قد تلجأ إليها النساء تشكل خطراً صحيّاً أكيداً عليهن. لذا، لا يقوم هذا التحذير على اعتبارات فئوية وجندرية. بل على العكس، فإنّ هذه الأزمة الاقتصادية الزاحفة على الفئات الاجتماعية اللبنانية الوسطى وما دونها، لا يمكن إلا أن تصيب النساء وتجردهن من أقل ما تبقى من حقوقهن واحتياجاتهن الضرورية.

وقد يستغرب البعض من الذكور، وفئة من النساء الخائفات من الكلام على خصوصياتهن النسائية التي تخدش حياءهن والحياء العام، الحديث عن أهمية وضرورات حصول النساء على أبسط حقوقهن اللصيقة: المنتجات الخاصة بالدورة الشهرية من فوط صحيّة ومشتقاتها، بأسعار منخفضة، بل من المفترض أن تكون مجانية لفئات كبرى دفعتها الأزمة إلى ما دون خط الفقر. وهناك كثيرات من أمهات هذه الفئة المفقرة، تتحدثن عن استغنائهن عن شراء الفوط التي تضاعفت أسعارها، لإطعام أطفالهن الجائعين بثمنها.

نساء الفئات الفقيرة
لذا، عمدت المنظمات الدولية والمحلية العاملة في لبنان إلى القيام بحملات لمساعدة نساء هذه الفئة في تأمين فوط صحية لهن، باعتبارها من حقوقهن الأساسية، ولا يمكن الاستغناء عنها.

ذلك أن نساء الفئات المفقرة هن الأكثر تضررًا من ارتفاع أسعار المنتجات الخاصة بدورتهن الشهرية (الطمث)، التي يخجلن من الحديث عنها ويحذرنه. فيما هن الأكثر عرضةً للإصابة بالأمراض وانتشارها. وهي تلك الناجمة عن عدم تجديد الفوط الصحية بصورة دوريّة، أو اعتماد الوسائل البدائية غير العملية وغير الصحيّة.

وهنا لا بد من التساؤل: كيف يمكن إهدار صحة النساء جراء عدم حصولهن على أدنى مقومات معيشتهن الصحية، بسبب العيب والخجل، فيما نشرات الأخبار اليومية لا تتوقف عن الكلام عن أزمة البنزين؟ فلبنان المنكوب بالفساد والفوضى المنفلتة على الغارب، وبغياب مقومات الحياة الأساسية، لماذا تستثنى من هذه الأساسيات حقوق النساء الصحية؟ ومنها مثلاً عدم قدرة النساء على شراء علبة فوط صحيّة. ولا أحد يتكلم عن ذلك، باعتباره من الأمور التفصيلية أو الثانوية.

مواطنة من درجة ثانية
إلى الأزمة المالية والاقتصادية الضاربة، هناك بعد آخر لموضوعنا: صحة الطمث وصحتنا الجسديّة والإنجابيّة والجنسيّة، صارت من الضرورات غير القابلة للمساومة، في منظومة المجتمع الذكوريّ.

فحقوق المرأة اليوم في لبنان، بحاجة ماسة لإعادة تأهيل كي يتم الحصول عليها، بإخراجها من النظام الأبوي الاجتماعي اللاقانوني، الذي غيب النساء في المقاعد الخلفية والدرجة الثانية.

وفي ظلّ أزمتنا الخانقة، تعتبر أزمة الفوط الصحيّة ومشتقاتها، من أبسط حقوق  النساء. وغير قابلة لحذفها من سلم الأولويات، كأزمات البنزين والكهرباء وحليب الأطفال وغلاء السّلع الأساسية. فالفوط الصحيّة سلعة أساسية لنا ولن نخفي عجز نظامنا الاقتصادي من عدم تأمينها. وهو النظام الذي أسقط معظم الشعب اللبناني في دوامة الفقر والفاقة، بمنظومته الذكورية العبثية. لا، ليست الفوط الصحية النسائية من الكماليات، بحجة أنها خاصة بالنساء.

وإمعان هذه المنظومة بكل فسادها في حرمان النساء من أبسط حقوقهن اللصيقة هو حكم بإلغاء النساء. وهذا بحدّ ذاته جريمة في حق الإنسانية والنساء أجمعين.

والفوطة الصحيّة المتوفرة فيها معايير النظافة والسلامة وبسعر منخفض أو مجاني، هي حقي كإمرأة، حقي البديهي المفروض تأمينه من قبل دولتي. ولن أنتظر سنوات أخرى من المعاناة. إن هذا الحقّ اللصيق بي جدير بالمطالبة به في هذه المرحلة الصعبة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها