الثلاثاء 2021/03/16

آخر تحديث: 16:11 (بيروت)

قصة إدارة مستشفى شبعا.. على طريق تحرير مزارعها

الثلاثاء 2021/03/16
قصة إدارة مستشفى شبعا.. على طريق تحرير مزارعها
مناخ من التربص الحزبي والضغائن السياسية المبيتة تسبب شلل المستشفى (الأرشيف، محمد السعدي)
increase حجم الخط decrease
من منا يذكر اليوم شبعا ومزارعها المنذورة للتحرير، وإلا لا كرامة ولا عز ولا سيادة؟

وربما حملت شهرة البلدة الحدودية بعد العام 2000، وبعد حرب تموز 2006، وكذلك سُنّيّة أهلها، دولة الإمارات العربية على التبرع بعشرة ملايين دولار لإنشاء مستشفى فيها. واكتمل تشييد المستشفى وتجهيزها سنة 2009، فسميت "مستشفى الشيخ خليفة بن زايد في شبعا".

لكل دولة رجال
لكن الخلافات المعتادة بين مقدمي وزعماء القوى والجماعات السياسية اللبنانية، وزراء ونواباً، على تعيين محاسيبهم في الإدارات العامة الحكومية (على شاكلة تناحرهم على تشكيل الحكومة اليوم)، حالت دون تشغيل المستشفى الجاهزة. فظلت معطلة حتى صدور مرسوم تقاسم المناصب الإدارية فيها بتاريخ 5/1/2012. فأضيفت المستشفى إلى ملاك وزارة الصحة، وأُنشئت هيئة عامة لادارتها. وفي عهد وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، وُقعت اتفاقية بين السفير الإماراتي وجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، تعهدت الإمارات بموجبها بدفع مليون دولار سنوياً لإدارة المستشفى لمدة سنوات عشر، وخصصت وزارة الصحة 950 مليون ليرة سقفاً مالياً للمستشفى.

ولم ينتظم تشغيل المستشفى قط، بل ظل يتعطل بين مدة وأخرى على إيقاع تغير الحكومات وتبدل وزراء الصحة، نسجاً على منوال لكل دولة رجالها ومحاسيبها. ففي عهد وزير الصحة السابق غسان حاصباني صدر قرار بتكليف لجنة للإشراف مؤقتاً على إدارة المستشفى في شبعا، فعين بموجبه كل من: الدكتور محمد عبد الله ماضي رئيساً ومديراً للمستشفى، راغد نديم العدس وعادل ابراهيم الخماسي والياس مارون الكسرواني أعضاء مجلس
إدارة، والدكتورة ندى محمد حمد مفوضاً للحكومة لدى المستشفى.

أما في عهد وزير الصحة السابق جميل جبق، فعيّنت ندى حمد رئيسة للجنة، علماً أنها تشغل منصب مفوض الحكومة في المستشفى وفي القضاء.

لكن هذه الانقلابات في إدارة مستشفى بلدة حدودية نائية، وهي شبيهة بالانقلابات العسكرية القديمة في دول الجوار، كانت تشيع بين العاملين فيها مناخاً من التربص والضغائن المبيتة، غالباً ما تؤدي إلى شلل العمل في المستشفى.

إنجاز حمد حسن
وأبى وزير الصحة الأخير والحالي، حمد حسن، أن يحيد عن خطى أسلافه في تحكم السياسة والطائفية في إدارة وزارته. لذا شاء أن يترك بصمته الخاصة في هذا المجال. ففي الأسبوع الأخير من شهر كانون الثاني 2021، أصدر الوزير حسن قراراً بتكليف لجنة جديدة لإدارة العمل في المستشفى وللإشراف عليها. وبموجب القرار عين د. يحي مصطفى حمدان رئيساً للجنة. وهو مؤهل أول متقاعد من جهاز الأمن العام، ومقرب من نائب شبعا السني قاسم هاشم، البعثي السوري، والتابع لكتلة التنمية والتحرير برئاسة نبيه برّي، والمقرب أيضاً من هيئة أبناء العرقوب الشبعاوية الناصرية قديماً، والمنتقلة إلى الولاء لسوريا الأسد. وكتبت ابنته على صفحتها في فيسبوك، بعدما أثير لغط حول تعيينه في منصبه: "نعم والدي أكمل دراسته وهو في جهاز الأمن العام، وحصل على ماجستير (من كلية الآداب)، ثم دكتوراه فخرية". وهي من جامعة كندية.

وبوجب القرار نفسه عين رغيد وجيه أبو همين رئيساً للمستشفى. وهو مقرب من حزب الله والنائب علي فياض. وضمت اللجنة في عضويتها د. راغد العدس (قومي سوري تابع للنائب أسعد حردان)، د. فاطمة غياض (من هيئة أبناء العرقوب)، د. محمد قصب (مستقل، ومتخصص في المعدات الطبية)، د. يوسف قاروط (عن حركة أمل)، والسيد وجيه أبو ابراهيم (يوالي النائب طلال أرسلان).

شبعا والقصر العيني
ليست هذه سوى قصة قصيرة أو صغيرة وتفصيلية، عن عاديات يومياتنا اللبنانية، في قرية حدودية نائية نذرنا لبنان لتحرير مزارعها. وهي مزارع مهجورة منذ العام 1969، بعد توقيع اتفاق القاهرة الذي أباح استعمالها، كسواها من القرى الحدودية الجنوبية، قاعدة عسكرية للفدائيين كي يحرروا فلسطين. وبدل ذلك احتلت إسرائيل مزارع شبعا ووصل جيشها إلى بيروت.  

وها نحن نتخبط اليوم في أزمات وانهيارات مدمرة، ونسينا شبعا ومزارعها، وحاربنا في المقتلة السورية، ليظل نظام بشار الأسد الدموي متسلطاً على الشعب السوري المشرد في أرجاء المعمورة، على طريق تحرير مزارع شبعا والجولان والقدس.

رحم الله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي توهم أنه هو من انتصر في حرب السويس سنة 1956، وقال مستغرباً: كيف انتصرنا في تلك الحرب على بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مجتمعين، ونعجز عن إدارة مستشفى القصر العيني في القاهرة؟!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها