الأربعاء 2021/02/24

آخر تحديث: 14:29 (بيروت)

عراوي تستقيل من لجنة اللقاح والفرزلي يهزأ "فروج مروش"

الأربعاء 2021/02/24
عراوي تستقيل من لجنة اللقاح والفرزلي يهزأ "فروج مروش"
استقالة مسؤولة الأخلاقيات عرّت الجميع من أخلاقهم (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
تردد رئيس اللجنة الوطنية الدكتور عبد الرحمن البزري في الاستقالة وتراجع عنها، كسياسي محترف. لكن الدكتورة تاليا عراوي كانت حاسمة بقرارها. فمسؤولة الأخلاقيات في اللجنة الوطنية للقاح لم يكن لديها حسابات سوى "الموقف الأخلاقي" الصائب. هكذا أعلنت بلا تردد استقالتها، لتضرب أخلاق المسؤولين عن اللقاح بالصميم. مواطنون كثر يسألون لماذا أبي أو أمي اللذان يفوق عمرهما ثمانين عاماً لم تصلهما رسالة لتلقي اللقاح، بينما جارنا البالغ من العمر 75 عاماً تلقى اللقاح. لماذا يتلقى نواب ليسوا ضمن أولويات الفئات العمرية اللقاحَ، فيما يموت أحباؤهم بكورونا. ولا من يجيب.

مفارقات مخزية
عراوي، المديرة المؤسِّسة لبرنامج سليم الحص للأخلاقيات الأحيائية والاحتراف في المركز الطبي وكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، لا تريد التصريح للإعلام. اكتفت بخبر إعلان استقالتها بعد فضيحة تلقي النواب اللقاح قبل غيرهم، والخروقات التي سجلت في تنفيذ الخطة الوطنية المتفق عليها. لا تريد ربما صب الزيت على النار. نلحّ عليها أن ما يتعرض له اللبنانيون يستدعي الفضح وكشف المستور، فتصرّ على رأيها. ربما تريد ترك خبر استقالتها يتفاعل لضرب أخلاق كل المسؤولين في الصميم، خصوصاً بعد بيانات "التوضيح" (أو التبريرات الوقحة) التي صدرت عن النواب الملقحين. 

النائب غازي زعيتر يعلن أنه لبناني أكثر من غيره، ما يجيز له تلقي اللقاح قبل غيره، والنائب إيلي الفرزلي يتجرأ ويعقد مؤتمراً صحافياً يتوعد المواطنين الذين انتقدوا كيفية تجرؤه على تلقي اللقاح فيما أحباؤهم أولى منه. ويهدد "الكبار" الذين يقفون خلف المنتقدين، ويرفع إصبعه بوجه ساروج كومار جا، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي، الذي تجرأ وقال إن هذه الخروقات للخطة الوطنية قد تعيد تفكير البنك الدولي في القرض الذي أُعطي للبنان لشراء اللقاحات ومواجهة كورونا. 

قدرة مستشفى الحريري في التلقيح تصل إلى 1500 مواطن يومياً، بينما يصلها من وزارة الصحة فقط عشرات الطلبات لمواطنين لتلقي اللقاح. لماذا؟ لأن الوزارة منعت المستشفى، وكل مراكز التلقيح، من أخذ مواعيد من المواطنين المسجلين على المنصة، والحائزين على المعايير المطلوبة لتلقي اللقاح. لكنها في المقابل لا تعطي مواعيد من خلال المنصة إلا لبعض المواطنين، كما تقول مصادر المستشفى الحريري لـ"المدن". ورغم ذلك يحضر فريق من وزارة الصحة إلى مجلس النواب لتلقيح النواب غير الحائزين على معايير التلقيح. أي أن الوزارة تقنن اللقاحات القليلة على المستشفيات، وفي الوقت نفسه نكتشف أنها تذهب خلسة لتمارس التلقيح تحت قبة البرلمان! ولأن عدد اللقاحات فاض عن عدد النواب الراغبين بتلقي اللقاح، عمد فريق الوزارة إلى تلقيح موظفين في المجلس وعناصر في الصليب الأحمر. 

الوزير الغائب والنائب الساخر
نتواصل مرات مع مستشاري وزير الصحة لمعرفة الخلل الحاصل في توزيع الرسائل، والمعايير التي على أساسها ترسل لهذا المواطن دون ذاك. نتحاشى الأسئلة المحرجة عن غياب الوزير عن فضيحة الأمس والأسبوع الأول لحملة التلقيح. نتحاشى ما يقوله الناس عن المدينة الرياضية وسرها الغميق. لا نحرج الوزارة بحضور ممثلين عنها لتلقيح النواب. وهو تصرف أشبه بمن يرفع إصبعه الوسطى بوجه كل اللبنانيين والبنك الدولي والصليب الأحمر الدولي الذي يراقب معايير التلقيح. 

نكتفي بطرح أسئلة المواطنين الخائفين على أحبائهم من كبار السن، الذين لم تصلهم رسائل بعد، فيما وصلت رسائل لغيرهم وتلقوا اللقاح رغم الفارق في العمر والمرض. نطرح على المستشارين هذه الأسئلة البسيطة لتطمين السائلين. فربما يوجد معايير معينة تمنع عنهم هذه الرسالة التي ينتظروها بفارغ الصبر. أو ربما تقنن الوزارة الرسائل لأسباب جوهرية لا يعلم بها إلا الراسخون بالعلم وباللجان العلمية الكثيرة، والتي يفوق عددها عدد اللقاحات. لكن حتى هذه الأسئلة البسيطة لا نحصل على أي إجابة عنها من المستشارين. كما لو أن ليس دورهم الإجابة عن أسئلة الصحافيين. 

وزير الصحة حمد حسن غائب منذ يوم أمس عن السمع، بعد فضيحة مشاركة وزارته في تلقيح النواب غير المستحقين. ربما هو حائر بين تهديدات البنك الدولي، الذي يصر على الشفافية وعدالة توزيع اللقاحات، وتهديدات النائب إيلي الفرزلي لـ"فروج مروش" ساخراً على نحو بالغ الإسفاف من اسم ساروج كومار. فالأخير -حسب الفرزلي- لم ير أن أكثر من خمسين بالمئة من الملقحين كانوا من خارج المنصة، بينما هدد بوقف القرض لأن النواب تلقوا اللقاح قبل غيرهم. ويتبجح الفرزلي في مؤتمره الصحافي معلناً عن تلقيح 22 شخصاً بين نائب وموظف، ولعناصر الصليب الأحمر، بعدما زاد عدد اللقاحات التي وصلت إلى المجلس عن عدد النواب والموظفين.

الفرزلي قال كلمته ورفع إصبعه: هم تلقحوا ضمن الآلية المتبعة لأن اعمارهم تفوق الـ70 سنة! فهل ستستقيل اللجنة الوطنية كلها بعد هذا الكلام، أم سيقتصر الأمر على مسؤولة الأخلاقيات، التي عرّت الجميع من أخلاقهم؟ 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها