ملف مكاتب السمسرة لبيع الأطروحات معروفة في العراق، ووزارة التعليم هناك تعرف من يديرها ولصالح من. وما على السلطات هناك إلا إيقافها ومعاقبة المسؤولين، كما قالت المصادر العراقية، مضيفة إن إحدى الجامعات في لبنان خرّجت نحو 18 ألف طالب بشهادات عليا، وكلها تمت من بعد، بذريعة كورونا. وهذا رقم ضخم جداً لا يمكن لأعرق وأكبر جامعات العالم تخريجه بهذه المدة الزمنية القصيرة.
التحقيق في لبنان
ولفتت المصادر إلى أن مسؤولين كبار يتدخلون في العراق لوقف التحقيق، الذي من شأنه سحب الشهادات الصادرة عن لبنان خلال السنتين الفائتتين، والتي منحت كلها عن بعد ومن دون أي عناء من الطلاب (ومن بينهم نواب ووزراء وكبار موظفي الدولة)، الذين يدفعون الأقساط بالدولار في لبنان، ولمكاتب السمسرة في العراق.
مصادر "المدن" في وزارة التربية أكدت أن هناك لجنة تحقيق تشكلت مؤخراً، لكنها بدأت بطرق الأبواب غير الصحيحة لمعالجة هذا الملف. ففي السابق أوصت إحدى مديريات وزارة التربية بإجراء تحقيق في ملف الطلاب العراقيين، بعدما ارتفع عدد طالبي معادلة الشهادات بشكل كبير جداً. لكن الوزارة لم تقدم على أي خطوة ولم يتحرك مدير عام التعليم العالي، الذي يفترض أن تجري مديريته التحقيق اللازم، خصوصاً أن أسماء الجامعات على مكتبه.
التوسط في لبنان
وأضافت المصادر أن مسؤولاً عراقياً توسط لدى موظفين في الوزارة لتسهيل أمور الطلاب العراقيين، نظراً لما يشكله الأمر من مورد مالي بالدولار النقدي الذي يحتاجه البلد. هذا فضلاً عن مساعدة العراق للبنان في مجال النفط. وكان يفترض أن يقر المجلس النيابي قانون التعليم من بعد، الذي من شأنه وضع حد للتجاوزات التي حصلت خلال السنتين المنصرمتين، في آخر جلسة. لكن بعد خروج نواب التيار الوطني الحر رفعت الجلسة ولم تصل الهيئة العامة إلى هذا القانون وإقراره.
لجنة تحقيق
بعد تقرير "المدن" السابق، الذي أحدث بلبلة في العراق، عادت القضية لتطرح منذ أسابيع، وتشكلت لجان تحقيق هناك، وتواصل مسؤولون عراقيون مع وزير التربية في لبنان لإجراء اللازم. وعقد اجتماع بين الوزير والسفير العراقي مؤخراً. وتم تشكيل لجنة تحقيق. وبدأت الأخيرة بطرق أبواب بعض المديريات. لكن المصادر تستبعد الوصول إلى نتيجة في هذا الملف نظراً لتورط مسؤولين عراقيين وأشخاص لبنانيين كثر.
المصادر العراقية أكدت لـ"المدن" أن هناك تهديداً للبنان من خسارة هذا المورد بالدولار النقدي، وهذا ما يعيق التقدم في التحقيقات. وأضافت أن هناك تقاذفاً للتهم في هذا الملف في العراق. فالبعض يعتبر أن فتحه في هذا الوقت هدفه ليس أكاديمياً بل الضغط لوقف تعليم الطلاب في لبنان، وتنفيذ حصار عليه شبيه بالحصار الاقتصادي الذي تقوم به السعودية! لكن هدف هؤلاء هو عدم فتح تحقيق جدي في ملف بغاية الأهمية للبلدين لوقف مهزلة بيع الشهادات، خصوصاً بعدما بات يهدد بفوضى عارمة على مستوى التعليم الجامعي، وبعد كف يد وزارة التربية عن معادلة الشهادات الصادرة من الخارج.
وكان موضوع معادلة الشهادات الصادرة من الخارج أثار بلبلة في العراق بعد صدور قانون منذ نحو عام عن مجلس النواب العراقي، الذي كف يد وزارة التعليم عن الموضوع. فالأخيرة كانت مسؤولة عن معادلة الشهادات منذ العام 1976، لكن بموجب القانون الذي صدر في العام 2020، نقلت معظم صلاحيات وزارة التعليم إلى جهات عدة غير أكاديمية، ومنها الأمانة العامة لمجلس النواب، التي منحت صلاحية معادلة الشهادات التي تصدر من معهد التطوير البرلماني، ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية بمعادلة الشهادات العسكرية والمسلكية، كما تقوم الجامعات المتنوعة ومجلس الخدمة الاتحادي بمعادلة وتقييم الشهادات التدريبية والفنية. أي لم تعد وزارة التعليم صاحبة الرأي الأول والأخير في معادلة الشهادات في العراق.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها