الجمعة 2021/11/26

آخر تحديث: 13:43 (بيروت)

الدولة المهترئة وصلت إلى القعر: المفتشون لا يعملون

الجمعة 2021/11/26
الدولة المهترئة وصلت إلى القعر: المفتشون لا يعملون
المعاملات في الوزارة تتأخر لأكثر من ثلاثة أشهر بسبب عدم حضور الموظفين (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
"الدولة مهترئة ووصلنا إلى قعر القعر. نعيش لأن الله ما زال يلطف بنا ولم يأخذ وديعته بعد". يقول أحد الموظفين في وزارة التربية، تعليقاً على شلل عمل المديريات وعدم حضور الموظفين إلى عملهم. أما أحد كبار موظفي وزارة الاقتصاد، فيقول إن "المسألة كبيرة جداً ولا أحد يملك أي جواب غير الحكومة، التي عليها العمل على رفع بدلات النقل، كي يتسنى للمراقبين تأدية عملهم"، وذلك رداً على استفسار عن عدم ذاهب المراقبين إلى عملهم الرقابي. إذ يتقاضى المراقب أو المفتش فقط 195 ليرة عن كل كيلومتر يقطعه، ويستخدم سيارته الخاصة لهذه المهمات. ما دفع هذه الفئة من الموظفين في مختلف إدارات الدولة إلى التخلف عن عملها الوظيفي. 

دولة دولار الـ1500
واقع المراقبين في الإدارات، الذين يؤدون دوراً رقابياً في مختلف الوزارة، أي هم بمثابة أعين الوزارات في كشف المخالفات وتسطير محاضر الضبط، وغيرها من المهمات، بات أكثر من مأساوي. فهم كسائر الموظفين يعانون من تراجع القيمة الشرائية لرواتبهم، ومضربون عن العمل، أو يحضرون يوماً واحداً في الأسبوع، لكن طبيعة عملهم تقتضي الذهاب في مهمات خارج مكاتبهم، والدولة ما زالت تحاسبهم على سعر الصرف الرسمي للدولار (195 ليرة عن كل كيلومتر) فيما صفيحة البنزين تخطت الـ320 ألف ليرة. 

التمنع عن العمل
المفتشون يتململون أو لا يذهبون بالمهمات الموكلة إليهم، عندما تصل الشكاوى من المناطق. ينفق المفتش أكثر من 400 ألف ليرة ثمن بنزين ذهاباً وأياباً من بيروت إلى البقاع أو الشمال أو الجنوب، فيما الدولة تدفع لهم نحو 30 ألف ليرة. لذا يمتنعون عن العمل، أو يجمعون الشكاوى مع بعضها البعض ويذهبون في سيارة واحدة في حال لزم الأمر. وهذه حال المفتشين في دوائر التفتيش، ومراقبي وزارة الاقتصاد ووزارة السياحة ووزارة الصحة، رغم الحاجة الماسة لهؤلاء الموظفين، ليس لناحية مراقبة أسعار المنتجات وجودتها وسلامتها الصحية، بل لناحية مراقبة المؤسسات السياحية ومدى التزامها بالشروط الصحية على اعتاب تفشي الموجة الجديدة من جائحة كورونا.   

تأخر المعاملات
في وزارة التربية يرفض مندوبو مصلحة التعليم الخاص تمثيل وزارة التربية في انتخابات لجان الأهل في المدارس الخاصة. ففي كل الانتخابات التي تحصل مع بدء العام الدراسي ترسل الوزارة مندوبين لمراقبة الانتخابات، لكنهم يتمنعون عن الذهاب بسبب غلاء مادة البنزين. 

لم يعد أحد يسأل عن الموظفين في مديريات وزارة التربية، وهم لا يؤدون وظائفهم بسبب غلاء المحروقات. وباتت المعاملات في الوزارة تتأخر لأكثر من ثلاثة أشهر بسبب عدم حضور الموظفين، إلا ليومين أو يوم واحد في الأسبوع، أسوة بباقي موظفي القطاع العام. وهذا أدى إلى المشاكل التي حصلت مؤخراً وإقدام بعض المواطنين على تحطيم مكاتب في الوزارة.

لكن حتى المستشارين في لجان المعادلات، من غير الموظفين، لا يحضرون الاجتماعات لأن بعضهم يأتي من مناطق بعيدة. يتقاضون 80 ألف ليرة عن كل جلسة، ويدفعون أكثر من 400 ألف بدل بنزين. 

العمل بالسخرة
يرفض الموظفون العمل بالسخرة ولا يستطيع المسؤولون إجبارهم على تأدية وظيفتهم. فهم مثل الأساتذة كان يفترض أن يصلهم تسعين دولاراً مساعدة شهرية من الدول المانحة. لكن المساعدة لم تصرف بعد. فثمة مشاكل تقنية تعيق صرفها. يفترض أن تشمل الموظفين والأساتذة والمتعاقدين، لكن ليس لدى جميع هؤلاء حسابات مصرفية كي تحول إليها بالليرة اللبنانية على سعر المنصة. وبمعزل عن أن قيمتها لم تعد تسعين دولاراً بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار إلى نحو 25 ألف ليرة، فيما سعر المنصة نحو 17 ألف ليرة، ثمة اقتراحات لتحويل الأموال إلى صناديق المدارس للموظفين والأساتذة، الذين ليس لديهم حسابات مصرفية، بسبب رفض المصارف فتح حسابات جديدة. وهنا يعود الأساتذة إلى الحلقة المفرغة المتعلقة بتحديد المصارف سقوف على السحوبات لصناديق المدارس، كما تؤكد مصادر "المدن".   

الأساتذة أجبروا على الذهاب إلى الصفوف بعد فك الإضراب، رغم أنهم لم يحصلوا على التسعين دولاراً ولا حتى على العشرة دولارات التي وعدوا بها في الصيف الفائت، لقاء مراقبة الامتحانات الرسمية، ولا حتى بدلات المراقبة التي تدفع بالليرة، والتي لم تدفع بعد، وباتت بلا أي قيمة بعدما وصل سعر إلى 25 ألف ليرة. أما الموظفون فلا شيء يلزمهم بالذهاب إلى عملهم طالما لم يعد بإمكانهم الوصول إلى مكاتبهم. "الدولة مهترئة ووصلنا إلى قعر القعر"، لسان حال كل الموظفين في الإدارات. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها