الجمعة 2020/03/27

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

"المدن" في أوتيل ديو:استقبلنا 35 إصابة كورونا في آذار

الجمعة 2020/03/27
increase حجم الخط decrease
الفيديو لعلي علّوش

عشرات الأشخاص موزعون بين البهو الخارجي وقاعة الانتظار وداخل "مركز الإنفلونزا"، الذي استحدثه مستشفى أوتيل ديو دو فرانس لمواجهة وباء كورونا. جميعهم يضعون الكمامات رغم أن هيئتهم تدلّ على أنهم أصحاء ولا يعانون من أي عوارض. أتوا بمفردهم لإجراء الفحص للتأكد من الإصابة أو عدمها، بعدما انتشر هلع كورونا في كل بيت لبناني. 

الإجراءات مشددة على المدخل الرئيسي لهذا المستشفى. وعلى الزائرين انتظار إجراءات عناصر الأمن للتأكد من أخذ موعد ليسمحوا لهم بالدخول. إجراءات فرضها هذا الوباء في لبنان على المستشفيات. 

كي لا يخطئ الزائر، وضعت إدارة المستشفى لافتات إرشادية كتب عليها "مركز الأنفلونزا" مع سهم يوصلك إليه. وأسوة بالمدخل الرئيسي للمستشفى، الإجراءات على أبواب "المركز" مشددة أيضاً، رغم أنه غير مخصص لكورونا وحده: يمنع دخول أكثر من أربعة أشخاص دفعة واحدة لإجراء أي فحص. 

"حفاظاً على سلامتكم من الأفضل معاينة المكان من الخارج"، يقول أحد أفراد كادر طبي، الذي بدا مجهزاً ومحصناً مثل روّاد الفضاء لعدم التقاط العدوى. حتى أن الناظر إلى حركة الممرضات والممرضين والأطباء وهم يروحون ويجيئون في البهو الداخلي، يكاد لا يميز بينهم. فقد أخفوا أجسادهم خلف الملابس الواقية ولا ترى منهم غير عيونهم.  

نجول في القسم المستحدث لاستقبال مرضى كورونا للعلاج والاستشفاء. الإجراءات هنا أكثر من مشددة وعلى الجميع ارتداء الثياب المخصصة. فبعكس مركز الإنفلونزا الذي هو عبارة عن عيادة خارجية لجميع مرضى الزكام، هذا القسم للحالات المثبتة والتي تحتاج للعلاج في المستشفى. فقد خصصت إدارة المستشفى الطابق الثاني منها وعزلته عن باقي الأقسام لمرضى كورونا. 

في هذه الجولة المتسمة بهلع كورونا، استوقفنا الدكتور جورج دبر، المدير الطبي في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، وكان لـ"المدن" هذا الحديث معه:  

رفضت المستشفيات الخاصة في بداية الأزمة استقبال مرضى كورونا، خوفاً من اختلاط المصابين مع المرضى، وبسبب الخوف من إحجام الناس عن ارتياد المستشفيات وتراجع الأرباح. فلماذا قررت أوتيل ديو استقبال المرضى؟

نحن أمام مشكلة وطنية. وعلينا أن لا ننسى أن في لبنان 80 في المئة من الاستشفاء هو في المستشفيات الخاصة. لذا عندما بدأنا نرى ما يحدث في الصين، جراء هذا الوباء، عملنا كمستشفى على التحضير لإمكانية انتشاره في لبنان. وبدأنا نستعد منذ أوائل شهر شباط. استدركنا أن الدولة لن تكون قادرة وحدها على مواجهة المشكلة. فمستشفى رفيق الحريري الحكومي لن يكون قادرا على تلبية كل اللبنانيين. بالتالي، بدأت المستشفيات تتحضر. وأتت دعوة وزارة الصحة العامة ورئاسة مجلس الوزراء لنا كي نتشارك وننسق الجهود. 

هل هذا يؤشر إلى وجود حالة صعبة تنتظر اللبنانيين؟ 

لا أبداً. التحضير اللوجستي الذي قمنا به كمستشفى بدأ عندما كان لبنان ما زال في المرحلة الثانية لانتشار الوباء. اليوم بتنا في المرحلة الثالثة. وجميع المستشفيات الجامعية تعي المشكلة التي تواجهنا. ثمة مستشفيات ما زالت تتجنب استقبال المرضى، كي لا تدفع ثمن تراجع زبائنها وتكبد خسائر مالية. نحن تحملنا المسؤولية وأخذنا هذا القرار، رغم أن عدداً كبيراً من المرضى يخافون من الدخول إلى المستشفى. لكننا اتخذنا كل احتياطنا كي نعزل بين مرضى كورونا ومرضانا. 

ما هي إذاً الاستعدادات على المستوى اللوجستي في أوتيل ديو لتدارك هذا الاختلاط بين المرضى؟

الخطة التي وضعناها لمواجهة الوباء تبدأ من لحظة دخول المريض وصولاً إلى دخوله العناية الفائقة. عملنا على فصل المرضى في قسم الطوارئ، وخصصنا غرفة فيه للمرضى الذين يأتون بعوارض الانفلونزا والمشتبه بهم بالإصابة فيروس كورونا المستجد. كما أنشأنا عيادة خارجية للأنفلونزا معزولة عن بقية أقسام المستشفى، للأشخاص الذين يأتون بمفردهم للفحص. ونشخص يومياً نحو خمسين مريضاً فيها، بين فحوصات الانفلونزا العادية وفحوصات كورونا. وخصصنا لهم فريقاً طبياً خاصاً للكشف عليهم، وتحديد المرض وطبيعة العلاج، التي تمتد من تزويدهم بالدواء وصولاً إلى دخولهم إلى المستشفى. وخصصنا الطابق الثاني في المستشفى لمرضى كورونا وعزلناه عن بقية أقسام المستشفى وله مصعد خاص به وفريق طبي خاص. كما استحدثنا قسماً للعناية الفائقة خاص بمرضى كورونا بتقنية الضغط السالب، معزول عن باقي أقسام المستشفى أيضاً. أما على مستوى عدد الأسرّة فقد خصصنا في المرحلة الحالية ثمانية للعناية الفائقة ونحو ثلاثين سرير للعزل والاستشفاء (في المرحلة الأولى 16 سريراً ورفعنا العدد بـ14 أخرى). 

ما هو تقييمكم للوضع الحالي في لبنان، ومتى ننتهي من الأزمة برأيكم؟

تقييم الوباء يستند إلى أرقام وزارة الصحة، والإحصاءات اليومية للحالات التي تصدر، وكيفية انتشار الحالات في المناطق. فطالما وزارة الصحة ما زالت قادرة على إحصاء طريقة انتقال العدوى وتقصي الوباء ومعرفة مصدره، فهذا يعني إننا ما زلنا نسيطر على الوضع.

المنحى اليومي للإصابات يدل على أن الوباء في مرحلة تصاعدية. لكن في حال استمر التفشي على الأرقام اليومية الحالية (مثلاً 37 حالة يومية على 6 ملايين شخص في لبنان) سيكون الوضع مقبولاً. لكن علينا عدم توقع انتهاء الأزمة قبل شهر ونصف الشهر أقله.

لذا، نطلب من اللبنانيين البقاء في المنازل، كي لا تنتقل العدوى إليهم، ولكي يكون الجهاز الطبي قادر على الاهتمام بجميع المرضى. ففي حال أصيب الجميع بالوقت ذاته، لن تكون المستشفيات قادرة على استقبال الجميع. 

صدر قرار بتمديد فترة الحجر المنزلي لأسبوعين الإضافيين، لكن ماذا بعد انتهاء هذه المدة؟ وهل هي كافية؟ ألن يعود الوباء للانتشار؟ 

الفيروس سيبقى وهذا صحيح. لكن بعد انتهاء الحجر، عدد المرضى سيكون أقل بكثير قياساً بترك الأمور من دون حجر منزلي. وعندما يقل عدد المصابين سينعكس الأمر على انتقال العدوى بشكل أبطأ. وعندما نصبح في وضع لا إصابات جديدة فيه، يكون لبنان قد حصر الوباء. كما حصل في الصين، ستعود الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي، وهذه هي الطريقة الوحيدة المتاحة للمواجهة. 

كم حالة تم تشخيصها في أوتيل ديو مصابة بكورونا؟

بين المرضى الذين دخلوا للعلاج في المستشفى والذين طلبنا منهم الاكتفاء بالعزل في المنزل، لأن العوارض التي يعانون منها طفيفة، استقبلنا 35 إصابة، منذ مطلع شهر آذار. لكن هذا العدد مبني على آخر إحصاء قمنا به قبل يومين، علماً أننا استقبلنا في هذين اليومين مرضى أيضاً. 

في ما يتعلق بالفحوصات، ما هو سعر الفحص المعتمد؟ وهل تستقبلون مرضى كورونا على حساب وزارة الصحة والضمان وشركات التأمين؟

نعتمد تسعيرة وزارة الصحة المحددة بـ150 ألف ليرة للفحص المخبري. لكن بخصوص الاستشفاء، المستشفى لا يستقبل المرضى على حساب وزارة الصحة. يدخل المريض إما على حسابه الخاص، أو على حساب الجهات الضامنة في حال اعترفت له. فبعض شركات التأمين تعترف بالاستشفاء والبعض الآخر لا. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها