الأربعاء 2020/11/25

آخر تحديث: 17:02 (بيروت)

التعليم عن بعد: الأهل يفقدون السيطرة والتلامذة بصدمة نفسية

الأربعاء 2020/11/25
التعليم عن بعد: الأهل يفقدون السيطرة والتلامذة بصدمة نفسية
عملية التعليم عن بعد للصغار تستهلك طاقة الأهل والطفل والأستاذ.. والكل غير راضين (Getty)
increase حجم الخط decrease
بدأ أهالي الطلاب في المدارس، وخصوصاً الرسمية منها، برفع الصوت ضد التعليم عن بعد خصوصاً للمراحل التمهيدية والابتدائية. وبدأوا يتخوفون من إمكانية استمرار تعليم الأولاد عن بعد وبقاء المدارس مقفلة. وكانت "المدن" طرحت مرات عدة إشكالية التعليم عن بعد ومعاناة أهالي الطلاب والأساتذة في المدارس الرسمية، والمشاكل الكثيرة التي تعيق تعليم الأولاد في المراحل الابتدائية والتمهيدية، خصوصاً أن التعليم في المدارس الرسمية هو للأهل عبر منصات المحادثة الفورية، وليس للأولاد مباشرة. وعلى الأهل تعليم أولادهم وفق إرشادات الأساتذة. ما جعل من التعليم عن بعد "تربية" لا تربوية تستهلك الأهل والطفل والأستاذ والكل غير راضين.

ترك العمل
لكن واقع المدارس الخاصة ليس أفضل حالاً. ووفق عدد من أهالي الطلاب، ورغم أن المدارس الخاصة تتميز بالتنظيم ومجهزة لهذا التعليم، إلا أنه بات على أحد أفراد الأسرة البقاء في المنزل، لأن الطفل لا يمكن أن يتعلم بنفسه. وبينما تغيب هذه المشكلة عند السيدات اللواتي يعملن ربات بيوت، تبرز عند الأهالي الموظفين بقوة. 

ووفق إحدى السيدات التي يتعلم طفلها في مدارس الحكمة، تشكو السيدات على منصات المحادثة الخاصة بهم من هذه المشكلات التي فرضها التعليم عن بعد. وباتت السيدات الموظفات يعملن نصف دوام، لأن الدروس تستمر لغاية الساعة 12 ونصف. ومن يتركن أطفالهن عند الأهل يعانين من سلوك أولادهن وعدم الالتزام بحضور الصفوف عن بعد. كما بات الأهل ملزمين بتعليم الأولاد في البيت بشكل مضاعف مساءً، لأن برامج المدرسة باتت تفتقد لمهارات كثيرة، ليس أولها تفاعل التلامذة والأستاذ الذي يسهل الحفظ. 

لا استيعاب وسلوك عدواني
وتشكو السيدات من إلزام الأولاد بالبقاء أمام الشاشة لإنهاء الدرس، هذا فضلاً عن أنهم لا يستوعبون الشرح، ولا يحفظون الدروس، لأنهم يبقون دائماً مشتتين ولا يركزون مع أساتذتهم. وبالتالي، بدأوا يطالبون إدارة المدرسة بتخفيف ساعات الأونلاين وإجراء امتحانات واختبارات للطلاب لمعرفة مدى اكتسابهم المهارات والمعرفة، لأن الجهد كله على بات على كاهل الأهل. 

حتى الأساتذة الذين طالبوا مرارا بحصر التعليم عن بعد بسبب الخوف من التقاط العدوى، باتوا يعانون من التعليم عن بعد، ويستصعبون المسألة ومدى انعكاسها سلباً على نفسية الطفل. فوفق المعلم محمود، باتت طفلته قلقة جداً. قل نومها وباتت تلتصق بهم أكثر من السابق. وعندما تسمع منهم أن وزارة التربية قد تبقي المدارس مقفلة تبدأ بالبكاء. حتى أن سلوكها في البيت تغير وباتوا يلاحظون عليها تصرفات عدوانية وارتفاع صوتها. 

صدمة الأطفال
أما الأطفال في المراحل التمهيدية، فمشكلتهم لا تقل سوءاً عن تلامذة الابتدائي. فعندما بدأ العام الدراسي منذ شهرين بتعليم الأطفال عن بعد، في الأسبوعين الأولين في المدارس الخاصة، كان ابن سامر الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات ونيف فرحاً. حضور المعلمة أمامه على الشاشة شكل لديه فرحة معينة، خصوصاً أنه اعتاد الشاشة في اللعب. كان الموضوع جديداً عليه فلم تبدر عنه أي مشكلة وأحب المسألة، خصوصاً أن الدوامات كانت قصيرة، وكانت بمثابة تعوّد له. وعندما بدأ التعليم الحضوري كان مرتاحاً وأحب المدرسة وباقي التلامذة، وكان يشتاق للمدرسة عندما يعود إلى البيت. لكن عندما عاد منذ أسبوعين إلى للأونلاين، بات الأهل طوال الوقت يصرون عليه للبقاء أمام الشاشة ومتابعة الدرس. وبات يشعر بتناقض بين طلبهم المعتاد له بعدم مشاهدة الشاشة للعب وبين الطلب منه البقاء أمام الشاشة للتعلم. 

ويقول سامر: "أصبحنا نرى في سلوكه ارتباكاً من طلبنا. أصيب بصدمة لا أعرف تفسيرها. وبات في فترة اللعب نراه متسمراً خلف الشاشة، أما في متابعة دروسه فنراه يميل إلى اللهو ولا يطيق البقاء مع معلمته". 

مشاكل متوقعة 
المشاكل التي يعاني منها أهالي الطلاب متوقعة، سواء لناحية عدم نجاح التعليم عن بعد للفئات العمرية الصغيرة، أو لناحية انشغال الأهل في وظائفهم، ما يمنع عنهم مرافقة الأولاد خلف الشاشات في منازلهم، أو لناحية تغير سلوك الأطفال في البيوت. لكن لم ينتبه الأهل لهذه المشاكل إلا عندما وقعت، أي في خلال هذين الأسبوعين من تجربة التعليم عن بعد حصراً. 

كان أغلب الأهالي يتخوفون من إرسال أولادهم إلى المدارس بسبب كورونا. لكن في ظل الخوف من إمكانية الاستمرار على هذه الحال، بدأ أهالي الطلاب يلاحظون مشاكل أولادهم النفسية، وبات الذين لديهم أكثر من ولد يشعرون أن بيوتهم تحولت إلى مدرسة، وعليهم أخذ دور الأستاذ. وبات معظم الموظفين أمام خيار ترك أحد أولياء الطلاب عمله للبقاء مع الأولاد في حال حصر التعليم عن بعد، إلى حين حصول لبنان على لقاح كورونا، أو في حال استمرار التعليم المدمج الذي يفرض على الأهل البقاء مع الأولاد في شق التعليم عن بعد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها