الأربعاء 2020/01/15

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

"ثلاثاء الغضب": حماسة شيعية مفاجئة تلهب ليل الحمرا

الأربعاء 2020/01/15
increase حجم الخط decrease

تُوّج يوم "ثلاثاء الغضب" بعنف وشغب اجتاحا منطقة الحمرا. فبالتزامن مع المسيرة الحاشدة إلى منزل حسان دياب، ومع إقفال جسر الرينغ بالكامل، نظم عشرات المحتجين اعتصاماً أمام المصرف المركزي، وأقفلوا الطريق أمامه، وحاولوا اقتحامه.. فتدخلت القوى الأمنية لصدهم، ما أدى إلى حدوث مواجهات، أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى، نُقل بعضهم إلى المستشفيات. كما عمدت "مكافحة الشغب" إلى اعتقال العديد من المشاركين في الاشتباك مع قوى الأمن.

تحطيم واجهات المصارف (علي علّوش)


"معركة" الحمرا
على الأثر، تداعت مجموعات للانضمام إلى المتظاهرين أمام المصرف. وسرعان ما اندلعت أعمال الشغب أدت إلى تحطيم واجهات عدد من المصارف في شارع الحمرا. ثم اتت تعزيزات أمنية كبيرة، وتم اقفال الطريق الممتد من مفرق الصنائع حتى طلعة فرنسبك، حيث امتدت المواجهات العنيفة مع المتظاهرين الذين تجمعوا عند صيدلية بسترس. وسقط جرحى في صفوف المتظاهرين والقوى الأمنية فاق عددهم الخمسين جريحاً، بالإضافة إلى عدد كبير من المعتقلين.

بدت المنطقة الممتدة من المصرف المركزي وصولا إلى صيدلية بسترس وتقاطع الكونكورد أشبه بساحة معركة. اذ عمد المحتجون إلى حرق جميع مستوعبات النفايات، ووضعها في وسط الشوارع. وعمد المحتجون إلى تحطيم واجهة مصرف الاعتماد اللبناني وفرنسا بنك وتحطيم زجاج وزارة السياحة. ووسط الدخان المتصاعد، جراء قنابل المسيل للدموع، بدت لافتة ارتفاع الهتافات "شيعة شيعة" و"لبيك يا نصرالله وبري"، رغم أن أعداداً كبيرة من المتظاهرين المتواجدين ينتمون للمجموعات الناشطة في الثورة.

في عمق شارع الحمراء، تجمع مئات المتظاهرين وتواجهوا مع القوى الأمنية، وحطموا زجاج جميع المصارف على امتداد الشارع الرئيسي. وبينما كانت القوى الأمنية تتجه صوبهم لتفريقهم راحوا يشعلون حاويات النفايات مرددين "كل ما يزيد العنف الأمني رح يزيد العنف الثوري" وهتافات ضد رياض سلامة والمصارف.

ولم تهدأ المواجهات التي استمرت طوال ساعات إلا في وقت متأخر من الليل.

مسيرة باتجاه منزل دياب
بعد محاولات كثيرة لقطع جسر الرينغ منذ الصباح الباكر في "ثلاثاء الغضب"، باءت كلها بالفشل، تمكن المحتجون بعد الظهر، بعدما فاق عددهم الخمسمئة شخص، من قطع الطريق بكل مساربه. وهناك، استطاع المتظاهرون أن يحتشدوا وينظموا مسيرة انطلقت على وقع قرع الطناجر والطبول وهتافات "ثورة ثورة" و"مولوتوف مولوتوف.. هيدي الثورة مولوتوف"، وقد انضم إليها أكثر من ثلاثمئة شخص أتوا إلى  جسر الرينغ من ساحة الشهداء. وبعد توقف لدقائق عدة، انطلق جزء كبير من الجمع باتجاه تلة الخياط حيث منزل حسان دياب.

وقد بدا أن قرع الطناجر وهتاف "ثورة" يدشن بحماسة هذا اليوم الذي يفتتح فيه اللبنانيون "أسبوع الغضب" والإنذار الأخير للسلطة للرحيل، كما قالوا وكتبوا في الدعوات الكثيرة التي وزعت.

انطلاق المسيرة من جسر الرينغ (مصطفى جمال الدين)

وما كادت المسيرة تصل إلى منطقة زقاق البلاط حتى بات عدد المشاركين يفوق الألف شخص. يصرخ الذي بيده مكبر الصوت "على بيت حسان دياب يالله يالله يا شباب" و"فل فل ما بدنا ياك تضل"، و"لا حريري ولا دياب مش حرامي بنفس تياب"، و"يا حسان قول الحق باسيل جابك ولله لأ"، فترد خلفه الجموع.

تصل المسيرة إلى مفترق شارع الحمراء لتسلك الطريق صعوداً باتجاه الصنائع، فتلة الخياط على وقع قرع الطبول والتصفيق، الشبيه بدق نفير الحرب، فيتصاعد هتاف "هالدولة البوليسية عم تحمي الحراميي". يبدأ الصراخ بضرورة الاتجاه إلى مصرف لبنان، فتنطلق الجموع نحو المصرف، ويبدأون بهتاف "حرامي حرامي رياض سلامة حرامي" و"واحد تنين تلاتة ردولي مصرياتي".

تكمل المسيرة طريقها باتجاه صيدلية بسترس، فيبدأ هتاف "مصرف لبنان حامي الحيتان". وتنطلق بعدها باتجاه شارع فردان، ويهتفون "الشعب يريد اسقاط النظام" و"اضرب طبلك وارفع صوتك يسقط يسقط حكم المصرف".

ما إن تصل المسيرة إلى مفترق الطريق المؤدي إلى تلة الخياط، حيث تجمع بعض شبان حركة أمل، يريدون استراق السمع للهتافات، علا هتاف "حرامي حرامي نبيه بري حرامي". وتبعه أغنية "حسّان حسّان حسونة مش ح تشكل لحكومة"، "لو بتشك براسك ريش إنت وحزب الليمونة"، قاصدين التيار الوطني الحر.

أمام منزل حسّان دياب (عباس سلمان)

حالت القوى الأمنية التي أقفلت جميع الطرق المؤدية إلى بيت الرئيس المكلف من اقتراب المتظاهرين إلى المبنى الذي يقطن فيه. فتجمعوا على بعد أكثر من مئتي متر عن المبنى. وعلت الهتافات الداعية لرحيل دياب. وهتفت الجموع ضد كل الطبقة السياسية وطالبوا دياب بالنزول إلى الشارع لملاقتهم، إذا كان مستقلاً كما يقول، ويعلن أمامهم حكومته. وفي حال كانت فعلاً مستقلة تنال ثقتهم.. وغير ذلك عليه الرحيل خلال 48 ساعة. وهددوا بزلزلة الأرض تحت أقدام الجميع يوم الخميس المقبل بعد الساعة الخامسة عصرا.

الخندق في الرينغ
ثم جاب المتظاهرون شوارع بيروت عائدين إلى جسر الرينغ، الذي كان ما زال مقفلاً. إذ عمد المتظاهرون بأعدادهم الكبيرة إلى نصب الخيم في وسطه، كما كان الوضع في الأسابيع الأولى للثورة.

الملفت في هذه المسيرة وفي تحرك قطع جسر الرينغ وقطع الطريق أمام مصرف لبنان تزامناً، نزول شبان الخندق الغميق مع المتظاهرين. فهم كما يقولون "من هذا الشعب ومنكوبين مثله في هذه الأزمة الحالية". وعلى حد قول أحدهم "المهم عدم تعرض المتظاهرين للسيد حسن بالشتائم".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها