الثلاثاء 2019/04/23

آخر تحديث: 00:04 (بيروت)

متعاقدو "الضمان" المنسيون في طرابلس: 16 شهراً بلا رواتب

الثلاثاء 2019/04/23
متعاقدو "الضمان" المنسيون في طرابلس: 16 شهراً بلا رواتب
يعيش المتعاقدون المحرومون من رواتبهم أوضاعًا إنسانية سيئة (الأرشيف، الوكالة الوطنية)
increase حجم الخط decrease

عادت قضية إثني عشر متعاقدًا في مركز صندوق الضمان الاجتماعي، في طرابلس، إلى الواجهة مجددًا، بعد مرور أكثر من عامٍ ونصف عام من دون أن يتقاضوا أجورهم. وفيما يشارك المتعاقدون المحرومون من رواتبهم، صباح يوم الثلاثاء، في الاعتصام مع عائلتهم أمام مركز الضمان، بدعوة من الاتحاد العمالي العام في الشمال، يبدو أنّ قضيتهم تتجه نحو التأزم هذه المرّة، لا سيما أنّهم عازمون على تنصيب خيمة اعتصام دائمة أمام مركز الضمان، والتوقف عن العمل إلى حين نيل مستحقاتهم.

فبعد أكثر من 16 شهرًا، يعيش فيها متعاقدو صندوق الضمان في طرابلس بلا رواتب، وبلا ضمان صحي.. وبلا أبسط حقوقهم، تأخذ هذه القضيّة طابعًا إنسانيًا، لما نتج عنها من تردّي في أوضاعهم المعيشية وعجزهم عن دفع أجور منازلهم وأقساط أولادهم المدرسية. لذا، بدأوا يرفعون الصرخة ويطلقون شعارًا استنكاريًا يائساً: "إلى متى سنبقى مكسر عصا من دون أن يسعى أحد لحلّ قضيتنا؟"

البداية
بالعودة ثلاث سنوات إلى الوراء، حين أدرج مجلس النواب قانونًا يمنع فيه إدارة الضمان من فتح باب التوظيف، وفصل تبعيته عن مجلس الخدمة المدنية، أدى ذلك إلى تقهقر الوضع في مؤسسات الضمان الاجتماعي، من تأخير وتعطيل وتسويف وتكديس لملفات المواطنين، نتيجة النقص في عدد الموظفين. وبسبب هذه التعقيدات، أقدمت إدارة المركز في طرابلس على الاستعانة بموظفين مؤقتين، فاقتضت الحاجة إلى تعيين 13 مياومًا (ترك واحد منهم عمله مؤخرًا) بمسعى من وزير العمل السابق محمد كبارة. وقد ساهم مجيئهم في تحقيق نقلةٍ نوعيةٍ في الخدمات، بعد سنوات من الانهيار والسوء الإداري. وحلّ وجودهم أزمة قلّة عدد الموظفين، الذين يخدمون 50 ألف مضمون و150 ألف مستفيد (بمعدل وسطي ثلاثة مستفيدين لكل مضمون).

وحسب المعلومات المتداولة داخل االتفتيش المركزي في الضمان، فإنّ عرقلة تسيير شؤون هؤلاء المتعاقدين تتعلق بالفقرة الأولى من المادة 624 لقانون الموجبات والعقود، الذي ينصّ على اشتراط تثبت علاقة الاستخدام وعلاقة العمل بـ ثلاثة عناصر هي: العمل، الأجر والتبعيّة القانونية. ولأنّ هؤلاء المتعاقدين لا توجد تبعيّة قانونيّة تربطهم بعملهم، بسبب عدم تسجيلهم في صندوق الضمان، فقد جرى التسويف في قضيتهم إلى هذا الحدّ. كذلك العقود الموقعة معهم، تحمل تسمية "عتالة على القطعة"، التي تعدّ نوعًا ما تسمية "غير لائقة"، لأنّ هدفها عدم تسجيلهم في صندوق الضمان، كي لا يستفيدوا من تقديماته.

الاعتبار الطائفي؟!
وفيما يحتاج الضمان إلى موظفين وكادر بشري كبير، يقوم بجميع المهمات التي رميت على عاتق هؤلاء المتعاقدين، فإنّ التوظيف في مراكز الضمان في ظلّ المادة 54 من قانون الموازنة في العام 2004، لا يتم إلّا في إطار مجلس الخدمة المدنية، مع العلم أنّ موظفي مراكز الضمان لا يتقاضون أجورهم من الدولة وإنّما من الصندوق مباشرةً.

واقع الحال، أنّ ثمّة اعتبارًا "طائفيًا" هو لغز القضية كلّها. وحسب ما يشير مصدر رسمي لـ"المدن"، فإنّ مسألة توظيف هؤلاء المتعاقدين وإعطائهم كامل حقوقهم المترتبة، وهم كلّهم من الطائفة السنيّة، يتوقف على مطلب سياسي مقابل، يُصرّ على توقيع عقود توظيف جديدة في مراكز ضمان أخرى، تأمينًا لما يسموه بـ"التوازن الطائفي". فـ"إذا حُلّت هذه المعضلة، تُحلّ أزمة متعاقدي ضمان طرابلس"، الذين أصبحوا في وضعٍ اقتصادي منهار، ويُرثى له.

وفي السياق، يشير أمين صندوق اتحاد نقابات عمال الشمال شادي السيد لـ"المدن"، وهو الذي يُعتَبر "المحرّك" الأساسي لقضية متعاقدي ضمان طرابلس، أنّ هؤلاء المتعاقدين يعيشون أوضاعًا إنسانية ومعيشية مأسوية للغاية. يقول: "جاء المتعاقدون الـ 12 إلى مركز ضمان طرابلس، قبل سنتين و6 أشهر. وفي أيام وزير العمل السابق محمد كبارة، استطاعوا أن يتقاضوا سنة كاملة، وبقي لهم سنة و6 أشهر. ورغم أنهم سبق وقدموا كتابًا عبر الاتحاد العمالي العام إلى دائرة التفتيش في الضمان، فهم لم يلقوا جوبًا، علمًا أنّ الأموال في صندوق الضمان متوفرة بكثرة". يقارب السيد قضيتهم بحملة التوظيفات التي سبقت انتخابات أيار 2018 ويسأل: "لماذا يجب أن نرضى بما قام به وزير الخارجية جبران باسيل حين أدخل عددًا كبيرًا من الموظفين في طرابلس إلى مؤسسات قاديشا وأوجيرو وكثير من القطاعات الرسمية، متجاوزًا القوانين لغايات سياسية؟ ولماذا لا يتحرك أحد من قيادات طرابلس لتسوية أوضاع هؤلاء المتعاقدين المتروكين؟ علمًا أنهم دخلوا بشهاداتهم وبجهود سياسية. وهم قانونيًا بعد مرور هذه المدة على عملهم يتوجب إدخالهم في صندوق الضمان؟".

آخر الأجوبة
وفي  اتصال مع "المدن"، يشير رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، أنّ هؤلاء المتعاقدين يساهمون في تحريك عجلة العمل في مركز طرابلس بمساهمةٍ فعالة. وفي الاعتصام السابق "ساندتهم وكنت إلى جانبهم". أمّا حاليًا، فـ"نحن نقود نوعاً من الوساطة والاتصالات مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حتى نصل إلى حلٍّ، ويُصار إلى تقاضي أجورهم بشكل منتظم إلى جانب دفع متأخراتهم".

من جهته، امتنع مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، محمد كركي، أن يشرح في اتصال مع "المدن" الأسباب الحقيقية التي آلت إلى عدم إعطاء المتعاقدين أجورهم. يكتفي بالقول: "هناك بعض الاجراءات نتبعها لحل قضيتهم، في الأسابيع القليلة المقبلة. وهذا الموضوع سيُتابع، لتقاضي حقوقهم، بالتعاون مع وزير العمل ورئيس الاتحاد العمالي العام".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها