وفي هذا الإطار، يستغرب المدير التنفيذي لـ"الشبكة العربية للمنظمات المدنيّة"، زياد عبد الصمد، الواردة اسمها في اللائحة، خطوة علوية، ليس فقط لكون الشبكة لا تعمل في مجال الإغاثة، بل لكون "المصلحة" تنقل مشكلتها مع إحدى المنظمات العالمية لتضعها على عاتق بعض الجمعيات المحلية، التي لا دخل لها في تجمّعات النازحين على ضفاف النهر. وقامت تلك المنظّمة بتزويد المصلحة بهذه اللائحة، مبرّئة نفسها من القضية الملقاة على عاتقها بشكل أساسي. وتوجّه عبد الصمد برسالة إلى علوية عبر "المدن" قائلاً: "نحن نقف إلى جانبك في العمل على نزع التعدّيات عن مجرى نهر الليطاني، ونثمّن العمل الجبّار في ملاحقة المصانع والملوثين، لكن "بلّ اليد" بالمجتمع المدني غير جائز. أولا لأنّ عليك التدقيق بلائحة تلك المنظمات، وطبيعة عملها كي لا تأخذ الأمور بُعداً سياسياً. فبعضها يعمل في مجال الإغاثة والبعض الآخر لا. المسألة حساسة جداً، لأن جمعيات المجتمع المدني تقف إلى جانب "المصلحة" في عملها وتستطيع الوصول معها إلى حلول مستدامة، لكنها لا تستطيع مراقبة عمل المنظمات الدولية التي لا تتشاور في مشاريعها مع المجتمع المدني".
الفصل للقضاء
بدوره أوضح علوية بإنّ إرفاق أسماء الجمعيات في الإخبار لا يعني أنها جميعها مدانة. فتلك التي لا تعمل مع النازحين غير معنيّة بالإخبار، رغم ورود اسمها فيه. وجلّ ما حصل أنّ "المصلحة" أرفقت لائحة المنظمات والجمعيات العاملة في منطقة البقاع، كما وردتها. ولم تعمل على شطب أي اسم منها، كي لا تكون انتقائية في اختيار الأسماء. لقد أرفقت "المصلحة" اللائحة كما هي إلى القضاء، كي يتحقق منها، وزوّدته بمرفق خاص حول طبيعة عمل كل جهة منها. فعلى سبيل المثال مؤسسة مثل كاريتاس لا تقوم بأعمال مع النازحين، وورد اسمها. ولفت إلى أنّ "المصلحة" لم تتقدّم بدعوى قضائية، كونها لا تستطيع اتخاذ صفة الإدعاء، وإنما تقدمت بإخبار وفق القانون. وليس بالضرورة أن تكون كل جهة وردت في الإخبار مدانة، وليس بالضرورة أن تكون جهات أخرى لم يرد اسمها في الإخبار بريئة.
وإذ يلفت علوية إلى وقوف "المصلحة" إلى جانب جمعيات المجتمع المدني، رافضاً أن يصبح لبنان مثل بعض الدول العربية التي تقمع الجمعيات، يشدّد على أنّ الجمعيات المعنية هي تلك التي تعمل في مجال إغاثة النازحين وهي كثيرة. ولدى "المصلحة" ملاحظات كثيرة عليها، فهي تقوم بجني الأموال لتنفيذ المشاريع مع النازحين و"صحتين عا قلبن"، وعملها إنساني و"المصلحة" تقدّره. لكن مثلما ينفقون الأموال على المساعدات الغذائية والدعم النفسي والطبي للنازحين.. عليهم تخصيص جزء من أموال المشاريع للصرف الصحي، ورفع النفايات عن مجرى النهر. وعليها أن تعلم أن هناك أملاكاً نهرية تابعة للدولة، ولا يجوز أن تدفع المنظمات بدل إيجارات لخيم النازحين لأناس يحتلون تلك الأملاك.
المنظمات الدولية لا تكترث
انتقادات الجمعيات لهذه الخطوة أتت على خلفية أنّ هناك جمعيات كثيرة في المجتمع المدني تعمل على قضايا البيئة. والحملة التي قام بها المجتمع المدني ضد الفساد في الملفات البيئية، لوقف التعديات على نهر الليطاني، ووقف التلوث فيه، ساهمت في لفت الأنظار قبل أي طرف آخر، وفق عبد الصمد. وبالتالي ما قامت به الجمعيات يصبّ في جهود "المصلحة" الحالية، وهذا ما يجب عدم تناسيه من قبلها. لذا، يعتقد عبد الصمد إنّ التفكير يجب أن يكون في اتجاه ربط العمل الإغاثي بالتنمية التي تأخذ بعين الاعتبار القضايا البيئية واستدامتها. وهناك منظمات عديدة يشمل تدخلها الإنساني الإغاثي تنفيذ برامج تنموية، خصوصاً أنّ أزمة النازحين طويلة الأمد وليست آنية. المشكلة في العديد من المنظمات الدولية التي تعمل في المجال الإنساني والاغاثي، ولا تأخذ بالاعتبار البعد التنموي، بالتالي فإنّ مشكلة "المصلحة" يجب أن تكون مع تلك الجهات.
مسح المصلحة
تجدر الإشارة إلى أنّ الإخبار شمل مسحاً ميدانياً أجرته "المصلحة" حديثاً، يظهر أنّ العدد التقريبي للنازحين المقيمين على ضفاف النهر حوالى 68645 شخصاً، وأنّ العدد التقريبي للسكان اللبنانيين عليه حوالى مئة ألف نسمة في أقضية زحلة والبقاع الغربي وبعلبك. أما كميات الصرف الصحّي التي تصب في معظمها في النهر مباشرة، وتتسرب إلى المياه الجوفية، فتصل إلى حوالى 46 مليون متر مكعب سنوياً، وكميّات الصرف الصناعي هي حوالى أربعة ملايين متر مكعب ناتجة عن 185 مصنعاً. هذا ويصل عدد المستفيدين من مياه الشفة الملوثة نحو 50 ألف مواطن في البقاع، وهناك نحو ألف هكتار تُروى من النهر. وكانت الدولة قد أتلفت نحو 20 هكتاراً الصيف الفائت.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها