الثلاثاء 2019/02/19

آخر تحديث: 00:32 (بيروت)

"كانديا" تلوث الليطاني وتسرق مياه اللبنانيين (1)

الثلاثاء 2019/02/19
"كانديا" تلوث الليطاني وتسرق مياه اللبنانيين (1)
حاولت الشركة زيادة أعماق حفر الآبار الموجودة لديها، من دون الاستحصال على الرخص المطلوبة (المدن)
increase حجم الخط decrease
تتابع مصلحة الليطاني، وبجهد كبير، قضية تلوث نهر الليطاني، وإزالة التعدّيات وملاحقة الملوّثين. وهي تلاحق الكثير من المصانع التي ترتكب الجرائم البيئية. اليوم، نأخذ واحداً من هذه المصانع، كمثال عما يجري في البقاع وخصوصاً في حوض الليطاني. 

وقد نظّمت حملة إعلامية إستثنائية في هذا الخصوص، مستخدمة فيديو صادم عن التلوث الذي تتسبّب به شركة "ألبان لبنان" في البقاع، والذي جاء بعنوان "ألبان لبنان... فداحة الجرم ووقاحة الملوث". ففي الفيديو المُعد من قبل مصلحة الليطاني، تظهر سلسلة من الإعلانات الترويجية لمنتجات الشركة المنمّقة، تظهر الأطفال وهم يشربون عصائر "كانديا"، وألصقت بكل منها، مباشرة، التلوث الناجم عن الشركة في المنطقة، من خلال تصريف الأمصال وروث المواشي في نهر الليطاني. لكن، هل تقتصر مشكلة تلك الشركة في حوش سنيد على الصرف الصحي والنفايات والمجارير؟ ومن أين يأتي المعمل ومزرعة الأبقار التابعة لها بالماء لتشغيله؟ وما هي مصادر هذه المياه؟ وكيف تضرّ النظام البيئي وتسبب جفاف المياه الجوفية؟ وهل تستحصل الدولة اللبنانية على الأموال المطلوبة ثمن المياه؟ وهل تملك تلك الشركة الرخص المناسبة للحصول على المياه؟ وهل هناك من رقابة لمؤسسات الدولة، كما يفترض، عليها؟

بلا ترخيص
أسئلة كثيرة ستجيب عنها "المدن" من خلال فتح قضية فساد كبيرة، تقوم بها الشركة من دون حسيب أو رقيب، طالما أنّ جميع الشكاوى بحقها تذهب أدراج الرياح.

تأسّست مزرعة ومعمل "ألبان لبنان" في العام 1996، من خلال تأسيس شركة "ألبان لبنان" المرخّصة من شركة "كانديا" الفرنسية، بهدف إقامة مزرعة أبقار ومعمل لإنتاج الحليب الطازج، ومشتقات الألبان والأجبان. لكن، المستغرب في الأمر، هو كيف أُنشئ مصنع يُفترض أنه يخضع لقانون البناء والزراعة. فالمنطقة مصنّفة زراعية وليست صناعية، ما يعني أنّه من غير الجائز إقامة مصانع فيها، ومزارع أبقار ومواشي، نظراً لقربها من المجمّعات السكنية.  وبعيداً عن هذه المسألة المنسية، المزرعة والمعمل بحاجة ماسّة إلى المياه لتشغيلهما. وعليه، تمّ حفر آبار جوفيّة في نطاق المزرعة والمعمل، في منطقة تعوم على بحر من المياه الجوفية التي تكوّنت منذ ملايين السنين، وحيث كان لا يتجاوز عمق حفر البئر لاستخراج المياه أكثر من 75 إلى 100 متر، رغم عدم قانونية حفر الآبار بالقرب من الينابيع والأنهر لخطورتها المباشرة على المياه الجوفيّة وعلى جفاف مجاري الأنهر. لكن الشركة حفرت الآبار واستنفذت المياه على تلك الأعماق ومضت في خرقها للقوانين، من دون الحصول على التراخيص اللازمة.

سلطة الأمر الواقع
وبعد توسيع أنشطة الشركة الإنتاجية لتصنيع الأجبان والألبان، بما فيها تلك المحلّاة، والعصائر المذوّبة، اقتضى الأمر زيادة عدد الأبقار الحلوب، لتلبية زيادة الطلب على المنتوجات، ومع نفاذ المياه الجوفية على أعماق 150 متر (يفرض القانون اللبناني شرط الاستحصال على رخصة مسبقة ومشروطة لحفر الآبار، وتكون محدّدة بعمق 150 كحد أقصى وغير جوفية "نزاز"، ويفرض القانون صدور مرسوم جمهوري لحفر واستثمار الآبار بعمق يتخطى الـ150)، بات الوصول إلى المياه يحتاج إلى حفر آبار بعمق يصل حتى إلى أكثر من 500 متر. لذا استعانت الشركة بشراء المياه من الآبار المجاورة لمنطقة المزرعة والمعمل بواسطة الصهاريج، خصوصاً بعد بروز مشكلة تلوّث المياه الجوفيّة، الناجم عن تصريف مياه الصرف الصحي واختلاط مياه الأمطار بروث الأبقار، ما أجبر الشركة على تركيب فلاتر مياه مكلفة جداً. كما حاولت الشركة زيادة أعماق حفر الآبار الموجودة لديها، من دون الاستحصال على الرخص المطلوبة من المراجع المختصة.. لكن محاولتها باءت بالفشل.

عندها، رأت الشركة ضرورة الإستعانة بسلطة "الأمر الواقع"، لتأمين المياه على الطريقة اللبنانية. فتمّ الاتفاق على حفر بئر مياه في عقار خاص في جرود قرية الخضر المجاورة لمنطقة الشركة، التي تعتبر تربتها "بكراً" وتتغذّى من سلسلة جبال لبنان الشرقيّة، جرّاء ذوبان الثلوج ومياه الأمطار. وهي مياه نقيّة، لا تحتاج إلى مجهود كبير للتكرير. وتمّ حفر البئر على عمق 450 متر، وزوّد بمضخّات لاستجرار المياه إلى الشركة بواسطة أنابيب بلاستيكية بطول يصل إلى نحو 6 آلاف متر، وعلى مرأى من سكان المنطقة من أهل قرى حوش سنيد والخضر وحور تعلا وبريتال، وعلى عينك يا دولة...

غداً، المزيد من التفاصيل حول عدم قانونية البئر وغيره من الآبار.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها