الأحد 2019/12/15

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

شربل الثائر في جلّ الديب: لنكن لبنانيين وننسى أحزابنا

الأحد 2019/12/15
increase حجم الخط decrease

يرفض شربل القاعي، الذي برز في تحركات جل الديب، النطق باسم الثوار هناك. فهو ثائر أسوة بهم، ومواطن لبناني يحب لبنان، ونزل إلى الشارع مثل باقي أصدقائه، مدفوعاً بحس التغيير نحو الأفضل. ولو تسنى البقاء إلى جانب طفليه، لفعل. فهو بالكاد رآهم لماماً منذ قرابة الشهرين.

الثورة بعد الخُضَر والرياضة
قبل مشاركته في الثورة لإصلاح أحوال بلده، كان مزارعاً ويعمل في بيع الخضر. وبما أن المزارع يطمح للحصاد، شبّه اللبنانيين المنتفضين بالمزارعين الذين يعتنون بالبذور والشتول، كونهم حريصين على لبنان للوصول به إلى بر الأمان.

في حديثه إلى "المدن" يقول القاعي: "كنت قبل 17 تشرين أحب فريق الحكمة لكرة السلة. واندفعت في حب الطابة والفريق، أخسر أو ربح. لكن بعد 17 تشرين صار اندفاعي الوحيد لعدم خسارة لبنان. أي أنني عملياً انتقلت من الملعب إلى الشارع كي أدافع عن وطني. فرغم قناعتي التامة بأن اللبنانيين متحزبين، لكنني على يقين أن أحزابنا باتت وراءنا. لم يعد اللبنانيون ينصتون إلى زعمائهم، وخرجوا على أحزابهم في ثورة باتت تجمعهم. وشخصياً علمتني الثورة أشياء كثيرة لم اتعلمها يوماً في حزبي".

تفاهم المختلفين بلا قيادة
نسأله إلى أين ستصل الثورة، وهل عدم وجود قيادة موحّدة لها تمكنها من تحقيق أهدافها؟ فيجيب: حققت الثورة نجاحات كثيرة منذ استقالة الحكومة إلى اليوم. حتى أن من قبعوا في الحكم لأكثر من ثلاثين عاماً نراهم عاجزين عن السير في استشارات نيابية، ويحسبون ألف حساب قبل تكليف رئيس حكومة، لأنهم يخافون من غضب الشعب الذي خرج إلى الشوارع. فهم على قناعة أنهم إذا أتوا بأي شخص غير نظيف ولا يمثل الناس المنتفضين، سيبقى الناس في الشارع، إلى حين تشكيل حكومة مستقلة.

ويرى القاعي أن لا أحد يدير الناس. و"أهمية الشارع أن لا أحد يقوده. وعندما يصبح للثائرين قيادة تنهي الأمور، تنتهي الثورة ولن يبقى منها أي شيء. ففي كل منطقة يوجد أفكار مختلفة عن الأخرى، حتى داخل خيمتنا في جل الديب كل شخص يملك آراءه، ومن الصعب توحيد الجميع على فكرة واحدة. لكن في المقابل جميع الآراء والطروحات والأفكار في الساحات هدفها واحد: إصلاح البلد والقضاء على الفساد. الجميع ناضجون ويحترمون بعضهم البعض الآخر. وبات لنا أخوة في الساحات كلها، ونستمع لهم ونناقشهم في كل شيء.

الحريري بلا فاسدين
هل ستقبلون بسعد الحريري رئيساً؟ نسأله، فيجيب: نحترم سعد الحريري، لكنه مرفوض من 90 في المئة من الثائرين في الشارع. وهذا لا يعني أنه لن يُعطى فرصة في حال عودته. الثوار على الأرض يقررون. والمسألة تتعلق بمن يأتي معه. وعندما يرضى الشارع بسعد الحريري لن نقف عقبة، ونقرر مع باقي الثوار. لكننا نريد حكومة مستقلين قادرة أن تنهض بالبلد.

وتابع: ربما يرضى بالحريري رئيساً نصف الشعب اللبناني، لكن عليه أن يبدأ بمحيطه قبل أن يقرر العودة بحكومة جديدة. فالجميع يعرف أشخاصاً في محيطه مرتبطين بقضايا فساد. ما يعني أن عليه أن يبدأ بهم إذا كان ينوي التغيير. وأضاف: علينا ألا ننسى أن لبنان بات أشبه بسفينة تغرق، وكل يوم نرى الفقر يزداد والعائلات تتشرد في ظل الأوضاع الصعبة. نريد أن نعرف إلى أين نصل بهذا البلد؟ اليوم نحن بلا عمل ولا عملة. وهناك مخاوف جدية من إفلاس لبنان. الثورة تؤدي إلى بر الأمان. ونريد أن نبني لبنان على الصخر لا على الرمل، أي الفساد والفاسدين. ونريد جسم قضائي عادل ومستقل كي يسترد اللبنانيون أموالهم المنهوبة. فهل الحريري سيفعلها؟

انتخابات نيابية ضد الفساد
عما بعد الحكومة قال: نطالب بانتخابات نيابية بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة الجديدة، حتى بأي قانون انتخاب. فالشعب بات يعرف كذبهم. لكن في المقابل نرفض قوانين انتخابية يضعونها على مقاسهم.

أي حكومة جديدة عليها أن تبدأ بمحاربة الفساد وملاحقة الموظفين الفاسدين في كل الدوائر الحكومية، العقارية النفوس وتسجيل السيارات. وتساءل: هل من مواطن لم يدفع برطيل مقابل خدمة مجانية أو لتسهيل معاملته؟ يجب أن يحاكموا كل إنسان فاسد، ونريد قضاءً مستقلاً.

وأضاف: نحن لسنا مشروعاً سياسياً بل نريد وطناً. وحكومة من المستقلين وزير عدل قادر على إعادة تشكيل الجسم القضائي من أشخاص نزيهين ومستقلين. فالمشكلة الحالية أن القوى السياسية هي التي تعيّن القضاة.

تجربة سياسية جديدة
هل يرى اختلافاً بين 17 تشرين وباقي الانتفاضات والتحركات التي مرت على لبنان؟ - سألناه، فأجاب: لا أخفي عليك أنني كنت من الشبان الذين تظاهروا في 14 آذار. لكن حينها كان هناك فريق آخر اسمه 8 آذار. اليوم الكل في الشارع، وهناك جزء من جمهور 8 آذار ينزل معنا، على الرغم من وقوفه في وجهنا بعض الأحيان، كشارع ضد شارع. لكن ما يميز تحرك اليوم أن لا أحزاب تفرق بيننا أو تديرنا، بل الكل مدفوع خلف لبنان. في السابق كنا في الشارع باسم أحزابنا أما اليوم فننزل من أجل وطننا. نحن في الشارع للمطالبة بحقوقنا وخوفاً من القادم في ظل الانهيار. إذا أكملنا من دون حكومة إنقاذية لفترة طويلة، نصل إلى ما لا يحمد عقباه بعد نحو شهرين. هذه التجربة علمت الجميع كيف يفكرون في بلدهم، وكيف يجب أن يدار. في السابق لم يكن أحد يهتم بهذه الأمور. حتى الأشخاص الذين لا يعرفون شيئا في السياسة باتوا يقرأون الأحداث ويحللون الأمور.

لا نواجه حزب الله
سألناه عن بوادر الحرب الأهلية بعد واقعتي جسر الرينغ وعين الرمانة. فقال: لا نريد أن نرد على السيد حسن نصرالله. نحن لم نشتمه في جل الديب. فله رمزية دينية نحترمها. لكن في السياسة تختلف الأمور. في موضوع سلاح حزب الله أنا ضده منذ 7 أيار 2008. وأنا ضده لأن القوى الأمنية لا تستطيع الوقوف ضد الجمهور الذي يعتدي على الثوار بسبب استقوائه بالسلاح. لكن منذ بداية الثورة لم نفكر بسلاح حزب الله. وقلنا من نحن لنمنعه؟!

وتابع: لا نريد أن ندخل في جدل مع السيد حسن، ورغم اختلافنا في السياسة مع جمهوره، نركز على ما يجمع بين الناس ولا نريد الدخول في الزواريب الطائفية.

وقال: أحترم أهل الخندق الغميق كونهم اخوتنا في الوطنية. ربما هم ما زالوا يسيرون خلف زعيمهم، بينما أنا تحررت من الزعيم. لكن سيأتي اليوم الذي نجلس معهم كتفاً إلى كتف لبناء وطننا. علينا أن نضع خلفنا انتماءنا كمسلمين ومسيحيين، ونبني وطننا. علينا أن نكون لبنانيين وننسى أحزابنا.

وأضاف: كان التيار الوطني الحر يواجهنا بأنه يطالب بمطالب الثورة. عندما نزلنا إلى الأرض طلبنا من جميع الحزبيين، وتحديداً من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، أن يخلعوا أحزابهم ويتركوها في منازلهم وينزلون إلى الساحات رافعين العلم اللبناني، وأن يرفعوا مطالبهم الإصلاحية. لكنهم رفضوا ونزلوا بأعلامهم الحزبية، فرفضهم الشارع، لأنهم لا يريدون التخلي عن أحزابهم. ربما بسبب حساباتهم الخاصة ومحاصصاتهم ووظائفهم التي يخافون عليها.

أكره إسرائيل
بالنسبة لنا رئاسة الجمهورية خط أحمر، قال القاعي، وتابع: لنا موقفنا من رئيس الجمهورية. لقد أصيب منا أربعة في اعتداء مناصري التيار الوطني الحر على المتظاهرين في الاعتصام على طريق القصر الجمهوري. واعتدى علينا إخوتنا في التيار الوطني الحر في جل الديب وأطلقوا النار علينا وسقط منا 17 جريحاً. لكننا واجهنا حزب الله والتيار الوطني الحر، وقلنا لهم سامحكم الله على فعلتكم، ولا نريد شارعاً ضد شارع.

وعن اتهام المتظاهرين بوقوف السفارات خلفهم، قال القاعي: أحب وطني وأكره إسرائيل، وكل انسان اعتدى على لبنان نحن ضده. نحن ضد الجيش الإسرائيلي مثلما نقف ضد الجيش السوري. نريد أن نعيش كلبنانيين ولا نريد أن يحكمنا أحد غير لبناني، لا السفارة الأميركية ولا الإيرانية. ومن يتهمنا بتمويل السفارات عليه أن يزورنا في خيمتنا ويرى ماذا نأكل وماذا نلبس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها