لجأ المدرسون إلى التصعيد في الشارع، فنفذوا اعتصاماً أمام مبنى الاتحاد الأوروبي ببيروت، بعد تلقيهم معلومات من وزارة التربية عن عدم دفعه الأموال المتوجبة عليه للوزارة. سلم وفد منهم مكتب الاتحاد لائحة بمطالبهم. لكن القيّمين في المكتب أكدوا للأساتذة أنهم دفعوا جميع الأموال التي تعهدوا بها إلى وزارة التربية اللبنانية، وأن لا علاقة لهم بالتأخير الحاصل في تلقي رواتبهم. وهذا ما حمل المدرسين على بثّ الشائعات بأن ثمة هدر في الوزارة، حال دون توفر الأموال اللازمة لتغطية أجور ساعات التدريس المتراكمة من السنة الفائتة.
ووفق مصادر "المدن" يبدو أن هناك جهات معينة في الاتحاد تساهم في تضليل الأساتذة، ملقية المشكلة على وزارة التربية. ليس هذا فحسب، بل يتداول المدرسون معلومات عن أن الاتحاد تعهد بأن يتلقى المدرس 20 دولاراً عن كل ساعة تدريس، فيما لا تدفع الوزارة سوى 18 ألف ليرة عن كل ساعة، وهذه عملية نهب منظم لحقوقهم.
مصادر وزارة التربية نفت نفياً قاطعاً كل ما يشاع، معتبرة أن الأساتذة يتعرضون لحملة تضليل كبيرة. وشرحت بأن كلفة التلامذة البالغ عددهم 153 ألف، هي 92 مليون دولار، وصل إلى الوزارة من الجهات المانحة 83 مليون فقط ، ما جعل النقص 9 مليون دولار. ولفتت المصادر إلى أن الجهات المانحة وعدت بتغطية حاجة الوزارة، لكن من دون تعهد خطي. وجل ما حصل أن الجهات المانحة دفعت المبالغ التي التزمت بها، لكنها أقل من حاجة الوزارة لتغطية الكلفة. وفي الاجتماعات التي عقدت سابقاً أبلغت الوزارة الجهات المانحة بهذه الفجوة، ولم يحرك أحد ساكناً.
وتابعت المصادر، أن الاتحاد يريد تعليم جميع الطلاب، ولكن في المقابل لا يلتزم في سداد النقص المالي الحاصل. فالمعنيون في الاتحاد الأوروبي يستطيعون بذكائهم التهرب عبر تضليل الأساتذة بأن الاتحاد دفع ما التزم به، بينما المطلوب تغطية الحاجة والفجوة المالية الحاصلة.
بين الوزارة والمانحين
وعن أن الاتحاد الأوربي حدد 20 دولاراً لساعة التدريس، قالت المصادر إنه لا يحدد أي سعر للساعة ولا يتدخل، بل إن الوزارة هي التي تحدد السعر، حسب كلفة التلميذ التي يحددها ويدفعها الاتحاد، وهي 600 دولاراً للطالب في دوام بعد الظهر، و363 دولاراً للطالب في دوام قبل الظهر. والوزارة تعدّ جداول دقيقة بما يُصرف على التلامذة في هذا البرنامج، وتنشرها على موقعها الإلكتروني، ويستطيع جميع الأساتذة التأكد من هذا الأمر. وليس من التزامات خاصة للدولة اللبنانية مع هؤلاء الأساتذة. فهم يعلمون التلاميذ على حساب الجهات المانحة التي تعهدت بهذا الأمر، ووجودهم مرتبط بالتمويل.
وإذ لفتت مصادر وزارة التربية إلى أن بعض الجهات المانحة، وعلى رأسها فرنسا، خفّضت تقديماتها، أكّدت أن الدولة بحاجة إلى 365 مليون دولاراً سنوياً لتنفيذ برنامج تعليم التلامذة اللاجئين. وهذه الكلفة موزّعة على التعليم والترميم والتجهيزات والقرطاسية والكتب. لكن الجهات المانحة لم تغط هذه المبالغ في كل السنوات السابقة، ولم تتجاوز المساهمات الممنوحة 50 في المئة من الكلفة. لذا طالب الوزير شهيّب الجهات المانحة رفع المساهمة عن كل طالب لنحو 1100 دولار سنوياً، لتأمين كلفة البرنامج.
ولفتت المصادر إلى وجود أزمة في تحمل أعباء تعليم الطلاب اللاجئين، جعلت الأساتذة يلقون اللوم على الوزارة، معتبرين أنها مقصرة وأن ثمة هدر أو سرقات، بينما المشكلة هي عند الجهات المانحة الرافضة رفع مساهمتها تماشياً مع كلفة الطلاب وعددهم الكبير.
وأصدر الكتب الإعلامي في وزارة التربية والتعليم العالي بياناً أوضح فيه أن "ما تداولته إحدى الصحف وعدد من وسائل الإعلام المرئية عن فساد بقيمة تسعة ملايين دولار في وزارة التربية، عارٍ من الصحة ولا أساس له على أرض الواقع. وغدا (يوم الأربعاء) يعقد وزير التربية أكرم شهيب اجتماعاً مع الممثل المقيم للأمم المتحدة، وممثلة اليونيسف وممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، للبحث في كيفية سد الفجوة المالية المتعلقة بحقوق الأساتذة المستعان بهم في دوام بعد الظهر عن العام الدراسي الماضي".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها