السبت 2018/08/11

آخر تحديث: 02:09 (بيروت)

صائدو الكنوز يتسللون إلى ذهب داريا الضنية

السبت 2018/08/11
صائدو الكنوز يتسللون إلى ذهب داريا الضنية
تزداد الترجيحات بوجود آثار رومانية من خلال طبيعة الحجارة الضخمة المرصوفة (بشير مصطفى)
increase حجم الخط decrease

يستمر صائدو الكنوز بالبحث عن الذهب المدفون في داريا الضنية بصمت وسرية كبيرين. ولا يتأخر هؤلاء في العبث بمجموعة من الآثار التي يعود أقدمها إلى الحقبة الرومانية. وهم يستغلون وعورة الطريق وبعدها عن الأنظار للاستمرار في السعي وراء سراب الثروات.

وينفي الأهالي معرفتهم بحقيقة وجود ذهب مدفون منذ عصور بعيدة. إلا أن البعض يتحدث عن وجود "رصد" وسحر تحميه أفعى ذات قرون ومغطاة بالشعر. فيما يتهم آخرون أحد النافذين بسرقة أحد القبب الحجرية التاريخية وتحويلها إلى "أجران لدق اللحمة". وعند السؤال عن سبب عدم الادعاء على أشخاص معروفي الهوية، يكون الرد على شاكلة "تجنب المشاكل وقلة الوعي".

تشتهر داريا الضنية بسنديانتها العظيمة التي تحولت مع الزمن إلى معلم سياحي يقصده الناس. ولا يتأخر بعض رعاة الغنم عن التوجه إليها، طلباً للعزلة والمرعى الخصب للأغنام. وهي تحفل بالذكريات التي حفر بعضها في الأنحاء. فيما يبرز تعلق الأهالي بهذه البقعة النادرة، من خلال تحولها إلى مدفن للأجداد الكبار.

وفي محيط هذه الأشجار العظيمة، التي تشبه جذوعها المغاور، تنتشر حجارة ضخمة مصقولة. ما يدفع إلى ترجيح وجود عمران أو حصن في الأزمنة الماضية. وقد استخدمت بعض الحجارة الصلبة لبناء المسجد الغربي الذي بقيت منه الأطلال وبعض الجدران المتهاوية.

وتزداد الترجيحات بوجود آثار رومانية من خلال طبيعة الحجارة الضخمة المرصوفة، بالإضافة إلى الألواح الجيرية المحفورة. وليس بعيداً من السنديانة الأم، جرن حجري قديم وضع عليه أبو الغضب بصمته. وينفي غسان أمون، وهو أحد أبناء البلدة، أن يكون من قام بتشويه هذا الجرن القديم من الضيعة، لأن أبناءها يفتخرون بتاريخها ويرفضون الإساءة إليه. والأهالي حافظوا على هذه المواقع التاريخية رغم عدم وجود أي جهة رسمية تتولى حمايتها.

وإذا تابع الزوار مسيرهم نحو الأسفل باتجاه الأدوية العذراء وعين داريا، سرعان ما يقعون على كشف جديد ألا وهو الناووس. وهذا الناووس الحجري ما زال حاضراً وواضح المعالم من الخارج، حيث توجد بعض الكتابات المحفورة في الصخر. لكن الخوف من ظلمة المجهول، ووجود صخرة كبيرة سدت باب الكهف، حالتا دون دخول الناس إليه واستكشاف ما يحكى عن وجود بقايا جثث وجماجم دفنت هناك منذ أزمنة بعيدة.

ويوضح الدكتور خالد تدمري أنه قام بعملية توثيق للموقع بالتعاون مع اتحاد بلديات الضنية في إطار مسح لآثار المنطقة، واتضح بصورة أولية وجود بقايا كنيسة بيزنطية. ويلفت إلى ضرورة القيام بحفريات من أجل اكتشاف مزيد عن تاريخ هذه المنطقة، التي تعرضت لأضرار ملحوظة.

وتنتشر على طول طريق المشاة الوعرة، الواصلة بين إيزال وداريا، خراطيش الصيد. ما يؤشر إلى كثافة مرتادي المنطقة في موسم الصيد من مجموعات الهواة.

وفي غياب أي مبادرة رسمية لحماية المنطقة الخلابة والغنية، تبقى المبادرات الفردية سيدة الموقف. وتحول هذا الموقع إلى مكان يقصده أنصار البيئة ومحبو الطبيعة. ولا يقتصر الزوار على أبناء القرية البعيدة نسبياً عن قلب المدنية، إنما يأتون من أماكن بعيدة مثل طرابلس. ويترك البعض من هؤلاء بصمتهم السلبية على هذا الموقع الأثري المهمل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها