الخميس 2018/10/18

آخر تحديث: 08:20 (بيروت)

محمد غادر المدرسة مراهقاً ويبني معملاً لذوي الحاجات الخاصة

الخميس 2018/10/18
محمد غادر المدرسة مراهقاً ويبني معملاً لذوي الحاجات الخاصة
فشل محمد مرات عدة في حياته
increase حجم الخط decrease

على رغم أنه كان الأول في صفه وبين المتفوقين في مدرسته الرسميّة، ترك محمد فؤاد نور الدين مقاعد الدراسة في الصف الثالث متوسط وهو في الـ13 من عمره. فاجأ عائلته ورفاقه بقرار توقفه عن متابعة الدرس، الأمر المستغرب جداً من جانبه. أما الأسباب التي دفعته إلى ذلك، فيشرحها نور الدين (23 عاماً)، ابن بلدة خربة سلم الجنوبية، في حديثه إلى "المدن"، قائلاً: "ربمّا أوضاع عائلتي غير الميسورة دفعتني إلى اتخاذ قرار مغادرة المدرسة في بداية سن المراهقة، وجعلتني جرأتي أن أضع مساراً أدّى بي إلى تأسيس شركة خاصة بي فلا أكون عاملاً أو موظفاً يتحكم بي أرباب العمل أو يستثمرون أفكاري".

بداية، رافق والده الحدّاد إلى المحل الصغير الذي كان يملكه في منطقة برج أبي حيدر، "ثم عملتُ لدى شركات عدة في مجال الحدادة، وكنت أتقاضى راتباً زهيداً، وقد تعرضت لمضايقات وضغوط كثيرة من الموظفين بسبب صغر سني، مع ذلك تحمّلت وثابرت في العمل بجديّة ومسؤولية رغم الصعوبات، لأن حلمي كان إدارة شركة خاصة بي ولم يكن ذلك بالأمر السهل. أردت لحلمي أن يتحقق ويصبح واقعاً، وتالياً يكون لدي متخصصون في مجالات المحاسبة، الهندسة، والمعلوماتية وغير ذلك".

في عمر الـ17، تعهّد محمد بمفرده مشاريع في ورش لا تتعدى كلفتها الألف والألفي دولار. ويفيد عن ذلك: "توليت تركيب الحديد والقيام بأعمال عدة في مجال الورش. وبعد فترة من تجميع الأموال اشتريت مساحة في معمل ورحت أتنقل بين مكان وآخر لتحسين ظروف مهنتي من حيث التجهيز بماكينات حديثة ومعدات متطورة، ونفذّت مشاريع كثيرة لأهم المطاعم، الشركات ومكاتب هندسة". وفي سن 22 حققّ الشاب المغامر حلمه في افتتاح مشروع نفّذته شركته التي أسّسها تحت اسم "نور الدين Metal" المتخصصة بكل ما له علاقة بالمعادن، الحديد، النحاس، الستيل، الألمينيوم الخ.. وتوسعت شركته بشكل تدريجي حتى بات لديها ثلاثة فروع يعمل فيها 20 عاملاً وطاقم من المهندسين.

لا نجاح.. بلا فشل!
فشل محمد مرات عديدة في حياته. وما لا ينساه ويعتبره من أبشع المحطات التي مر بها، كان في الـ16 من عمره، أثناء عمله في إحدى الورش وقع من الطابق الثاني في أحد المباني ودخل في غيبوبة دامت شهرين، ومن بعدها تحسّنت صحته. وفي عمر 19، سافر إلى الصين بمفرده ولم يكن يفقه اللغة، هناك ضاع نحو خمسة أيام، "لكنني استطعت العثور على ما أريده وتمكّنت من استقدام ما يلزم لشركتي حتى كبرت وتوسعت". فضلاً عن هذه المشاكل الصعبة "عانيتُ كثيراً مع أصحاب الورش ظناً منهم أنني غير قادر على إتمام مهمتي على المستوى المطلوب نظراً لعمري الصغير. وسنة بعد سنة، أثبتت العكس، وباتت لدي قدرة على الإقناع بالعمل".

حنين إلى الماضي.. لكن بلا ندم؟
يستعيد محمد حنينه إلى الطفولة والمراهقة، لاسيما مع الأصدقاء "الذين منهم من انتقدني ومنهم من واساني، كوني لم أعش فترة المراهقة كسائر الشباب، بل كنت أستفيد من وقت فراغي لتطوير مهاراتي والعمل على نجاح شركتي". ولا يُخفي أن ثمة أموراً أثّرت عليه، "فعندما التقي فتاة للتعارف، تنظر إليّ على اساس أنني غير متعلّم، فكانت تسأل كيف السبيل لبناء مستقبل وأنت خارج الجامعة؟ أما الآن، فالوضع تبدّل، ولا أشعر يوماً بالندم أو الخسارة حيال ما انجزته".

لا حدود لطموح محمد الذي يمتلك قطعة أرض سيخصّصها لبناء معمل حديد يتولى إدارته عاملون من ذوي الحاجات الخاصة. وتعليقاً على هذه الخطوة الرائدة، يقول: "أقل ما يمكنني فعله هو التفكير في غيري وإكرام من يستحق ذلك. فهؤلاء الأشخاص هم أكثر حاجة كي يثقوا بأنفسهم، لأنهم قادرون على العمل والعطاء والاندماج في المجتمع، ولا حدود ولا حواجز أمام من يحلم بالخير له ولبيئته ويسعى لتحقيق حلمه".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها