منتدى ثقافي في حلب.. وسط الدمار

لحلب وجه آخر غير وجه الموت الذي عرفناه في السنوات الماضية، وغير وجه البراميل التي أهلكت شوارعها. فللوجوه التي أعيتها الحرب أمل يسعى إلى الحياة. ففي حي صلاح الدين، أسس عدد من الشباب منتدى ثقافياً يهدف إلى إحياء الثقافة، قدر الإمكان، في هذه المدينة المنكوبة، أو أقله في الأحياء التي ما زال فيها بعض الحياة. قد يبدو هؤلاء الشباب حالمين، ومبالغين في طموحهم وحلمهم، لكنهم اختاروا ألا يستسلموا لواقعهم الدموي وللدمار، وهم يحاولون، بأقصى إمكاناتهم، إعادة إحياء حياتهم ولقاءاتهم "من طريق تجميع الشباب والثوار على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، لإفساح المجال لتبادل الآراء وخدمة المجتمع بالوجه السلمي"، كما يقول عمار عبد الله أحد منظمي المنتدى.

"جدل" هو الاسم الذي اتخذه الناشطون للمنتدى الذي تم تأسيسه بالتعاون مع منظمة "مينابولس" اللبنانية، فـ"الحالة الراهنة التي نعيشها وعشوائية التفكير والحياة حولنا هما أكبر جدل يواجهنا" وفق عبد الله.

وسيضم المشروع مكتبةً يمكن للأهالي والزوار الإفادة من محتوياتها، إضافة إلى قسم للأنترنت، سيخصص للمؤتمرات والجلسات التي يعقدها الناشطون في المدينة. كما ستنظم أمسيات للعزف والغناء أو لعرض أفلام وثائقية، كفيلم "طلق كذّاب" الذي يتناول مجريات الثورة السورية ويتحدث عن نشطائها.

يقول عبد الله: "بدأت أولى مشاريعنا بعد افتتاح المنتدى في السادس من الشهر الجاري بإطلاق حملة "معاً من أجل قيادة موحدة"، داعين إلى توحيد كلمة الفصائل المسلحة على الأرض لتحقيق الغرض السامي الذي قامت من أجله الثورة والذي لا ينفصل عن العمل السلمي. كما نظمنا دورة للإعلاميين في حلب لتدريبهم على المونتاج والعمل الصحافي المهني وتحرير الأخبار".

وللأطفال في المنتدى أنشطةٌ خاصة وقسمٌ خاصٌ، إذ يتم توزيع القصص والكتب عليهم لقراءتها وتلخيصها بما يحفزهم على الكتابة واكتشاف مواهبهم. وأطلق المنتدى أيضا حملة "شاركنا كتابك"، لجمع الكتب من سوريا وجوارها القريب كالأردن وتركيا ولبنان، وذلك بهدف افساح المجال أمام الشباب المهتمين بالمطالعة باستعارة الكتب المتوفرة في المكتبة والتي وصل عددها، حتى الآن، إلى 150 كتاباً، وهناك 300 كتاب وهبها أشخاص يعيشون في بلدان الجوار السوري، ويحاول فريق "جدل" تأمين وصولها إلى حلب. كذلك لم يغب وجه الثورة السورية عن المنتدى، إذ نُشرت صور لشهداء الثورة وأبرز قادتها، إضافة إلى نشر صور كاريكاتورية تصوّر تخلي العالم عن المأساة السورية الممتدة.

لعل هذه الفعالية الثقافية في حي صلاح الدين المنكوب، هي بصيص أمل للشباب الحلبي، في ظل الخراب الكبير الذي حلّ بمدينتهم، وقضى على ثقافتها وحياة ناسها في أبسط تفاصيلها.