الجمعة 2015/02/27

آخر تحديث: 14:43 (بيروت)

جورج وشارلي .. ليسا مع "داعش"!

الجمعة 2015/02/27
جورج وشارلي .. ليسا مع "داعش"!
شارلي في تركيا لـ"أسباب شخصية" وجورج أسلم لكنه لم ينضم إلى "داعش" (Getty)
increase حجم الخط decrease
لا يصدق أحد من رفاق شارلي حداد (24 سنة) انه ذهب للقتال مع "داعش". يعرفه اصدقاؤه حين كان يرخي شعره فوق كتفيه ويضع سماعاته وهو يستمع الى أغاني "هافي ميتل"، او حين كان يرقص على أنغام موسيقى "برايك دانس". كان يرتاد كثيراً مبنى "سيتي كومبلكس"، ويجلس في مقهى "مودكا" للانترنت، او يتسكع مع رفاقه، او يعزف معهم على الغيتار في الطبقة السفلى من المبنى التجاري، وله رفاق في "خان العسكر" خلف الزاهرية، حيث تربى ونشأ، قبل انتقال اهله الى بلدة السامرية.

لم يكن شارلي شخصاً مثيراً للجدل. كان شاباً عادياً، يذهب الى عمله في شارع عزمي، في محل لبيع الألبسة الرياضية، بعد ان ترك مدرسته باكراً. ويلتقي من بعدها ببعض الرفاق يحتسون عبوات من البيرة في سيارة رفيق لهم على كورنيش المينا، او يرتشفون القهوة من عند "أبو مشهور". يعرفه معظم شباب طرابلس حين كان من أوائل الذين وضعوا اقراطاً في اذنهم، او حين كان يصبغ شعره. "كان شاباً يحب الحياة"، هذا ما يقوله رفيقه عنه، رافضاً ذكر اسمه. مؤكداً انه شخص حساس وطيب، ويحب الآخرين. عادي لا يحب اثارة المشاكل.

يعمل والد شارلي العم سليمان في مصلحة الأدوات الصحّية، واعمامه يعملون في مهن الدهان والتلييس، وهم عائلة متواضعة ليس لها أي ارتباطات مشبوهة، ولا يزال عمه يعيش في الزاهرية ويلتزم بزيارة الكنيسة. لكن ما حاولت وسائل الاعلام نشره منذ أمس ان شارلي حداد، جنده التنظيم "الإرهابي" وسهل خروجه الى تركيا ومن هناك الى العراق.

حينها، أي قبل ذهابه بـ4 اشهر، لم يثر الانتباه حضور شارلي إلى مكتب مختار الزاهرية جورج عطية لتجهيز أوراقه بهدف الحصول على جواز سفر. عطية أنجَز الأوراق لكنه لم يعرف وجهة شارلي، الذي خرج الى تركيا، لكن ما أن حضرَت الأجهزة الأمنية بعد فترة للسؤال عنه، وطلبَت التكتّم، حتى بدأت الشكوك، حول امكان خروج الشاب للقتال في التنظيم. لكنها تبقى تخمينات لا أثر واقعياً لها. اذ يؤكد جيران الشاب، ذي الأصول السورية، والتي شمل افرادها مرسوم التجنيس في العام 1995، انه من المستحيل ان يكون شارلي قد أسلم او خرج للقتال مع داعش، وعلمت "المدن" ان خروجه لـ"أسباب شخصية".

عائلة شارلي ورفاقه صدموا كثيراً مما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي وما تناقلته وسائل الاعلام. شقيقا شارلي يعملان في السلك العسكري، الأوّل دركي في قوى الأمن الداخلي والثاني تلميذ ضابط، وهما يؤكدان لجيرانهم ان اخيهما من "المستحيل ان يكون قد انضم الى التنظيم".

أما عائلة جورج ديبة (23 سنة) فهي مصدومة بما يتناقله الناس. جورج لا يزال في بيت اهله. يذهب كل يوم الى مبنى الجامعة العربية في المينا. يلتزم بفروض بالإسلام، بعد ان اشهر اسلامه منذ عام ونصف. لكن هذا الامر لا يتعدى كونه شخصاً التزم بدين آخر ليس الا.

تقول والدته كارول خلاط لـ"المدن" ان "الاعلام اساء للعائلة وصدمهم. ما ذنب جورج في كل هذا. يريدون خلق فتنة في طرابلس. وإشاعة ان هناك من يجند المسيحيين للقتال. هذا كذب وافتراء. ابني جورج لا يزال في البيت. يصلي ويقرأ القرآن ويدرس وهو مثقف ومتعلم. ولن ينجر الى كل هذه الأمور. اسلامه هو حرية شخصية. تكتمنا عليه فقط لأننا عائلة مسيحية محافظة، تكتمنا بين الناس، ومحيطنا فقط"، مضيفة: "لقد تعبنا من الاخبار التي يؤلفونها عن ابني الذي ينهي دراسته الجامعية في السنة الثالثة (اختصاص فيزياء)، ويطمح الى تحقيق نفسه".

وجورج صبي وحيد، ولديه شقيقة. والده نبيه ديبه، ووالدته كارول تعمل أمينة سرّ في فرع الصليب الأحمر (طرابلس)، التحق بمدرسة "الليسيه" قبل أن ينتقل للدراسة الجامعية في فرنسا، ثم يعود ملتزماً، الا انه اليوم يكمل دراسته في مدينته.

وأكدت كارول لـ"المدن" ان محاولات الإساءة لهذه المدينة وصلت الى تلفيق اخبار كاذبة والبناء عليها من أجل تضخيم صورة مسيئة عن طرابلس"، مشيرة الى ان "المدينة ستبقى مدينة تعايش بين المسيحيين والمسلمين".

ونفى جورج نفياً قاطعاً في بيان، ما ورد في بعض وسائل الاعلام عن إلتحاقه بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، مؤكدا انه "بريء مما قيل".

وأضاف البيان: "نعم أنا اعتنقت الإسلام ونعم كانت صدمة لأهلي ولكن الأمور والحمد لله تيسرت، فنحن نسكن سويا بخير وسلام، وأنا طالب جامعي في الجامعة العربية في طرابلس وأدرس الفيزياء وأعيش حياة طبيعية مثل كل فرد وأنا لم ألتحق بداعش وأنا بريء من أفعالهم، وليس ذلك من الدين في شيء. إذ ان ديننا يأمرنا بالعدل والإحسان وعدم التعدي على الناس والمحافظة على الكليات الخمس، التي هي الدين والنفس والعقل والنسب والمال".

وفي السياق، انشغلت بلدة بقاعصفرين في الضنية بخبر سفر خمسة شبان من أبنائها إلى تركيا للانضمام إلى تنظيم "داعش"، وسط مساع تبذل من قبل عائلاتهم لإعادتهم إلى لبنان، خصوصاً ان المعلومات المتوفرة تؤكد أنهم لم يدخلوا بعد إلى سوريا وما زالوا في تركيا.

وأشارت المعلومات إلى أن خمسة شبان تتراوح أعمارهم بين 20 و22 عاماً توجهوا قبل 12 يوما إلى بيروت، بعدما كانوا ابلغوا ذويهم بأنهم ذاهبون للبحث عن عمل هناك. وبعد أيّام قليلة، تلقّت عائلاتهم اتصالات منهم لإبلاغها بأنهم أصبحوا في تركيا ويستعدون للدخول إلى سوريا بهدف "الجهاد". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها