العدلية: اعتقال 25 صرّافاً.. والادعاء على مدير المرفأ

لو طُلب يوماً من اللبنانيين أن ينبشوا كوابيسهم، فحتماً ستعود ذاكرتهم إلى تفجير مرفأ بيروت الذي قضّ مضاجعهم أمنياً، والذي قد يوازيه انهيار الليرة اللبنانية وفقدانهم نعمة الأمن الاجتماعي والغذائي.

وقد تكون التحركات القضائية الأخيرة، المتمثلة بتوقيف الصرافين المتهمين بالتلاعب بالعملة الوطنية، إضافة إلى منع إدخال الباخرة المحملة بمادة سولفات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت قبل الانتهاء من التحقيقات، قد استعادت جزءاً قليلاً من ثقة اللبنانيين بالقضاء اللبناني، الذي بات أكثر تحسساً وتصدياً لأي خلل قد يصيبهم مجدداً. فما جديد هذه الملفات القضائية؟

قضية الصرافين
لا يكاد يمضي يوم على اللبنانيين من دون ارتفاع بسعر صرف الدولار الأميركي، الذي يقترب من عتبة السبعين ألف ليرة. هذا وبالرغم من مضي أكثر من أسبوع على قرار المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، بملاحقة الصرافين المضاربين على الليرة واعتقالهم، بعد مشاهدته لتقرير مفصل على إحدى القنوات التلقزيونية، ذاكراً أسماء المتلاعبين بالليرة اللبنانية، غير أن الدولار الأميركي لا يأبه لهذه الملاحقات ولا يزال في صعوده المستمر.

ويرتفع يومياً عدّاد التوقيفات التي تطال الصرافين غير الشرعيين. إذ يكشف مصدر قضائي لـ"المدن"، أن الأجهزة الأمنية قبضت على حوالى 25 صرافاً في الأيام الماضية، وهم من كبار المضاربين في السوق السوداء، وأُنهيت التحقيقات الأولية معهم.

ويضيف المصدر أن الأجهزة الأمنية التي داهمت بيوتهم ومحلاتهم لم تجد أي مبالغ مالية كبيرة، ويرجح أن يكونوا قد قاموا بتهريبها أو تخبئتها في أماكن أخرى تحسباً لهذه المداهمات، فوجدوا مبالغ تتراوح بين 10 و15 ألف دولار أميركي فقط، وهي لا تعتبر مبالغ طائلة. ومن المتوقع أن يصدر القرار القضائي عما قريب، والذي يقضي بإخلاء سبيلهم بكفالة تقارب الخمسين مليون ليرة لبنانية فقط.

الأسمدة الآمنة
وفيما خص التحقيقات المستمرة في باخرة "سكاي لايت" التي وصلت إلى بيروت في الأول من شهر شباط، والمحملة بحوالى 2000 طن من مادة سولفات الأمونيوم، فأشار مصدر قضائي لـ"المدن"، أن نتائج الفحوص المخبرية انتهت، والباخرة لا تحمل أي مواد خطيرة، وهي عبارة عن أسمدة زراعية فيها نسبة 21,48 بالمئة من مادة الهيدروجين. ما يعني أنها آمنة.

وبعد أن أوقفت المباحث الجنائية المركزية مدير المرفأ أيمن كركر، بسبب تقديمه "معلومات كاذبة"، وحققت أيضاً مع مدير عام النقل وأصحاب الباخرة وأصحاب مادة سولفات الأمونيوم، يؤكد المصدر القضائي لـ"المدن" أن المحامي العام التمييزي، القاضي غسان الخوري، أمر بترك جميع من خضعوا للاستجواب الأولي وأبقى على اثنين، هما: مدير المرفأ أيمن كركر، والوكيل البحري غسان قمري، وأحالهما إلى النائب العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زياد أبو حيدر، الذي ادعى عليهما بجرم "مخالفة إشارة قضائية وعدم تنفيذ إجراءات قانونية".

يذكر أيضاً أن الباخرة "سكاي لايت" لم تدخل حتى الآن إلى حرم مرفأ بيروت، فهي بحاجة لإذن قضائي. ولا تزال في بقعة الانتظار التي تبعد عن مرفأ بيروت حوالى 3 أميال.

هذه الملفات على أهميتها لا تحجب المتابعة الدقيقة لتطورات ملف تفجير المرفأ، في ظل العرقلة والتمييع المسيطرين على مصير الملف ومسار التحقيقات، والتي أدت إلى تجميده لأجل غير مسمى، وإلى إبقاء اجتماعات مجلس القضاء الأعلى في مهب الخلافات.