الخميس 2023/01/26

آخر تحديث: 18:01 (بيروت)

مجلس القضاء يفشل بالاجتماع.. وعويدات يواصل محاصرة البيطار

الخميس 2023/01/26
مجلس القضاء يفشل بالاجتماع.. وعويدات يواصل محاصرة البيطار
عويدات: الأجواء المشحونة اليوم في الشارع استوجبت إلغاء جلسة مجلس القضاء الأعلى (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

قرّر أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلغاء الجلسة التي كانت المقررة اليوم، الخميس 26 كانون الثاني، نتيجة المواجهات والاشتباكات التي دارت أمام قصر العدل، خلال تحرك أهالي الضحايا، تنديداً بقرارات المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات بإخلاء سبيل جميع المعتقلين في قضية ملف انفجار المرفأ.

وكان من المفترض أن يقوم مجلس القضاء الأعلى بمناقشة الكتاب الذي توجه به القاضي عويدات إلى القاضي طارق البيطار، وأن يبحث في قرار البيطار الأخير بعودته لاستئناف تحقيقاته، إلى جانب مجموعة من الأمور القضائية. سيما أن عويدات أكد مساء أمس عن استعداده للمشاركة في جلسة مجلس القضاء الأعلى، إلا أنه وأعضاء المجلس قرروا إلغاء الجلسة، من دون تعيين موعد آخر لها، نتيجة ضغط الرأي العام في الشارع و"تدخّل النواب".

قرار عويدات
هكذا، تستمر المواجهات القضائية بين النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي طارق البيطار. إذ أصدر عويدات صباح اليوم، قراراً يطلب فيه من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة السر "عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة أو مراسلة أو أي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ، لكونه مكفوف اليد وغير ذي صفة". مما يعني أن عويدات جرّد البيطار من صلاحياته كمحقق عدلي بسبب دعاوى الرد المرفوعة ضدّه، كما سبق وطلب من الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ أوامره. وأرسل نسخة من الإدعاء الصادر بحق البيطار بتهمة "اغتصاب السلطة" و"استغلال المركز" إلى هيئة التفتيش القضائي.

تحركات الأهالي
هذا وكان أهالي ضحايا تفجير المرفأ قد نفذوا مساء أمس، الأربعاء 25 كانون الثاني، وقفة احتجاجية أمام منزل عويدات اعتراضاً على قراره بإخلاء سبيل جميع الموقوفين، وتجمع المحتجون صباحاً أمام قصر العدل محاولين اقتحام وزارة العدل إثر اعتداء عناصر حماية وزير العدل، هنري الخوري، على مجموعة من نواب المعارضة خلال اجتماعهم مع وزير العدل في مكتبه (راجع "المدن").

اجراءات أمنية مشددة
داخل قصر العدل، وتحسباً لاقتحام مدخل قصر العدل للوصول إلى النيابة العامة التمييزية، وتجنباً للشغب المتوقع، انتشرت عناصر حماية القاضي عويدات في النيابة العامة التمييزية، وتوزعت عناصر أمن الدولة وفرقة مكافحة الشغب على مداخل قصر العدل جميعها، ومنعوا دخول المواطنين. وكما كان متوقعاً خلال ساعات قليلة، بدا قصر العدل خالياً من المواطنين أو المحامين وحاوطت الأجهزة الأمنية مخارجه للحفاظ على الأمن.  

توضيح عويدات
وتوضيحاً لرفضه الانضمام إلى جلسة مجلس القضاء الأعلى، اعتبر القاضي غسان عويدات في حديثه مع "المدن" أن الأجواء المشحونة اليوم في الشارع استوجبت إلغاء جلسة مجلس القضاء الأعلى، إلى جانب "تدخل النواب" في مسار القضاء. وفيما يتعلّق بالمحقق العدلي قال: "البيطار يتعامل مع اجتهاده القانوني وقراراته كأنه يتكلم مع نفسه أمام المرآة. وإذ اعتبرت المراجع القضائية أن اجتهاد البيطار قانوني ويؤخذ به، وفيه "بزرة قانون" فقط، فأنا جاهز للتراجع عن قراري وإعادة الموقوفين إلى السجن".

وفيما يتعلق بملف المرفأ، أكد عويدات أن تحقيقات المرفأ ستتابع بعد تصحيح "الخطأ الكبير". وأضاف: "كان لدي معلومات أن البيطار يتجه إلى إخلاء سبيل الموقوفين تباعاً، لذا اتخذت قراري هذا..".

وحسب معلومات "المدن" فإن الموقوف المخلى سبيله رئيس مصلحة الأمن والسلامة في المرفأ محمد زياد العوف قد أخلي سبيله مباشرةً بعد صدور قرار القاضي عويدات، وتوجّه مباشرة من سجن الريحانية إلى مطار رفيق الحريري الدولي مغادراً الأراضي اللبنانية إلى الولايات المتحدة الأميركية.

ومن المرجح أن العوف كان على علم مسبق بإخلاء سبيله، ورداً على ذلك أجاب عويدات "المدن": "تنفيذ قرار منع السفر بحاجة إلى 24 ساعة، والعوف غادر الأراضي اللبنانية برفقة عائلته لدى خروجه من السجن، ولا أعلم كيف حصل ذلك..". واختتم عويدات حديثه بأنه سيشارك في باقي جلسات مجلس القضاء الأعلى ولكن لا علم للقضاة بموعد الجلسة المقبل.

ووصف مصدر قضائي رفيع واقع القضاء اللبناني: "دخلنا في نفق مظلم ولا نعلم أين المخرج"، وأن مجلس القضاء الأعلى قد تفكك، ومن الصعب التوافق على قرار واحد. وهذا ما يبدو واضحاً في تضارب الآراء داخل مجلس القضاء الأعلى. وترى المراجع القضائية الرفيعة أن البيطار "قد أخطأ كثيراً في قراره الأخير، إذ حاول إيجاد المخارج القانونية اللازمة، لكن اندفاعه وحماسته انقلبا عليه". وأفاد مرجع قضائي أن انعقاد جلسة مجلس القضاء الأعلى اليوم كانت ستؤدي حتماً إلى "سيل الدماء في الشارع"، لذا تجنب القضاة هذه الجلسة. فهل كان مجلس القضاء الأعلى يتجه إلى إقالة البيطار عبر تعيين قاض بديل؟

نادي القضاة: من بيت أبي ضُربت
وتعليقاً على كل المجريات القضائية، أصدر نادي القضاة في لبنان بياناً، جاء فيه:
دأبوا على عرقلة سير العدالة، وكان أملنا أن دولة القانون ستنتصر. أما اليوم، فطُعنت دولة الحق والقانون في الصميم، وها هي تستنجد وتقول: من بيت أبي ضربت.

مرة جديدة يفضح التحقيق في قضية انفجار المرفأ تدخل السياسة في القضاء الأمر الذي بات يهدّد كيان العدالة ويطعن في كرامة كل قاضٍ نزيه من خلال تحميله وزر قرارات قضائية تفتقر لأدنى مقومات الشرعية، إذ أن قرار المحقق العدلي، مهما كانت الملاحظات القانونية عليه والتي يمكن معالجتها وفق الأصول، لا يبرّر ردة الفعل التي تبعته والتي جاءت للأسف خارجة عن الضوابط والأصول بشكل صارخ يهدم أساسات العدالة والقانون.

من هنا يدعو نادي قضاة لبنان كل مَن ارتضى أن لا يتصرف كقاضٍ ورهن نفسه لخدمة السلطة السياسية واللاعدالة أن يبادر إلى الاستقالة تمهيداً إلى المحاسبة والمساءلة لأنه لم يعد يشبهنا وساهم في ضرب هيبة القضاء ودولة القانون والمؤسسات، وذلك من أجل تمكين باقي القضاة من النظر الى المتقاضين بعين القانون والعدالة، كلّ في محكمته وضمن حدود اختصاصه.

العدالة تستصرخ ضمائركم والقسم، إذا تاه عنكم القانون ودروبه".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها