الجمعة 2022/11/04

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

ميقاتي تحرّر من عون: رئيس التردد وسياسة الانتظار

الجمعة 2022/11/04
ميقاتي تحرّر من عون: رئيس التردد وسياسة الانتظار
تمرير المرحلة بحد أدنى من الخسائر (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
طوال الأيام التي رافقت تحضيرات التيار الوطني الحرّ لمرحلة ما بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ميشال عون، تركزت المواقف على أن عون كما رئيس التيار جبران باسيل سيتحرران من عبء الرئاسة، للدخول في مرحلة جديدة من مراحل التصعيد السياسي، والانتقال إلى المعارضة. لكن ما ظهر هو أن أكثر من تحرر كان رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، الذي لم يعد مكبلاً بحسابات التشكيل، أو بشروط باسيل، أو بتوقيع رئيس الجمهورية. بينما ظهر التيار مكبلاً في جلسة مجلس النواب، التي ناقشت رسالة الرئيس إلى المجلس النيابي.
يتحرر ميقاتي وإلى جانبه، نبيه برّي، وليد جنبلاط، وحزب الله ضمناً، في سياق الحفاظ على إطار تصريف الأعمال من دون عقد اجتماعات للحكومة أو السيطرة على صلاحيات رئيس الجمهورية.
حلقة مفرغة مستمرة
من هنا، ثمة سؤال أساسي يمكن طرحه، وهو ماذا يمكن لنجيب ميقاتي أن يحقق خلال فترة تصريف الأعمال؟ وهل يمكنه الذهاب إلى إنجاز ما لم يتمكن من إنجازه سابقاً؟ يبقى التكهن في ذلك أو التوقع ضرباً من ضروب الخيال. خصوصاً في ظل الحسابات المتعارضة لمختلف القوى السياسية. وهي حسابات من شأنها أن تبقي حالة الدوران في حلقة مفرغة مستمرة، وربما لفترة طويلة، خصوصاً أن كل المسوغات الداخلية لعرقلة تشكيل الحكومة وتعطيل إنجاز استحقاق رئيس الجمهورية لها صداها الخارجي أيضاً، وسط اتهامات يتم توجيهها لميقاتي بأنه لم يشكل الحكومة بناء على إشارات خارجية، فيما هو وجد نفسه غير مضطر للتشكيل كي لا يكون خاضعاً لابتزاز مستدام من قبل التيار، وتحت ضغط السعي للدخول في حملة إقالات وتشكيلات جديدة. إذ ان باسيل كان قد طالب برزمة موسعة من هذه التعيينات والتشكيلات التي تستهدف السيطرة على مواقع أساسية في إطار السعي لتكريس النفوذ في الدولة العميقة، وفق المسار نفسه الذي اعتمده باسيل سابقاً مع سعد الحريري، وكان ذلك أحد أبرز مندرجات تلك التسوية عام 2016.
السلة الكبيرة
وهذه مطالب لا يفكر باسيل بالتخلي عنها مطلقاً، بمعزل عن وجهة أي تسوية سياسية أو رئاسية مقبلة، لا بل هو الذي يريد أن يبحث عن تسوية وفق احتمالين. الاحتمال الأول، هو تكرار تجربة التسوية بين ميشال عون وسعد الحريري، والتي لم يكن فيها شريكاً غير حزب الله. وهذه حالياً تبدو شبه مستحيلة. والاحتمال الثاني، هو أن يوافق على ما كان قد طرحه برّي سابقاً في العام 2016، والبحث في تسوية تتضمن سلة شاملة تطال الرئاسة، الحكومة، التعيينات في المواقع الأولى في الدولة، وغيرها من تشكيلات وإقالات.
من هنا يمكن فهم الصوت العالي الذي خرج به باسيل في الأيام الماضية. وهذا دليل على محاولته لقطع الطريق على أي تسوية قد تدخل بها القوى المتخاصمة معه. ولذلك كان قد شن حملة واسعة ضد حاكم مصرف لبنان، ورئيس مجلس القضاء الأعلى وقائد الجيش، أي استهدف المواقع الأساسية المارونية في الدولة. كما أن هجومه المركّز على قائد الجيش لم يكن لينطلق بهذا الشكل، لو لم يكن لديه معطيات حول توفر ظروف إقليمية- دولية وداخلية تتقاطع على الدور الإيجابي للرجل، وإمكانية نسج خيوط تسوية حوله. 
مصالح ومصارف
ولكن، بعيداً عن كل هذه التفاصيل، تبقى البلاد أمام خيار من اثنين، وما بين سياسة الانتظار أو سياسة اتخاذ القرار، وكلاهما فنّ في السياسة، فللانتظار قواعده وأسسه وما قد ينتج عنه في انتهاز اللحظة والتقاط الفرصة.. ولاتخاذ القرار فنون أيضاً تقتضي الإقدام والإحجام والمناورة واللعب على المسرح. 
وما بين الانتظار ولحظة القرار، تتركز الفكرتان، الأولى ترتبط بإمكانية البحث عن تسوية مرحلية هدفها إدارة الأزمة، وتمرير المرحلة بحد أدنى من الخسائر. وذلك وفق قاعدة التسويات القائمة. أما الفكرة الثانية، فهي التحضير لإعادة صياغة شاملة لتركيبة النظام المالي والمصرفي، على أن تكون التسوية الرئاسية والحكومية وفق مقتضيات هذه الصياغة، مع السعي لتحقيق بعض النقاط الأخرى كاللامركزية، وربما في قانون الانتخاب.
وهذا أيضاً ما يفترض أن يمر في المفاوضات مع صندوق النقد، وآلية الاتفاق ومندرجاته، في ظل تقاطع مصالح بين قوى متعددة كميقاتي وبرّي وغيرهما حول بعض الأمور الأساسية بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وترتيب النظام المالي الجديد الذي سيتم ارساؤه. لكن ذلك لا يمكن أن يحدث من دون دور أساسي لحزب الله، ودور خارجي أيضاً، بخلاف ما كانت تقتضي بعض مندرجات تسوية عون-الحريري، والتي كانت تتضمن تغييراً في هيكلية بنى الدولة والمؤسسات، وحتى مشروع إعادة هيكلة المصارف، أو تأسيس شركات نفطية للاستثمار في هذا القطاع لاحقاً.
في هذا المجال سيعود حزب الله طرفاً أساسياً. وهو ما يجب أن يتقاطع مع اتجاهات خارجية أيضاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها