السبت 2021/09/25

آخر تحديث: 13:53 (بيروت)

وهم فوز "منصات" الثورة بالانتخابات النيابية وتحدي "البوسطات" الحزبية

السبت 2021/09/25
وهم فوز "منصات" الثورة بالانتخابات النيابية وتحدي "البوسطات" الحزبية
يصعب على قوى المعارضة اقناع المواطن بدفع 500 ألف ليرة ثمن البنزين للتصويت (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
منذ مدة جرت محاولات لضم مجموعات 17 تشرين في تحالف انتخابي موحد. وأُنشئت منصة هدفها خوض الانتخابات النيابية، تحت اسم "نحو الوطن". وهناك جهات أخرى تعمل على إنشاء منصات لدعم المرشحين واللوائح المعارضة لوجستياً لخوض غمار هذا الاستحقاق. وبمعزل عن احتمال تأجيل الانتخابات بشتى الذرائع، التي يُمكن أن تلجأ إليها القوى السياسية كما حصل سابقاً، يأتي هذا الاستحقاق في ظل انهيار اقتصادي ومالي كبيرين. لا حلول في الأفق. ما سيصعّب عملية وصول المواطن إلى صندوق الاقتراع، باستثناء ركاب "البوسطات"، خصوصاً أن كثرة من ناخبي المناطق يقطنون في العاصمة بيروت.

وهم المجموعات
بعض المجموعات والأحزاب لديها أوهام بأن تحدث تغييراً في الانتخابات، بناء على انتفاضة 17 تشرين. يظنون أن المواطنين سينتفضون على السلطة في صناديق الاقتراع، كما انتفضوا في الشوارع. لكن حقل الانتخابات مختلف عن بيدر انتفاضة 17 تشرين. للأخيرة تأثير كبير في الانتخابات في حال قدّمت المجموعات والأحزاب المعارضة لوائح انتخابية موحدة وتحالفات سياسية عريضة، تنطلق من هم الخلاص من تركة الأحزاب التي حكمت البلد. أي استقطاب اللبنانيين المنتفضين في بيوتهم على الذل اليومي الذي يعيشونه. فتأثير المال الانتخابي سيكون كبيراً هذه المرة، وهو لصالح القوى المعتادة عليه.

أما القوى المعارضة فليس أمامها إلا التعويل على رفع نسب المشاركة في الانتخابات. أي إقناع الجمهور الذي يقاطع الانتخابات، بأهمية التغيير بنتائج هذا الاستحقاق وسط الظروف التي يعيشها لبنان منذ سنتين. وإلا ستكون الانتخابات موسماً لقوى السلطة لتجديد نفسها من دون تغيير يذكر. لأن تأثير "البوسطات" الانتخابية سيكون أكثر وأكبر من أي وقت مضى في الانتخابات المقبلة. وسيصعب على قوى المعارضة تحفيز أي مواطن لدفع 500 ألف ليرة ثمن تنكة بنزين للذهاب للتصويت، واقناع الناخب بتكبد كلفة الانتقال التي لا يملكها، لإنجاح لوائح المعارضة، إلا إذا رأى أمامه لوائح ومرشحين تعطي الأمل بالخلاص من شرور التركة السياسية الحالية.  

فشل المنصة
أول غيث مشاركة المجموعات في الانتخابات كان عدم نجاح مساعي توحيد مجموعات 17 تشرين في منصة "نحو الوطن"، التي هدفت إلى تقديم دعم تقني وإعلامي ومالي لقوى المعارضة.

رجال أعمال ومتمولون وقفوا خلف هذه المنصة بهدف تشكيل لوائح موحدة لمجموعات 17 تشرين. وفي الاجتماعات الأولى التي انطلقت منذ أشهر اختلفت المجموعات على استراتيجية العمل وكيفية صياغة التحالفات الانتخابية. فكل طرف ومجموعة راحت تفرض شروطها بمن تقبل ومن ترفض للتفاوض معه. ورأى القيمون على المنصة أن الأمر مجرد هدر للوقت، لأن إمكان جمع الكل مستحيل، فلجأوا إلى تشكيل لجنة مهمتها بت شكل اللوائح من خلال إجراء استطلاعات في المناطق.

استطلاعات غب الطلب هدفها فرض الشروط على المجموعات، كما يقول بعض الذين شاركوا في الاجتماعات، وأدت إلى تحويل المنصة من أداء دور الحكم بين المجموعات لتصبح الفيصل في تحديد اللوائح وشكلها ومن يكون فيها. أي الذهاب إلى خيار اقصائي أدى إلى خلافات مع المجموعات على آليات العمل والحوكمة. ورأت المجموعات أن هذه الآلية بمثابة منصة لتقدم السير الذاتية للحصول على الدعم، ولم يقبل بهذه الشروط سوى نحو ثلاث مجموعات.

كما رفض القيمون على المنصة التعامل مع جبهات المعارضة (مثل جبهة المعارضة اللبنانية" و"13 نيسان") بعد رفض انتسابهما. وكانوا يريدون إدخالهما كمجموعتين منفردتين لتخفيف تأثيرهما على كيفية اتخاذ القرار. ووقع القيمون على المنصة بإشكاليات أدت إلى انفراط عقد المجموعات والأحزاب عنها. فلجأوا إلى استراتيجية ثالثة تمثلت بوضع مخطط جديد يقضي بضم المجموعات في المرحلة أولى، وعند بدء تشكيل اللوائح يتم ادخال الأحزاب. ولم تنفع هذه الاستراتيجية.

عقدة الكتائب-اليسار
إحدى العقد التي حالت دون إقلاع هذه المنصة وجود مجموعات رافضة للتحالف مع حزب الكتائب أو النائب ميشال معوض ومكونات جبهة المعارضة اللبنانية، ووجود أحزاب لها تأثير انتخابي، رفضت اشتراط تقديم دعم تقني تملكه أصلاً، لفرض شروط من خلال تشكيل لوائح تصب لصالح القيمين على المنصة، استنادًا إلى معايير كثيرة إشكالية.

ورثت هذه المنصة الإشكاليات القديمة التي حالت دون تشكل جبهة معارضة موحدة تضم كل القوى المناهضة لأحزاب السلطة في لبنان. وما جرى حتى الساعة أن المجموعات والأحزاب المعارضة بخلافاتها المعهودة وضعت العربة أمام الحصان.

تحالفات انتخابية متعددة
وبمعزل عن فشل هذه المنصة، لم تنطلق المجموعات من هم تشكيل لوائح تضم كل المعترضين على السلطة، بمعزل عن الانتماء الحزبي للمرشح الذي سيفوز على اللائحة. فالنظام الانتخابي الحالي، على مستوى توزيع الدوائر والمقاعد الطائفية والصوت التفضيلي، يسهل التحالفات بين قوى السلطة ويعقدها أمام قوى الاعتراض. لأن الأحزاب التي وضعت هذا النظام تجيد لعبة تقاسم وتوزيع الأصوات بينها، فيما قوى الاعتراض لا تجد أن الفرصة المناسبة لبدء التغيير في المجلس النيابي الحالي تقتضي خسارة أحزاب السلطة قبل السؤال عن هوية الفائز. أي ليس أمامها إلا العمل مجتمعة لمصلحة اللائحة الانتخابية وليس المرشح الحزبي عليها.

وبالتالي التوجه المقبل سيكون قائماً على تشكيل الأحزاب المعارضة الأساسية تجمعات انتخابية تنضم إليها المجموعة الأقرب إليها. وستفرز تحالفات وتجمعات انتخابية كثيرة كما حصل في انتخابات العام 2018. والتعويل الوحيد لإحداث تغيير في بعض الدوائر يكون في كيفية تشكيل لوائح مشتركة، غير متضاربة على قاعدة ضم كل المعارضين لأحزاب السلطة، وفق ما تقتضيه المصلحة الانتخابية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها