الإثنين 2021/09/20

آخر تحديث: 22:20 (بيروت)

وفيما الناس بالعتمة.. حازت الحكومة الثقة: 15 فقط حجبوها

الإثنين 2021/09/20
وفيما الناس بالعتمة.. حازت الحكومة الثقة: 15 فقط حجبوها
ميقاتي: "يحيي العظام وهي رميم. هل بقي مصارف؟" (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
85 نائباً منحوا حكومة نجيب ميقاتي الثقة، مقابل 15 نائباً حجبوها عنها. عملياً لم تكن الجلسة بقسميها الصباحي والمسائي، جلسة فعلية لمناقشة البيان الوزاري، بقدر ما كانت فصلاً جديداً من فصول المسرح السياسي اللبناني الذي سئمه اللبنانيون، إذ يتحول النواب إلى بارعين في تنزيه أنفسهم وإلقاء التهم على غيرهم، وتبرئة تياراتهم والمحسوبين عليهم من مسؤولية الانهيار.
كانت مواقف حافلة بالمزايدات الشعبوية، وبتبرير منح الثقة أو تبرير حجبها، من دون أي مناقشة علمية أو تفصيلية للبيان، ولا تقديم أي طرح بديل.

الطبش وعمار وآخرون 
ولم تخل جلسة المساء من السجالات النيابية على خلفية مواقف سياسية، علماً أنها لم تؤثر على مسار حصول الحكومة على الثقة. كالسجال الذي حصل بين النائبين رولا الطبش عن كتلة المستقبل وعلي عمار عن حزب الله، على خلفية انتقاد الطبش لحزب الله وخصوصاً إدخال صهاريج النفط الإيرانية. والسجال الذي حصل بين برّي والنائب جورج عدوان من جهة أخرى.
 
وفيما قالت الطبش: "الثقة معدية، مثلها مثل عدم الثقة. ما أحوجنا إلى تفادي "عدم الثقة" في هذا الظرف المصيري بكل معنى. نكون أو لا نكون على قدر المسؤولية التاريخية بالتقاط فرصة نادرة، لفرملة الانهيار. عسانا نوفق ببدء الخروج من الهاوية. وهذه المرة، ربما لسنا وحدنا المعنيين بالثقة. الناس المسحوقة هي اليوم الأولى بالحق بالثقة. الناس يسألون: ثقة على أي أساس؟ ثقة تنهي طوابير الذل على المحطات؟ ثقة تعيد لليرة بعضاً من قيمتها، بعدما دعس الغلاء والدولار الأجور؟ ثقة تنير لمبات البيوت؟ ثقة توفر شنطة وقرطاسية للتلاميذ؟ والناس يسألون: ثقة لانهاء الفساد والمحسوبيات؟ ثقة تعيد السيادة فلا تبقى معابر خارج الشرعية؟ ثقة تنزع الشرعية عن صهاريج عابرة للحدود تملأ خزانات دويلة حرقت أنفاس الدولة؟ ونسأل مع الناس: لماذا لم نسمع موقفاً سريعاً من الدولة تجاه الصور المنفرة واحتفالات النصر بعبور الصهاريج؟ صمتكم كان دليلاً على موافقتكم على هذا الانتهاك للسيادة والشرعية والكرامة الوطنية. ونسأل مع الناس: هل ستكون وزارة الشؤون الاجتماعية، التي خيضت حولها أم معارك المحاصصة، وزارة للفقراء والمحتاجين فعلاً، أم قطعة جبن يتقاسمها أولياء السلطة فيوزعون المساعدات الموعودة بينهم، ويحولون البطاقة التمويلية إلى بطاقة انتخابية يشترون بها مقاعدهم من جديد؟ ونسأل مع الناس: هل هذه حكومة أفعال لا أقوال؟ 
 
وهنا سارع عضو كتلة "الوفاء للمقاومة"، النائب علي عمار، للرد على مداخلة الطبش، فأشار إلى أنه "ما كان يريد أن يدلي بكلمة في جلسة الثقة اليوم، ولكن لا يصح حين تتخلى الدولة عن مسؤولياتها في توفير مقومات الحياتية لكل الناس، ويقوم طرف من الأطراف بمبادرة إنسانية بحتة أن يتنطح أحد ويقول "إننا حرقنا أنفاس البلد"، ومن حرق أنفاس البلد هو من اعتمد السياسات الريعية والسياسات التي استباحت الدولة والدستور"، وطلب شطب كلام الطبش حول النفط الإيراني من المحضر.
 
وعندما قال النائب جورج عدوان: لا يمكن لأي فريق أن يستبيح الحدود اللبنانية ويمر بشاحنات عبرها خارقاً السيادة اللبنانية التي لا تتجزأ"، وأعلن عدوان أن "عبثاً نحاول أن نرمم علاقات لبنان بالدول الأخرى ونحن نضرب مفهوم السيادة الوطنية فهي إمّا تكون أو لا تكون"، وأشار عدوان إلى أن القرار 1701 يقول إنه في الجنوب يجب أن لا يكون هناك تواجد إلا للجيش اللبناني، فسارع الرئيس نبيه برّي إلى الرد قائلاً: "ما بيقول هيك.. صار في محاولة لما تتفضل فيه ورفضناه بالمطلق". وأوضح برّي لعدوان مضمون القرار 1701 حول المقاومة التي وضعت مسودته الأولى مع المندوب الأميركي في عين التينة.

المعترضون
النائب أسامة سعد رفض منح الثقة للحكومة، وقال: "خسر الناس. خسروا من ودائعهم الكثير من دون رفّة جفن من البيان الوزاري، فضلاً عن الخسائر جراء تدهور الليرة والأسعار" معتبراً أن البطاقة التمويلية الموعودة لن تعوّض الخسائر. وقال: "لبنان يلفظ الروح وانتم مدانون، كأن الأنين الاجتماعي لا يصل إلى آذان الحكومة. انفجرت بيروت والحصانات فوق القانون والعدالة". ولفت سعد إلى أن "الجحيم لا يغادرنا كما لا تغادرون". سائلاً: "ألا يستدعي ما نمر به من بيانكم الاعتذار من شعب مفجوع؟ وإنكار المسؤولية ممن هم في موقع السلطة رسالة دجل وخداع". ورأى أن شعار "معاً للانقاذ" شعار فارغ بلا صدقية: "إنقاذ مين من مين؟" وتوجّه الى ميقاتي بالقول: "هل نصدق أن حكومتك رافعة خلاص وبيانك لا يحدد أي مسؤولية سياسية أو غير سياسية على أحد؟". مشدداً على أن عدم المحاسبة لا يؤسس لخلاص حقيقي. وهو إهدار للوقت. أضاف سعد: "​لا نجد في بيان الحكومة ما يطمئن اللبنانيين نحو غدهم. وهو يستدعي أسئلة ملحّة. وهذه الحكومة لا صلة لها بتطلّعات الشباب. فكيف لها أن تحمل تطلّعات 17 تشرين؟". ورأى أن ملفات لبنان في دوائر النيران والتسويات والانقلابات، ألا يستدعي ذلك نقاشاً وطنياً تجاهله البيان الوزاري؟
 
الأمر نفسه انطبق على النائب شامل روكز والذي قال: "إنّ ما يُسمى بحكومة "معاً للإنقاذ" تَعكسُ ذهنيةَ طبقةٍ سياسيّةٍ امتهنت استغباءَ المواطنين، وإيهامَهُم بالرغبةِ بالعمل.. بينما هي شكلٌ مقنّعٌ وقبيحٌ لمحاصصةٍ وتسوياتٍ مقيتة. تحدّثتُم في بيانِكم الوزاري عن عزمٍ وأمل... العزمُ على ماذا؟ والأملُ بمَن؟ فبَدَلَ حكومةٍ مصغرةٍ مستقلة، ذاتِ صلاحياتٍ استثنائية، همُّها الوحيد لجمُ التدهورِ وإعادةُ البلدِ إلى سكّةِ التعافي، كما طالب بها شعبُنا بكلِّ أطيافِه، نَجِدُ أنفسَنا أمامَ مجموعةِ من التعييناتِ السياسيةِ والطائفيةِ والولاءاتِ المذهبيةِ في تشكيلةٍ معروفةِ اللونِ والتوجه. فهذه تشكيلةُ تأمينِ المصالحِ على حسابِ الإصلاح، شكّلَتْها طبقةٌ سياسيةٌ نجحَتْ في إعادةِ إنتاجِ نفسِها بعدما غَدَتْ منتهيةَ الصلاحية، وقد تسببتْ بخرابِ البلد، وها هي تَطرحُ نفسَها كمنقذٍ، وتطلُبُ ثقتَنا.
ما هذه الوقاحة؟ وكيف لنا أنْ نثِقَ بمنْ نَهَبَ أموالَنا، وبدَّدَ ثرواتِنا، وأمعنَ في ظلمِنا، وتغاضى عن آلامِنا، ليعودَ ويُتْحِفَنا بهكذا تشكيلةٍ، في شكْلِها تجانسٌ مصطنع، وفي مضمونِها انفصالٌ عن الواقع.
 
النائب جهاد الصمد لم يمنح الثقة للحكومة أيضاً، وإن قال: "رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يحوذ على ثقتي الشخصية، آملا ألا يكون الخلاف في الرأي مفسداً للود والاحترام المتبادل". واعتبر الصمد أن الحكومة الحالية هي حكومة محاصصة أو حكومة وزراء مرتكبين أو مجهولين. ولفت إلى أنه تم تفريغ المبادرة الفرنسية. وسأل كيف أمنح الثقة لحكومة وزير داخليتها لديه ملفات داخلية أمام التفتيش القضائي. وهو شريك في فضيحة "الايدن باي"، وكيف أمنح الثقة لحكومة شرط التوزير فيها "إما أن توافق أو تنافق أو عليك أن تفارق".

الحزب يمنح الثقة
حزب الله منح الحكومة الثقة، وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد إن من تباشير الشروع في وقف تداعيات الأزمة هو اتفاق اللبنانيين على تأليف حكومة "معاً للانقاذ". وأعلن أن هذه الحكومة هي مجرد فرصة، وفي ضوء سياساتها الواقعية قد تفتح آفاق المعالجات. فلنسارع إلى اغتنام هذه الفرصة. وأكد أن التعاون هو قاعدة الخلاص من أزمتنا الراهنة. ونحن لا نتوقف عند النقطة والفاصلة، إلا في ما يهدد سيادتنا ويمنح العدو فرصة للتطاول علينا. ولن نسمح للعدو بالاعتداء على ثرواتنا الوطنية.

ونصح رعد الحكومة بإعتماد جدول أولويات متواضع، والعمل على تنفيذه. لتنتقل بعد ذلك إلى جدول آخر. ونؤيد وضع تحسين الطاقة والكهرباء وتأمين الدواء بصفة الملفات الداهمة، إضافة إلى ملف إنقاذ العام الدراسي والجامعي وخفض أسعار المواد الاستهلاكية.

ميقاتي وردّه
ورد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على مناقشات النواب قائلاً: "نحن بوضع صحي صعب وكلنا ثقة بوزير الصحة الجديد، ونحن بموضع معيشي واجتماعي صعب وندركه، وأنا أعلم الجهد الذي يقوم به وزير الشؤون الاجتماعية من دون أي تمييز. وأي مساعدات لن تكون مساعدات انتخابية، بقدر ما هي مساعدات للمحتاجين". وقال: "نحن نضع كل جهدنا مع وزير التربية كي يبدأ العام الدراسي بشكل طبيعي. وهذه ضرورة وأولوية، بالإضافة إلى وضع الطلاب في الخارج، ووضع النزوح السوري الذي يجب أن تتم معالجته مع اللجان الخاصة، كي نؤمن العودة الآمنة لهم"، لافتًا إلى أنه "بموضوع انفجار المرفأ يجب إعادة تأهيل المرفأ بشفافية تامة، وضمن الأصول. بالإضافة إلى ضرورة التحقيق المحايد. وستتم متابعة الموضوع بالإضافة إلى انفجار التليل".

وأكد أنه "يجب إعادة النظر بالتعرفة وساعات التغذية وزيادة الإنتاج بالنسبة للكهرباء". وتمنى على "المجلس النيابي أن ينهي موضوع الكابيتال كونترول كي تبدأ عملية المتابعة. ومكافحة الفساد والتهريب بند أساسي يجب أن نتابعه. وهو من أساسياتي".

وعن وضع المصارف أشار ميقاتي إلى أنه "يحيي العظام وهي رميم. هل بقي مصارف؟" وأكد قائلاً: "سأعمل جاهداً لإعادة البحث في موضوع الحدود البحرية بطريقة علمية، من دون تخوين"، لافتًا إلى أنه "بدأنا بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. والأمر ليس نزهة. ونحن مضطرون للقيام بهذه الخطوة".

وأشار إلى أن "المرأة هي الحياة وهي كل شيء. ولا يمكننا أن نقف هنا لولاها. وهي موجودة في قلب كل واحد منا"!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها