الجمعة 2021/07/23

آخر تحديث: 17:31 (بيروت)

طرابلس وأبناؤها المرشحون لرئاسة الحكومة: لا فائدة

الجمعة 2021/07/23
طرابلس وأبناؤها المرشحون لرئاسة الحكومة: لا فائدة
كلهم لم ينجحوا بتحقيق أي تقدم إنمائي في طرابلس (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease
منذ أن اعتذر الرئيس سعد الحريري عن مهمة تشكيل الحكومة، وفي كل مرّة يعيش لبنان أزمات التكليف والتأليف، تميل بورصة الأسماء للمرشحين المحتملين كبديل عن الحريري، إلى قيادات ونواب من عاصمة الشمال.  

الشرعية الانتخابية
وحسب الفرز الطائفي والسياسي والمناطقي في لبنان، تحظى طرابلس ذات الغالبية السنّية، بالثقل السياسي لهذه الطائفة، وهو ما يتجلى بالمعارك الانتخابية التي يخوضها ممثلوها ضد بعضهم البعض، في سبيل المنافسة على زعامة المدينة، ولنيل مشروعية تمثليهم منها.  

ولعل ما حصل في آخر انتخابات برلمانية (2018) خير دليل، حين صرف المتنافسون على زعامة المدينة، وفي طليعتهم لائحتا الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، ملايين الدولارات على ماكيناتهم الانتخابية، وأطلقوا وعودًا فضفاضة بالإنماء والتوظيف والاستثمار، وتقاذفوا شتى أشكال الاتهامات بالتقصير والتقاعس والتواطؤ، إلى أن أفضت النتيجة إلى ما هي عليه اليوم: ميقاتي زعيمًا بأعلى نسبة تصويت، حين نال نحو 21 ألف صوت تفضيلي عن المقعد السني، ومعه كل من الراحل جان عبيد (عن المقعد الماروني)، ونقولا نحاس (عن المقعد الأورثوذكسي)، وعلي درويش (عن المقعد العلوي). بينما فازت لائحة الحريري شمالاً بـ5 مقاعد سنية (محمد كبارة، ديما جمالي، سمير الجسر، سامي فتفت وعثمان علم الدين). فيما فاز فيصل كرامي بمقعدين، واحد له وآخر لحليفه جهاد الصمد.  

لكن هذا الفرز الانتخابي، مع ما سبقه وتخلله وتبعه من صراعات طاحنة استأثرت بطرابلس، لم يدم طويلًا، وتبدلت طبيعتها تماشيًا مع التغييرات السياسية وحساباتها، التي دفعت كلًا من الحريري وميقاتي للانضواء معًا بنادي رؤساء الحكومة السابقين، فسمّى الأخير الحريري باستشارات حكومة ما بعد الانتخابات، كذلك فعل باستشارات ما بعد استقالة حكومة حسان دياب (في آب 2020)، تحت شعارات عدّة، تبدأ بـ"وحدة الصف الطائفي"، ولا تنتهي عند ما يعرف بالدفاع عن صلاحيات رئاسة الحكومة بالحكم والتكليف والتأليف.  

بورصة الأسماء
ورغم أن الحراك الشعبي الذي شهدته طرابلس عقب أحداث 17 تشرين الأول 2019، هزّ، ولو بالحد الادنى، صورة ومكانة زعامات طرابلس وتياراتها، لكنها لم تلغِ قدرة هذه الزعامات على التحرك نحو سدة الحكم بأعلى منصب في طائفتهم، انطلاقًا من تمثيلهم "السني" والمناطقي لها.  

وهكذا، يصبح المرشحون التلقائيون من طرابلس لرئاسة الحكومة بعد اعتذار الحريري، انطلاقًا من اعتبارات عدّة:  

- ميقاتي صاحب الحظّ الأوفر، لكونه زعيم بـ21 ألف صوت تفضيلي في طرابلس، وصاحب علاقات دولية وعربية، ورئيس حكومة سابق، ومن مؤسسي نادي رؤساء الحكومة، الذي يرفض تقديم التنازلات لرئيس الجمهورية ميشال عون في عملية تأليف الحكومة.  

- فيصل كرامي، الساعي لرئاسة الحكومة، وإن كانت حظوظه أقل من ميقاتي نتيجة عدم دعم حزب الله لترشحه (حتى الآن)، لكنه يجد بنفسه مشروع رئيس حكومة، "إيمانًا" بدوره التمثيلي في طرابلس، وكحليف لحزب الله ومحور الممانعة، وصديق لجبران باسيل، وساعٍ لعلاقات ودية مع السعودية، والأهم، كوريث طبيعي لهذا المنصب لكونه ابن بيت سياسي لثلاثة رؤساء حكومات سابقين، عبد الحميد ورشيد وعمر كرامي. 
أمّا باقي نواب طرابلس (السنة)، فلا يمرّ اسم ترشيحهم لرئاسة الحكومة، إلا صدفة، وكنوع من الشائعات غير الجدية.  

وفي هذا البازار الشمالي، يبدو أن النائب السابق محمد الصفدي هو أكثر من دفع ثمن تراجع حظوظ ترشيحه لرئاسة الحكومة، وقد نفى مؤخرًا التواصل معه لتكليفه برئاسة الحكومة. وللتذكير، فإن الصفدي كرّس ماكينته الانتخابية في 2018 دعمًا للائحة الحريري، وخاض معركة شرسة ضدّ ميقاتي وتوجه له بأشد الانتقادات والاتهامات.  

نهج التكليف والتأليف
ويوم أمس، جرى تداول إحدى الفيديوهات السابقة التي كان ينتقد بها الصفدي ميقاتي، ما دفع عقيلته الوزيرة السابقة فيوليت الصفدي، إلى إصدار بيان توضح فيه أن الفيديو قديم، وقالت: "بغض النظر عن موقف وعلاقة الوزير الصفدي والرئيس ميقاتي، إذا تم تكليفه الاثنين، فنتمنى أن يستطيع تشكيل حكومة وإخراج لبنان من الأزمة".  

وعلى مسافة أيام من الاستشارات النيابية في قصر بعبدا، في حال لم يتم تأجيلها، يعتبر السياسي الطرابلسي توفيق سلطان، أن الأولوية حاليًا، هو في المنهج الذي سيجري اتباعه في عملية التكليف والتأليف، مشيرًا في حديثه لـ"المدن" أنه لا بدّ من الرجوع إلى اتفاق الطائف، إذ "لا يكفي أن يكون رئيس الحكومة مكلفًا من قبل مجلس النواب، بل أن يمارس صلاحياته كاملة بالتأليف وفي ممارسة السلطة التنفيذية".  

ويرى سلطان أن الأزمة راهنًا هي بالشروط التي يفرضها رئيس الجمهورية ميشال عون، وأن ميقاتي يحظى بحيثية ومقبولية نظرًا لتجربته بالحكم.  

المدينة المهملة
لكن كل مسار التكليف والتأليف، ولو تولت رئاسة الحكومة شخصية سياسية من طرابلس، لا يعني أن الأمر سينعكس إيجابًا عليها. ويُذكر سلطان أن حكومة ميقاتي الثانية في 2011، ضمت 5 وزراء إلى جانبه من طرابلس، وكان من بينهم محمد الصفدي وزيرًا للمالية، واستمرت حينها عرقلة كل المشاريع الانمائية المتعلقة بالمدينة.  

وحينها أيضًا، وفق سلطان، كان فيصل كرامي وزيرًا للشباب والرياضة في حكومة ميقاتي، ولم يستطع حتى استقطاب مشروع لتأهيل الملعب الأولمبي في طرابلس، والذي صار أشبه بثكنة عسكرية.  

وقال سلطان إن نواب وقيادات طرابلس، وفي طليعتهم الحريري أيضًا، لم ينجحوا بتحقيق أي تقدم إنمائي في طرابلس، رغم أن الظروف كان أفضل من الحالية، "فيما ترزح المدينة تحت وطأة المعاناة والحرمان، أسوةً بجميع المناطق، نتيجة عدم بلورة القيادة السياسية لأي خطة عمل ممنهجة للمدينة".  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها