إسرائيل تحاول استنساخ تجربة لبنان في العام 2006، من خلال عملياتها العسكرية في غزة. وهي تريد من الولايات المتحدة الأميركية تأجيل جلسات مجلس الأمن لتحقيق أي مكسب عسكري في غزة، يفرض على القوى الفلسطينية تنازلاً كبيراً أو ارتضاءً بدخول قوات طوارئ دولية على غرار القرار 1701، الذي أُقرّ للبنان، وتوقفت بموجبه العمليات العسكرية في آب 2006. حينها أيضاً كانت غزة تخوض صراعاً مع إسرائيل، وكان لبنان وغزة ميادين التفاوض على الحامي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
أما المعركة في هذه المرحلة مختلفة كلياً، على الرغم من سعي إيران إلى الإستفادة منها في معركتها التفاوضية، وكذلك بالنسبة إلى إسرائيل. وهذا أمر يضرب حقيقة النضال الفلسطيني الذي بدأ دفاعاً عن حي الشيخ جراح، وتمدد وتوسع أكثر، من النهر إلى البحر.
ترابط المنطقة
لا قرار في لبنان بالتصعيد على إيقاع التصعيد الحاصل في فلسطين. ومن يمتلك قرار التصعيد يريد الحفاظ على التهدئة في هذه المرحلة. لا، بل ينظر إلى غزة على أنها تتولى المهمة، فيما لبنان يدخل في طور الأزمة الباردة أو المجمدة، التي لا تستدعي لا اهتماماً دولياً ولا إقليمياً. وبالتالي، أي تصعيد عسكري أو انعكاس لمجريات الصراع على اراضيه، لن يستدعي أي اهتمام أو مساعدة، ولن يجذبه إلى ميدان التفاوض أو يحوله إلى مادة تفاوضية.
لكن، بلا شك، كل ما يجري في المنطقة، من غزة وكل فلسطين إلى لقاءات بغداد وملف ترسيم الحدود، مرتبط ببعضه البعض. كل طرف يسعى إلى تعزيز شروطه. الإسرائيلي يحاول عرقلة الاتفاق النووي وفرض أمر واقع جديد، كما كان الوضع في العام 2014. ولكنه لن يتمكن من ذلك بسبب حماسة الأميركي إلى عقد الاتفاق. إيران تستثمر في ما يجري في غزة، لتخفيف الضغط عن نفسها. السعودية تريد تصفير مشاكلها قبل الوصول إلى اتفاق إيراني أميركي. اسرائيل تسعى إلى ترسيم الحدود مع لبنان بواسطة الولايات المتحدة الأميركية، وضبط الوضع على الحدود الجنوبية. وربما في المرحلة المقبلة سيتم فرض شرط جديد يتعلق بالانتهاء من الترسيم البري أيضاً على إيقاع الترسيم البحري.
تجديد التحركات الشعبية؟
في ظل هذه التطورات، لا يزال لبنان يعاني من الانسداد السياسي، والانهيار الاقتصادي، الذي ينذر بعدم القدرة على إنتاج الحلول. وهناك رهان على تجدد التحركات الشعبية، التي ستكون مستثمَرة من جهات متعددة، سواء كانت معارضة أو من ضمن أطراف السلطة، أو الموالين للعهد، في سبيل الضغط على الخصوم، وخصوصاً على سعد الحريري، لتحميله مسؤولية التعطيل. كل ذلك، الهدف منه الاستثمار في الوقت الضائع، أو تقطيع الوقت، بانتظار تطورات المنطقة وتحولاتها واحتمال انعكاسها على لبنان، وحمل بوادر لتشكيل الحكومة التي ستكون مرتبطة بإيجاد حلول لملفات أخرى تهمّ المجتمع الدولي، سواء على الحدود الجنوبية أو على الحدود الشرقية.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها