حزب الله حريص على الحكومة، فلا بديل عنها. ويله سقوطها وويله عون وباسيل. رئيس الحكومة يستظل بقائد الجيش، ويحاول الإستعانة ببعض المناخات الدولية لتطويق عون. زيارة دياب إلى الناقورة برفقة قائد الجيش، تحمل رسائل كثيرة لعون، و"زكزكة" لرئيس التيار الوطني الحرّ. لا أفق ليربح دياب في هذه المعركة. سيدخل حزب الله لحلّ معضلة سلعاتا، ولملمة الحكومة، وتكريس عون حاكماً بأمره. ما يهمّ حزب الله أبعد من ذلك بكثير. وبتعزيز دور عون وباسيل، سيلتف على كل طروحات الفيدرالية وما يرتبط بها. سينتشي "المسيحيون الأقوياء" بما حققوه بالاستناد إلى حزب الله، فيما للحزب مشاريع أخرى، أبعد وأهم.
الحدود والداخل
كان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في غاية الهدوء لدى مقاربته لملفات الساعة، لم يشأ تجاوز الخطوط الحمر، لا في مكافحة الفساد ولا في المعارك السياسية. هدوء يعرف نصر الله كيف يستثمره سياسياً ببعد إستراتيجي. يصنع جواً من الاطمئنان لدى الناس، عندما يقول إن حزب الله لا يريد أن يحكم البلد أو يسيطر عليه وعلى قطاعه المالي. يفرح المسيحيون أكثر، بأن الصيغة باقية. لكنه بهدوئه أيضاً، يتحدث عن تطوير اتفاق الطائف، يطمئن الجميع، ويمرر ما يريد.
وقد حدّد نصر الله معالم التعاطي مع قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، هو ليس ضد بقائها، ولكن يعارض توسيع إطار عملها. أفهم اليونيفيل ذلك بواسطة "غضب الأهالي". المقصود: ممنوع عليها أن تراقب الحدود بين لبنان وسوريا. سويعات تمضي على كلام نصر الله، حتى يزور رئيس الحكومة برفقة قائد الجيش المقر العام لقوات الطوارئ الدولية، للتأكيد على ضرورة استمرار عملها. يأخذ دياب لصورته بعضاً من النصر، يلهو دياب به، كما يلهو العهد القوي بما يحقق. فيما معركة المعابر في يد حزب الله، معابر خارجية وأخرى داخلية. فتحت كلها بالتزامن.
في احتجاجات أهالي بليدا وميس الجبل ضد تحركات قوات الطوارئ الدولية، كانت الرسالة التي مررها حزب الله، وهي تحمل منحى تصعيدياً، يتزامن مع الإصرار على "الصبر والصمود" لستة أشهر في مواجهة الضغوط والعقوبات، لا سيما بعد دخول "قانون قيصر" حيز التنفيذ. أشهر لا بد من التعاطي معها بتحمّل كبير، إذ لا يمكن لحزب الله تقديم تنازلات. وهذا يعني أن معارك رفد النظام السوري ودعمه مستمرة، ولن تتوقف.
لاسا - الهرمل
أما المعابر الداخلية فيفتتح الصراع حولها مجدداً. من لاسا إلى العاقورة وصولاً إلى الهرمل والطريق المفتوحة إلى سوريا. تلك طريق استراتيجية بالنسبة إلى حزب الله، كما هو الحال بالنسبة إلى طريق طهران بغداد دمشق بيروت بالنسبة إلى إيران.
رسم حزب الله المعالم حول عمل اليونفيل، حسم أمر المعابر التي "لا يمكن إيجاد حلّ لها من دون التنسيق مع النظام السوري". أشغل اللبنانيين بأحاديث هامشية على ضفاف القضية الرئيسية، وذهب إلى معركة جديدة: تعبيد طريقه من سوريا إلى الهرمل إلى العاقورة فجرود جبيل، فالطريق الدولي الذي يربط بيروت بالشمال. طريق قابل لإيقاظ فتنة شيعية مسيحية جديدة، خصوصاً أن الأهالي والكنيسة مُنعوا من زراعة أراضيهم في لاسا، وتجدد النزاع العقاري التاريخي.
المعركة أبعد من طريق. وبمناسبة الحديث عن الصيغة اللبنانية وتطويرها أو اللجوء إلى الفيدرالية، فإن سيطرة حزب الله على تلك الطريق، ستعتبر الحاجز على أي مشروع فيدرالي. فإذا كانت الفيدرالية حيّة في عقول البعض، فإن الحزب يقول لهم "لا مجال لها". وحتى في تلك المناطق، الكلمة والنفوذ للحزب.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها