الإثنين 2020/05/18

آخر تحديث: 16:38 (بيروت)

"التهدئة" حاجة الجميع وعنوان السياسة الراهنة في لبنان

الإثنين 2020/05/18
"التهدئة" حاجة الجميع وعنوان السياسة الراهنة في لبنان
غازي العريضي في قصر بعبدا (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

لا أحد يريد فتح معارك جديدة، والدخول في مواجهات سياسية  في هذه المرحلة من المآزق اللبنانية. فالكواليس السياسية تضجّ برغبة الجميع في التهدئة وحاجتهم إلى استمرارها.

حزب الله وفرنسا
كان مسار التهدئة قد بدأ بزيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى قصر بعبدا، ولقائه رئيس الجمهورية ميشال عون. وتشير المعلومات إلى أن حزب الله يطلب من حلفائه التهدئة وعدم الدخول في التجاذبات. وعندما صعّد سليمان فرنجية موقفه ضد رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل، عتب عليه حزب الله. واختار باسيل الردّ على فرنجية بلا تعنيف، بناء على طلب الحزب إياه أيضاً، والذي - حسب معلومات - نصحه بتحسين علاقاته مع القوى السياسية كلها، والتوقف عن خلق العداوات.

ونصائح التهدئة جزء من صدى فرنسي لا يزال مهتماً بلبنان، استناداً إلى العلاقة الفرنسية مع القوى اللبنانية على اختلافها، في الوقت الذي انعقد اجتماع لسفراء مجموعة الدعم الدولية في السرايا الكبيرة، بحثاً عن إمكان حصول لبنان على جزء من مساعدات مؤتمر سيدر، مشروطة بإنجاز الحكومة الإصلاحات، وإسراعها في الخطوات الإجرائية المطلوبة.

خطوط جنبلاط المفتوحة
في مثل هذه الحال، يمثل وليد جنبلاط مؤشراً على اتجاه الريح. فهو انفتح على الأطراف جميعاً: من زيارته بعبدا، بعد مبادرة عون تجاهه، إلى زيارته الرئيس سعد الحريري. ثم زيارته النادرة إلى وزارة الدفاع للقاء قائد الجيش جوزيف عون.

وعلاقة جنبلاط بسليمان فرنجية مفتوحة. كما خطوطه المفتوحة دائماً مع عين التينة ومع حزب الله. فلجنبلاط في مثل هذه الحالات "سلاح سياسي" اسمه غازي العريضي، الذي استكمل لقاء بعبدا بلقاء عقده مع عون صباح اليوم الإثنين 18 أيار الجاري، في إطار استمرار التنسيق. وتشير مصادر متابعة إلى أن اللقاء كان جيداً، وركز على أمن الجبل والمصالحة، والتنسيق لمواجهة ما يتهدد لبنان من مخاطر، بعيداً من الصراعات السياسية الآنية الضيقة، والتي قد تؤدي إلى انهيار الكيان على الجميع.

كان العريضي رافق جنبلاط إلى اليرزة، وهو سيكون عرّاب العلاقة مع قيادة الجيش، في دور مشابه لإدارة العلاقات السياسية التي كان يضطّلع بها مع قائد الجيش ميشال سليمان بعد العام 2005، وصولاً إلى انتخاب سليمان رئيساً للجمهورية. وزيارات العريضي إلى عين التينة لا تتوقف. تواصله دائم مع بري للتنسيق، لا سيما في حالات الغموض والضياع أو الارتباك، عند جلسة الثقة للحكومة، أو غيرها. كان العريضي هو الذي يقود التواصل مع بري للوصول إلى تفاهم، وعدم التصعيد، طالما لا بديل ولا رؤية واضحة.

أعمال العريضي
ويحضر العريضي في اللحظات الحرجة. في المعارك وفي حالات التفاوض. فهو المروحة السياسية المتعددة الاتجاهات على جبهات مختلفة، منذ ما قبل العام 2005 وما بعده. وجنبلاطياً يوصف بقائد المعارك الرابحة: من قبرشمون إلى المفاوضات مع حزب الله، بعد الخلاف الذي اتخذ طابعاً شخصياً بين جنبلاط ونصر الله، على خلفية معمل فتوش، وفي المعركة الأخيرة التي خاضها جنبلاط ضد محاولات استهدافه سياسياً داخل الجبل.

وعندما أثير موضوع الأموال الموهوبة - بما أن الأموال المنهوبة غير مثبتة قضائياً - دخل العريضي في معركة جديدة، فطرح سؤالاً على حزب الله: هل هو جاهز لمساءلة يقدم عليها باسيل وعون وفريقهما حول الأموال التي يحصل عليها الحزب من الداخل أو من الخارج؟ وقد استشهد بخطاب للأمين العام السيد حسن نصر الله، يقول فيه إن مال الحزب ودعمه ومساعداته ورواتبه كلها تأتي من إيران.

وطرح العريضي يومها معادلة أن كل القوى اللبنانية تحصل على دعم خارجي، وهذا لا علاقة له بمالية الدولة. عون نفسه وباسيل حصلا على دعم خارجي. لذا لا يمكن لهذه المعركة أن تكون رابحة للعهد.

وجهة سياسية جديدة
أما التحقيقات حول مالية الدولة فمفتوحة، ويجب أن يتبناها القضاء. وأرست هذه الأمور تغيراً جوهرياً في المعادلة. وهي التي دفعت العهد والحكومة إلى وقف شن المعارك والحروب. طبعاً، قد لا تدوم هذه التهدئة. فالواقع اللبناني معروف. ولكن من الواضح الآن أن ثمة وجهة سياسية جديدة ستتحكم باليوميات اللبنانية. سمة هذه الوجهة الهدوء، الذي يمهد لعقد لقاءات متعددة بين القوى السياسية المختلفة. وستكون قنوات التواصل مفتوحة، بأشكال مباشرة أو غير مباشرة، لتمرير المرحلة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها