السبت 2020/10/31

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

ضرب حاكمية المصرف: طموحات عون المدمرة لمصالح المسيحيين

السبت 2020/10/31
ضرب حاكمية المصرف: طموحات عون المدمرة لمصالح المسيحيين
يريد عون الدخول إلى القطاع المالي في البلد والسيطرة عليه (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease
لا أحد يمكنه التكهّن بحقيقة الأسباب التي تدفع رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى طرح عناوين لمعارك كثيرة، تؤثر في انعكاساتها الاستراتيجية على المسيحيين، ودورهم التاريخي في لبنان.

قد تكون حسابات عون سياسية، أو مصلحية، وحتى شخصية. وقد يرى أنها تعود عليه بأرباح ما على المدى القصير. لكنه لا ينتبه إلى إنها تؤدي إلى إضعاف المسيحيين أكثر فأكثر، بل إلى هزيمتهم، على المدى البعيد والاستراتيجي. وربما هو يبصر ذلك، ويغض نظره عنه.  

الحملة على سلامة
عنوان معركة عون الجديدة هذه المرة: إقالة حاكم مصرف لبنان، وشن حملة تحريض ضده. وهو يرى أن معركته شخصية مع حاكم المركزي، الذي يتحمل مسؤولية كبيرة في سياساته وهندساته البهلوانية التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه. وهذا لا شك فيه، لكن إضفاء عون الطابع الشخصي على معركته هذه، ينعكس مستقبلاً على هذه "القلعة المسيحية".

الطائفية والعلمانية 
قبل ذلك كان ميشال عون سباقاً من طرحه تعديل الطائف وتغييره، أو تعديل النظام اللبناني، وصولاً إلى طرح الدولة المدنية. لكن هذا الشعار لا يؤدي إلا لتمسك اللبنانيين بطوائفهم، التي يعتبرونها ملاذاتهم الآمنة.

وعندما يطرح أي رجل سياسي مسألة الإقلاع عن الطائفية، التي تشكل مبرر وجود السياسيين جميعاً، وفي طليعتهم عون نفسه، يشعر هذا الجمهور الطائفي أو ذاك بأن طائفته مهددة، وبالتالي الزعماء بدورهم مهددين. وهذا يؤدي إلى تقوقع الجماعات وطوائفها وزعمائها، أكثر فأكثر.

ولكن فلنسلّم جدلاً بأن طرح العلمنة أو الدولة المدنية مسألة جدية، نقية وصادقة. وهذا سيكون له أكبر الانعكاسات السلبية على المسيحيين ودورهم. ففي حال إقرار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، مثلاً، فإن حزب الله، أو الطائفة الشيعية ستكون أكثر المستفيدين.

وإذا ما ألغيت الطائفية أو عُدّل اتفاق الطائف الذي ينص على المناصفة، سيأتي من يطرح المثالثة وإدخال تعديلات كبيرة على بنية التركيبة اللبنانية. وهنا سيكون الشيعة أيضاً أكثر المستفيدين.

وعندما طرح عون هذا الشعار، كان قد سبق حزب الله، بهدف تحقيق مصالحه السياسية، تماماً كما هي الحال عندما طرح مسألة انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، والإطاحة بالطائف، ليتمكن من الوصول إلى رئاسة الجمهورية.

لم يطرح عون ذلك إلا لثقته بحزب الله واستناده إليه، باعتباره القادر على قلب الميمنة على الميسرة. وفي تحالفه مع الحزب إياه، كان هدفه تأمين فوزه بالرئاسة، قبل تسويته مع الحريري. وقد يكون لهذا الانعكاس الأكبر مستقبلاً على المسيحيين: تكريس الشيعة قوة مقررة في اختيار رئيس الجمهورية.

في مثل هذه المعادلات يذهب عون إلى ما يريده هو، من دون مراعاته مصالح المسيحيين في وجودهم ودورهم وتأثيرهم، والحفاظ على مقوماتهم في بنية النظام اللبناني.

قانون النقد والتسليف
وحالياً في خوضه معركة جديدة للإطاحة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يريد عون الدخول إلى القطاع المالي في البلد والسيطرة عليه. وبوابته الوحيدة إلى ذلك حاكمية المصرف المركزي، بعد تمسك الثنائي الشيعي بوزارة المالية. والمدخل للإطاحة بسلامة هو التدقيق الجنائي. فسلامة في عدم تسليمه المستندات المطلوبة إلى شركات التدقيق، يستند على قانون النقد والتسليف. لذا سارع عون إلى طرح تعديل قانون النقد والتسليف، وكتلته النيابية تستعد إلى تعديله.

وقانون النقد والتسليف، كما يصفه أبرز السياسيين اللبنانيين، هو قانون "ممورن"، نسبة إلى المارونية السياسية. فهو الذي يمنح المسيحيين الموارنة أبرز الصلاحيات في القطاع المالي اللبناني. وهذا القانون منح حاكم المصرف المركزي صلاحيات استثنائية، كجزء من الامتيازات التاريخية للموارنة. وفتح المجال لتعديله يعني فتج أبواب جهنّم على صلاحيات المسيحيين. وعندها سيطالب الشيعة والسنة والدروز وغيرهم بالحصول على صلاحيات داخل المصرف المركزي. وهذا يجرّد الحاكم من صلاحياته المطلقة. ويتحول المصرف المركزي إلى الحال التي يشكو منها المسيحيون دوماً: حرمان رئيس الجمهورية من صلاحياته. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها