يتعاطى المصدر مع الملف المالي والاقتصادي بأنه هو الأساس، وقبل أي شيء آخر حاجة وضرورة للبنان، وليس حاجة للمجتمع الدولي كما يحاول البعض أن يصورها. وبالتالي، فإن عدم الاستجابة للشروط تعني المزيد من الانهيار والدمار. لكن هؤلاء سيجدون أنفسهم أمام إحراج كبير على الرغم من كل شعبويتهم وتكتيكاتهم. فكل ذلك لن ينفعهم، سيكون لبنان أمام خيار الذهاب إلى الإصلاح أو الاستمرار في المزيد من الغرق والانهيار. ويقول المصدر إن: "كل ما يجري هو معالجة مظاهر المشكلة وليس جوهرها. لا بد من اجراءات جذرية وحقيقية ومن ملأ الدنيا شعبوية سيجد نفسه محرجاً وخالياً من أي إنجازات".
التحذير واللاإصغاء
يعود المصدر إلى العام 2018 وقراءته حينها للانهيار المقبل، مستذكراً اللقاءات المتعددة مع اربعة سفراء للدول الكبرى، الفرنسي، الألماني، البريطاني والأميركي، قائلاً: "جرى التمني عليهم أن يصارحوا الرؤساء الثلاثة لإبلاغهم أن الأوضاع إذا استمرت هكذا، وهي غير جيدة أبداً، فإن لبنان ذاهب إلى انفجار مالي واقتصادي كبير، وإن الإجراءات والهندسات المالية ليست علاجية أبداً". لكن يومها لم يلتزم أحد بكل تلك المناشدات، التي وصلت إلى مسامع الرؤساء، على الرغم من أن الوقائع كلها كان تفيد بذلك.
استكانت الأمور على طريقة المناورات اللبنانية، إلى أن حصلت الأزمة ولم تجد من يعمل على حلّها، أو ربما لم يجد التصرّف، لكونه جاء متأخراً وليس كافياً. لكن بعد التفجير الذي حصل في مرفأ بيروت تركزت الأنظار الدولية على لبنان. فانتهز الرئيس الفرنسي المناسبة لإجراء زيارته الأولى، وطرح المبادرة الفرنسية. هو طبعاً يرى فيها أن مكسباً له في الداخل الفرنسي، مقابل مصالح استراتيجية، لأن لا شيء في السياسة "عبارة عن كاريتاس". ويعتبر المصدر أن زيارة ماكرون الأولى جاءت في الوقت الذي كانت قد انهارت الدولة والعهد والمؤسسات والقوى السياسية. وذلك تبّدى من خلال مناشدات الناس وصرخاتهم له. وكان من الضروري أن تكون الطروحات التي تقدم بها الرئيس ماكرون أكثر دقة وتبصراً، ولا سيما فيما يتعلق بكلامه عن العقد الاجتماعي وتغيير النظام، واللذين حصل الإلتباس بشأنهما. وهو الأمر الذي احتاج إلى توضيحات متعددة.
الأرانب الإيرانية
يعتبر المصدر أن ماكرون جاء عارضاً مبادرته أمام حزب الله وايران، وأنه حامل غصن الزيتون، وقادر على ضبط العصا الأميركية. ولكن بعد أن صدرت العقوبات ثبت أن العصا بقيت بيد الاميركيين. وبعدها لجأت ايران إلى عرقلة المبادرة، وخرجت كل هذه الأرانب. لأن طهران أرادت الحصول على ضمانة من الاميركيين. وبعدها بحث الإيرانيون عن بوليصة تأمين بعد كل هذه الضغوط إسمها ملف ترسيم الحدود. فبحال عاد ترامب تكون إيران قد بدأت المفاوضات على الترسيم، وبحال فاز بايدن تحافظ على موقفها وتبدأ من جديد مع الإدارة الأميركية الجديدة.
ويعتبر المصدر أن لبنان أمام خيارين، إما الذهاب سريعاً لتشكيل حكومة تعمل على الخطة الإنقاذية، أو الاستمرار بالإشتباك السياسي الذي لا يبالي بهموم البلد واللبنانيين. لافتاً إلى أن رئيس الجمهورية لن يكون قادراً على تأجيل الإستشارات مجدداً.
وعلى ما يبدو، فإن الحريري بات يحظى بدعم فرنسي وموافقة أميركية، و"مراقبة" سعودية للأداء، على أن تكون أي مساعدات مشروطة بما سيمكن تحقيقه من نتائج على صعيد الإصلاح.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها