"جلسة سوريالية": مجلس النواب ينعقد تسللاً.. لتهريب الموازنة

أقر مجلس النواب موازنة العام 2020، بتصويت 49 نائباً يمثلون كتلة الوفاء للمقاومة، "لبنان القوي"، "التنمية والتحرير"، والنواب سليم سعادة، أسعد حردان، نقولا نحاس وعدنان طرابلسي. وتم رفض الموازنة من قبل 13 نائباً، هم نواب "المستقبل" والنائب فريد الخازن، وامتنع 8 نواب بينهم نواب من "المستقبل" ونواب الاشتراكي بلال عبدالله، فيصل الصايغ، محمد الحجار، وأكرم شهيب. وكذلك كتلة تيار المردة.

نصاب بـ"المستقبل" 
إنها الجلسة الأولى في تاريخ الموازنات، التي يغيب عنها هذا الكم من النواب، ويكون طالبو الكلام فيها ستة نواب فقط. بينما كانت الجلسات السابقة تستخدم كفرصة للنواب لطرح مطولاتهم واستعراض طروحاتهم الشعبوية وإطلاق مواقفهم. شيء من هذه المسرحيات قد غاب نسبياً، فيما رئيس المجلس كان مصرّاً على إنهاء الجلسة سريعاً، وعدم استغراق يومين لإقرارها، نظراً للاحتجاجات والتظاهرات التي تحصل في محيط المجلس النيابي، وسط محاولات لقطع الطرقات على النواب لمنعهم من الوصول. وكان برّي واضحاً في توجهه إلى النواب بعدم الخروج من المجلس، لأن من يخرج لن يكون من السهل عليه العودة، وبالتالي قد يفتقد النصاب.

عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، موعد انطلاق الجلسة، كان عدد النواب الموجودين داخل القاعة العامة هو 59 نائباً، أي بحاجة إلى ستة نواب لتأمين النصاب. فوصل نواب من كتلة المستقبل، الذين كانوا قد اجتمعوا صباحاً، وشهدت جلستهم نقاشات صاخبة حول المشاركة في الجلسة من عدمها، وكنا رأي الكثير منهم يتجه إلى المقاطعة. لكن قرار الحريري كان حاسماً لجهة المشاركة، لأنه لا يريد أن يعطّل عمل مجلس النواب، فيكون ذلك استهدافاً لنبيه بري.

دياب وحيداً 
كان رئيس الحكومة التي لم تنل الثقة بعد، جالساً وحيداً في مقعده، لم تحط به حكومته. افتتح بري الجلسة، بتلاوة مراسيم استقالة الحكومة السابقة، وتشكيل الحكومة الجديدة، وشدد على أن الجلسة مخصصة لبحث الموازنة. عندها سجّل النائب سمير الجسر اعتراضه في الشكل على الجلسة معتبراً أنها غير دستورية أولاً، لأن مجلس النواب يناقش موازنة لحكومة مستقيلة، في ظل حكومة لم تنل ثقة المجلس، وتوجه إلى دياب بالقول كيف يمكن مناقشة موازنة وضعتها حكومة سابقة والحكومة الحالية لم تتبنها، عندها أعلن دياب أنه يتبنى الموازنة قائلاً: "لو لم أكن أتبنى الموازنة لما حضرت إلى هنا". عندها حُشر دياب في تبنيه موازنة لحكومة أسقطها الشارع بسبب هذه الموازنة بالتحديد. وأوضح دياب أن الحكومة في ظل وضعيتها الراهنة قبيل نيلها الثقة هي حكومة تصريف أعمال، ويفترض أن يكون عملها محصوراً بإعداد البيان الوزاري، وأكد ، في جلسة مناقشة الموازنة في المجلس النيابي، انه لا يمكن للحكومة استرداد الموازنة، أو ان تعرقل موازنة أعدتها الحكومة السابقة، لافتاً إلى أنها تترك الأمر للمجلس النيابي.

تبريرات برّي
ورد بري على كلام الجسر عن عدم دستورية جلسة مناقشة الموازنة اليوم، فقال: "المادة 32 تتكلم عن عقدين تماماً، كما تفضلت، العقد الثاني يبدأ يوم الثلثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول، وتخصص جلساته للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل اخر، هذا الموضوع ليس عندما أصبحت في كانون الثاني، فعادة اذا لم تنته الموازنة تنهيها في آخر كانون الثاني، لذلك أصريت على ان يكون في هذا الوقت".

بعدها تلى النائب ابراهيم كنعان ملخص الموازنة، ليكون أول المتكلمين النائب سليم سعادة الذين يمكن وصفه بنجم الجلسة، معتبراً الموازنة لقيطة بلا أم ولا أب وهناك مشكلة على صعيد الواردات والنفقات. وسأل في جلسة مناقشة موازنة  2020 :"كيف تفلس الدولة ومصرف لبنان والمصارف في الوقت نفسه؟ والجواب هو أن "التلاتي بفرد تخت". وقال سعادة: "في ظل التشدد الذي نعيشه بتنا وكأننا نعيش في حكم شيوعي والأسوأ من 3 أسعار لصرف الدولار هو الفوائد."

سعادة والسيّد 
ونسف سعادة الموازنة معتبراً ان خدمة الدين في لبنان تبلغ أكثر من 6 مليارات دولار، معلناً أن شهر العسل في الطائف انتهى، ولم يعد هناك لا مال ولا عسل ولا عسّال، وتابع: "سنستمر عقود قبل ان نخرج من الازمة". واضاف: "ان الهندسات المالية لا علاقة لها بالهندسات بل هي بازار مالي".

أما النائب جميل السيد، فاختار الرد على الاتهامات التي طالته، بأنه هو من شكل حكومة حسان دياب، نافياً ذلك. وفي موضوع الموازنة، قال: "عندما يقدم لنا مشروع موازنة عمره 7 أشهر في ظل الاوضاع الراهنة، نقول إنه من الجريمة أن تصدر هذه الموازنة كما هي. مشيرا الى أن "الإيرادات المتوقعة أصبحت شبه خالية بفعل الواقع الخاص للمواطن الذي قيدته المصارف وبفعل الواقع بين المواطن والدولة". وقال السيد: "الموازنة "انتو طابخينا" ونواب المستقبل الذين يعترضون اليوم هم من شاركوا في اعدادها"، ووصف الجلسة بأنها سوريالية.

وسأل النائب هادي حبيش:" هل نحن أمام موازنة لجنة المال أم امام موازنة تتبناها الحكومة الحالية؟". وأضاف سائلا في جلسة مناقشة موازنة الـ 2020: "كيف ستلائم الحكومة ارقام الموازنة المطروحة؟ وهل ستلتزم برزمة الاصلاحات التي اقرت في حكومة الحريري؟". فيما اعتبر النائب آلان عون أنه يجب على المصارف أن تستعيد الثقة مشيرا الى أن هذا الأمر يتطلب اعترافا بالمسؤولية المشتركة مع السياسيين بإيصال الواقع الى هذا المكان ويتطلب الانخراط بالخطة الانقاذية وتحمل المسؤولية وحصة من الخسائر.