الجمعة 2020/01/24

آخر تحديث: 00:03 (بيروت)

الهدية المسمومة: لا.. نساؤنا لسن في الحكومة

الجمعة 2020/01/24
الهدية المسمومة: لا.. نساؤنا لسن في الحكومة
سيداتنا هن اللواتي واجهن ذكورية رجال الأمن والسلطة المحتقرة (Getty)
increase حجم الخط decrease

هناك ربما إيجابية واحدة تسجّل للحكومة الجديدة، هي أنها لم تعد تضم وجوهاً ورموزاً نالت من الشتائم أكثر ما قاله مالك في الخمر، في تظاهرات اللبنانيين على امتداد مئة يوم. ورغم أن تواري المتسيدين على لبنان، باختيار وجوه غير معروفة، هو هروب من غضب الشارع الناقم على كل السلطة، إلا أنه بمثابة خطوة إلى الأمام للتربع على عرش السلطة من طريق "حكومة اختصاصيين". فالأصيل سيبقى متحكماً بالوكيل، ويجعل إيجابية الاختفاء عن المسرح سراب ووهم.

هم يغيبون كأجساد، ويحلون مكانهم شخصيات لزوم الديكور لإحكام القبضة على المنتفضين في الشارع، وعلى عيون بعض اللبنانيين المغشاة.


هي حكومة الصورة اللامعة التي تتبدى بعد أول نظرة خاطفة. صورة تتشتت وتتذرى وتنكشف على حقيقتها الدبقة، المتمثلة باختيار "اختصاصيين" وعنصر نسائي تجميلي، لا يخفي قباحة الآمر و"السيد" الفعلي للبنان، الجاثم على صدور اللبنانيين بأحزاب الصواريخ الدقيقة واليمين الفاشي والعنصري، الكاره للنساء والنابذ لحقوقهن الفعلية كمواطنات متساويات مع الرجال.

ليس مجرد كلام عابر أن يشارك الحزب الديني والطائفي، الرافض الوحيد للكوتا النسائية في البرلمان، من بين كل الأحزاب اللبنانية، في صوغ تلك الكوتا الجوفاء في حكومة قيل أنها ممثلة لانتفاضة اللبنانيين. وليس كلاماً أجوف أن يكون "الصهر المدلل" مهندس الديكور النسائي، لخداع النساء اللبنانيات المتلوعات من رفضه المطلق لمنح المرأة اللبنانية حق الجنسية لزوجها وأولادها بذريعة تجنيس السوريين والفلسطينيين وتوطينهم في لبنان.


هي خدعة لن تنطلي على الناشطات لإحقاق حقوق النساء بكوتا عادلة كنوع من "التمييز الجندري الإيجابي"، لتمثيل النساء في مراكز صنع القرار. هي بالنسبة لمنار ويارا وجمانة وندى وزينة وماري، وكل النساء اللواتي عملت معهن، للضغط من أجل إقرار الكوتا النسائية في القانون الانتخابي، هدية مسمومة لسحق كل حقوق النساء، ولتقديم صورة "أنثوية" لامعة بلون واحد رمادي حالك السواد.

هي خدعة الذكورية والأبوية المتسيدة على اللبنانيين، التي رفضتها جميع الناشطات النسويات اللواتي هتفن طوال المئة يوم السابقة "بدنا نسقط الذكورية والأبوية والطائفية بدنا نسقط النظام".


هي خدعة دس السم في العسل ستلعقها بعض النساء الطارئات على النشاط المدني النسوي وحقوق النساء، لكنها لن تنطلي على الطيف النسائي الذي ميّز كل التظاهرات والاحتجاجات في لبنان منذ اندلاع ثورة 17 تشرين. ولن تنطلي على النساء الجريحات اللواتي يمثّلن جميع النساء واستطرادا جميع اللبنانيين.

تلك السيدات اللواتي واجهن ذكورية رجال الأمن والسلطة المحتقرة من جميع اللبنانيين، هنّ من يستحقنّ لقب وزيرات الثورة. فمن يمثل اللبنانيين هنّ المدربة الرياضية سناء الشيخ التي حاولت كسر الحصار عن محمية ساحة النجمة، فتحطمت يداها وهشم جسدها بالرصاص المطاطي، ولم تتراجع عن محاولة جعل البرلمان لجميع اللبنانيين، وكارين هلال بصوتها المبحوح جراء الهتافات اليومية ضد "سلطة رأس المال"، والتي سقطت جريحة المواجهات الدامية مع مكافحة الشغب المدافعة عن سور البرلمان، والثائرة رفيف سوني التي فقدت ذاكرتها، بعدما أوسعتها فرق مكافحة "الشعب" ضرباً على رأسها، لأنها وقفت أمام ثكنة الحلو تطالب بالإفراج عن المعتقلين. من يمثّل اللبنانيين هي تلك السيدة التي سددت ضربة على خصيتي مرافق الوزير، الذي أطلق النار على المتظاهرين في أول يوم لانتفاضة اللبنانيين.


لكلودين وشبيهاتها من النساء أن يعتبرن "الهدية المسمومة" إنجازاً تاريخياً، لكن المتظاهرات، وهنّ بالمناسبة أكثر من الرجال في جميع الوقفات والتظاهرات والاحتجاجات، اللواتي يضعن الكمامات المضادة للغاز المسيل للعيون، ويقفن بوجه الرصاص المطاطي وخراطيم المياه وكل القمع الحاصل، سيبقين يهتفن "ويلي بيوقف ضد التغيير منعدلو ومن ضل نقلو ساقط ساقط"، حتى تحقيق التغيير الفعلي وحصولهن على كل الوزارات لما بعد الثورة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها