الثلاثاء 2020/01/21

آخر تحديث: 00:18 (بيروت)

حزب الله يكافح شغب تأليف الحكومة.. وجنبلاط "يسعف" الحريري

الثلاثاء 2020/01/21
حزب الله يكافح شغب تأليف الحكومة.. وجنبلاط "يسعف" الحريري
بدا جنبلاط وكأنه يحمل راية الدفاع عن الحريري في بيئته (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
تعمل القوى السياسية على نقل المعركة من الشارع إلى كواليسها هي. بل تعمل على إزاحة معادلة المواجهة بين الشعب والسلطة، وتحويلها إلى نزاع بين القوى السياسية نفسها، أولاً عبر تشكيل حكومة لون واحد من قوى 8 آذار، مقابل استعادة ما تبقى من قوى 14 آذار للتكتل مع بضعها البعض.

على هذا، تدخل حزب الله بقوة في جهود تشكيل حكومة حسّان دياب. فكان اللقاء -الغداء الذي ضم إلى جانب رئيس الحكومة المكلف، الوزير علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين خليل، ورئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، للاتفاق على شكل الحكومة.

التسوية الحكومية
أقنع حزب الله الجميع بوجوب رفع عدد وزراء الحكومة إلى عشرين. فبهذا المقترح، يتم إيجاد حلّ لمشكلة توزير المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي. منذ اليوم الأول كان معروفاً أنه حين يدخل حزب الله بقوة على الخطّ، يمكن إيجاد حلّ للمعضلة الحكومية بين حلفائه. وكان هناك خيار واحد لا بديل عنه، وهو رفع حجم الحكومة إلى عشرين وزيراً، كمنزلة وسطية بين 18 و24. وبذلك، يتم إضافة وزير كاثوليكي لتحسين تمثيل الطائفة في التركيبة، مقابل إضافة وزير درزي، بحيث يتم إرضاء الحزب القومي. ولكن في لعبة التوازنات هذه، فإن تعيين وزيرين درزيين مقابل 4 وزراء سنّة و4 وزراء شيعة، يعني تكريس سابقة جديدة، بجعل حصة الدروز هو نصف حصة السنة والشيعة.

كان تشدد باسيل بالحصول على الثلث المعطل في هذه الحكومة، هو الدافع وراء تأخيرها، حسب الأسباب التي ساقها كل من برّي وفرنجية. لكن وفق صيغة العشرين وزيراً، سيكون باسيل حاظياً بثلث عدد الوزراء زائد نصف، مقابل أيضاً حصول بري مع حلفائه على ثلث زائد نصف، أي 7 وزراء. هنا، يمكن لتغيب السبع وزراء أن يعرقل انعقاد الجلسة الحكومية، استناداً إلى سابقة تاريخية حصلت عند انتخاب الرئيس الراحل سليمان فرنجية، إذ انتخب بخمسين صوتاً مقابل 49 لالياس سركيس، فاعتبرت الأكثرية التي حاز عليها فرنجية، هي نصف زائد نصف وليس زائد واحد، وتم إيجاد فتوى لها لتثبيتها.

المواكبة الفرنسية 
قبيل الوصول إلى هذه الخلاصة والتسوية، وبعد طرح صيغة العشرين وزيراً على دياب، طلب التواصل مع باسيل لمشاورته بالأمر، لأنه كان يرفض ذلك. وعلى ما يبدو، فإن تدخّل حزب الله فعل فعله وتم الاتفاق على صيغة الحكومة، بحيث يبقى أيمن حداد وزيراً مرشحاً من قبل باسيل، وتبقى أمل حداد كوزيرة مقترحة من قبل بري وأسعد حردان، فيرضى جناحا الحزب القومي. سيحصل فرنجية، حسب الاتفاق، على وزيرين. وزارة الأشغال وسيسمي لها وزيرة مارونية، وطالب بوزارة العمل أو البيئة على أن يختار لها شخصية أرثوذكسية. وعلى هذا الأساس اتُفق على أن تكون التشكيلة الحكومية ناجزة سريعاً، وأن يتم الإعلان عنها الثلاثاء، إذا لم يحصل أي طارئ.

هنا لا يمكن إغفال المواكبة الفرنسية الحثيثة، التي كانت مكثفة طوال الأيام الماضية، لتشكيل الحكومة، عبر التنسيق الدائم والمستمر بين السفير الفرنسي في بيروت والرئيس المكلف أو مع حزب الله بشكل أو بآخر. وتزامنت المساعي الجدية لاستيلاد الحكومة مع موقف للخارجية الفرنسية شددت فيه على وجوب تشكيل حكومة تتبنى خطّة إصلاحية واضحة.

من بيروت إلى بغداد
بعد الاتفاق على صيغة الحكومة وعددها، استمر النقاش و"شد الحبال" ليلاً على كيفية توزيع الحقائب. إذ رفض القومي التمثل بوزير درزي، وأصرّ على الوزير المسيحي، بينما فرنجية تمسك بوزارة أساسية إلى جانب وزارة الأشغال. الأمر الذي رفضه باسيل، فيما رفع طلال ارسلان شروطه بما يتعلق بالحقائب أو بالحصول على الوزير الدرزي الثاني، إذا ما كانت حصة "القومي" مسيحية. ما يعني تأخير تشكيل الحكومة.

المفارقة إن الإيجابيات في عملية التشكيل، ترافقت مع مساع في العراق لتكليف محمد علاوي لرئاسة الحكومةز فكان يفترض أن تسير الأمور في البلدين نحو الحل الحكومي. ليلاً، حدثت ضغوط شعبية وسياسية في العراق لرفض تكليف العلاوي. فتعاظمت حركة التظاهرات ضده، وتراجعت حظوظه، بسبب خلافات بين مقتدى الصدر وهادي العامري. تزامناً، كانت الشروط في لبنان تتجدد لتؤخر مجدداً تشكيل الحكومة، بحثاً عن توقيت مناسب، قد يكون سريعاً وقد يطول.
الأكيد ان ما يجري هو عبارة عن توزيع أدوار، ولا مشكلة لباسيل أن يأخذ العرقلة بصدره، بينما حزب الله يظهر كأنه يعمل على التسهيل، بانتظار الفرج من نافذة ما.

جنبلاط - الحريري
في مقابل عمل قوى الثامن من آذار على شدّ أواصرها والاتفاق على حكومتها، كان وليد جنبلاط يفعّل حركته السياسية، واصفاً الحكومة الجديدة بحكومة اللون الواحد، فالتقى الرئيس سعد الحريري. اللقاء كان يتم التحضير له منذ أيام، وتحديداً بعد عودة الحريري من الخارج. إذ أطلق جنبلاط حركة سياسية افتتحها بزيارته إلى الرئيس نبيه برّي. لكن موقف جنبلاط بعد لقاء الحريري كان لافتاً، أولاً لاستذكاره محطة 14 شباط 2005 وما تلاها. ما بدا وكأنه إيحاء سياسي باستعادة هذا الاصطفاف، أو كأنه توجيه يخاطب المنتفضين اللبنانيين بأن العنف أو الشغب الذي يقع لن يخدم وجهة نظرهم. وكأنه يقول لهم إن هذا العنف سيبرر استخدام العنف ضدهم. وألمح جنبلاط بطريقة غير مباشرة، بأن هناك من يعمل على تحريض بعض المجموعات لتخريب الحراك، وتقسيمه، ليبدو كأن هناك من يتظاهر ويشاغب ضد المصرف المركزي والمصارف، مقابل من يتظاهر ويشاغب ضد المجلس النيابي.

اعتبر جنبلاط أن الحكومة من لون واحد، ومشكِّلوها يختلفون فيما بينهم. لكنه شدد على وجوب العمل وفق ورقة إصلاحية للخروج من الأزمة، التي تبدو من أسوأ الأزمات. وهناك حلول يمكن التفكير بها خصوصاً لأبناء الشمال، منها مصفاة النفط، والمرفأ وفتح مطار القليعات. بدا جنبلاط وكأنه يحمل راية الدفاع عن الحريري في بيئته. خصوصاً أن النظرة السياسية لدى الرجلين أن ثمة من يريد استهداف الحريري داخل الشارع السنّي. وعلى ما يبدو أن حركة جنبلاط ستكون مستمرة، باتجاه أطراف وقوى أخرى. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها