الخميس 2020/01/16

آخر تحديث: 00:15 (بيروت)

حزب الله: "فشّوا خلقكم" بالمصارف.. واتركوا السياسة لي

الخميس 2020/01/16
حزب الله: "فشّوا خلقكم" بالمصارف.. واتركوا السياسة لي
يريد حزب الله استهداف المصرف المركزي وجمعية المصارف كمتهمين وحيدين (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease

استعجل حزب الله يوم الثلاثاء تشكيل الحكومة في لبنان. فهو يريد التخفف من الأعباء السياسية الداخلية، للتفرغ لما هو أهمّ. وجود حكومة خاضعة له أفضل من حال الضياع والتجاذب المستمرة. لذا، وفي موازاة الضغط الذي مارسه الحزب على حلفائه للتفاهم على التشكيلة الحكومية، كانت وجهة الاحتجاجات في بيروت تتغير، أو يعمل حزب الله على تغييرها، عبر الاختراقات التي سجّلها في صفوف الثورة.

"كلن.." تعني المصرف فقط
طبعاً، اللبنانيون موجوعون من إجراءات المصارف، ومن هذا النظام المصرفي والاقتصادي الذي كان فقط في خدمة القوى السياسية. والاحتجاجات ضد المصارف مبررة، بعد الذلّ الذي ألحقته باللبنانيين. ويعرف حزب الله مدى وجع اللبنانيين من المصارف. فاختار النقر عليه بذكاء، لتحييد وجهة الاحتجاجات عن "الستاتيكو" السياسي الذي يتم رسمه، وتحميل مصرف لبنان والقطاع المصرفي مسؤولية كل ما أصاب لبنان.

 يعرف الحزب أن الأزمة الخانقة لا يمكن حلّها بسهولة. وهي تحتاج إلى فترة طويلة. ولذلك، لا يمكن تجنّب الانفجار الشعبي الآخذ بالتوسع، كلما ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً. ولذلك، كل محاولاته في إجهاض التظاهرات والاحتجاجات وإنهائها فشلت. ففضل إعادة جمهوره إلى الساحات، لجرف الاحتجاجات وتحويرها أو تركيزها على وجهة واحدة، بدلاً من صيغة "كلن يعني كلن"، والتي تشمل المصارف والقوى السياسية الحاكمة. خصوصاً، أن كل هذه المصارف تابعة للقوى السياسية، وسياسة حاكم مصرف لبنان كانت تصب في خدمة السياسيين.

الاختراقات التي سجلها الحزب في صفوف الانتفاضة، استثمر فيها مساء الثلاثاء أمام مصرف لبنان. وهي عكست التحول الذي يريده الحزب، في أن يضع المصرف المركزي وجمعية المصارف كمتهمين وحيدين بما آل إليه الوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه اللبنانيون. ففي السياسة، يعرف الحزب كيف يستخدم هذه الأساليب. وقد خبره اللبنانيون في مجالات عديدة، كإتهام خصومه بالفساد والادعاء بمحاربته، بينما يتشارك معهم في السلطة، أو اتهام خصومه السياسيين بالعمالة لتحقيق أهداف سياسية، ودفعهم إلى تقديم تنازلات. الآن، اللعبة واضحة. أولاً، هناك من يجب أن يدفع الثمن، لتصفية الحساب معه. وثانياً، ليكون المتنفس الوحيد أمام احتقان الناس الغاضبة.

مواجهة مع الأميركيين!
تتوجه الأنظار إلى المصارف فقط، بينما يكون العمل جار على تشكيل حكومة، لن تكون بعيدة عن الحكومات السابقة في مضمونها، إنما بالشكل قد تكون مختلفة. وسيتم تصويرها أنها حكومة تكنوقراطيين. المعركة أصبحت أبعد من الحكومة وتفاصيلها. أصبح الصراع على وجهة لبنان المالية والاقتصادية. ولا يمكن فصل ما يجري عن الموقف الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، بعيد اغتيال قاسم سليماني، حول مواجهة الأميركيين وحلفائهم في لبنان. ومعروف أن الحزب لا يريد مواجهة عسكرية، مكتفياً بالمواجهة السياسية المفتوحة. وحاكم مصرف لبنان أحد أبرز المحسوبين على الأميركيين، من دون إغفال ملف العقوبات التي تلتزم بها المصارف على حزب الله. هنا، يبرز بعض التناقض. الحزب يريد تشكيل حكومة ليتعاطى المجتمع الدولي والأميركيين معها بواقعية، علماً أنها بنظرهم ستكون حكومته، وفي الوقت نفسه يريد استهداف الأميركيين أو حلفائهم.

لكن الهجوم على المصرف المركزي وحاكمه لم يمرّ بسهولة في نظر المجتمع الدولي. فكان أول المتحركين المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش، الذي حمل مسؤولية ما يجري للقوى السياسية، متهماً إياها بأنها تريد أن تضع رياض سلامة ككبش محرقة. سارع كوبيتش إلى لقاء الرئيس نبيه بري وإجراء اتصالات ولقاءات مع مختلف المسؤولين. وهو تحرك بناء على طلب دولي عاجل لتوجيه رسالة تحذير للبنان. وهذا ما دفع برّي إلى الاستنكار الشديد لما جرى في الحمرا، ودفع الحريري إلى القول إنه لا يريد أن يكون شاهد زور على إجراءات مشبوهة. وأكد كوبيتش بعد لقائه بري أن سلامة هو الوحيد الذي يعمل على معالجة الأزمة الاقتصادية. ما يعني منحه الغطاء الدولي.

حاكم المصرف وقائد الجيش 
تحرك كوبيتش لم يكن مختلفاً عن تحركات عدد من السفراء، وخصوصاً السفيرين الفرنسي والبريطاني، واللذين يتماهيان في طروحاتهما معاً، ويعتبران أنه لا بد من تشكيل حكومة، لتنقذ الوضع من الانهيار. هنا تدور تساؤلات كثيرة حول إذا ما ستتمكن هذه الحكومة من الحصول على دعم ومساعدات دولية، أم ستتعقد الأمور أكثر. الرأي الفرنسي يتحدث عن إعطائها مهلة ثلاثة أشهر بانتظار ما سيظهره أداؤها. بينما الأساس يبقى لدى الأميركيين وتوجهاتهم. وهذا لا ينفصل عن الاهتمام الفرنسي والبريطاني الدائم بعهد عون وبالحرص على "الستاتيكو" القائم مع حزب الله، أو مع إيران. ومعروف أن الدورين الفرنسي والبريطاني هما أكثر من عمل على إقناع الحريري بالتسوية الرئاسية.

مواجهة حزب الله مع المصرف المركزي سيكون لها تداعيات سياسية. هذا، مع تثبيت حق المعارضة لأداء المصارف والنظام المالي برمّته. والتقاء الحزب مع رئيس الجمهورية على مواجهة رياض سلامة، ستكون خاتمتها، إقالته وتعيين بديل منه. هنا يجب مراقبة الموقف الدولي والأميركي، وهل سيكون موقف كوبيتش هو نفسه وستمنع إقالة سلامة أم لا؟ هذه المواجهة لا تنفصل أيضاً عن مساعي باسيل لفرض تعيين بديل من قائد الجيش جوزاف عون، بعد الحملات التي شنّت عليه. لكن هناك من يعتبر أن الوضع المالي والاقتصادي المنهار قد يسمح بإقالة سلامة. أما الاستقرار الذي يمثل الأساس للبنانيين وللمجتمع الدولي، فسيمنع أي إجراء يمسّ قائد الجيش أو يمس الأمن. في هذه المعادلة، الحكومة التي يسعون لتشكيلها بشكلها ووزرائها وملابسها، ستكون تفصيلاً أمام ما ستفعله في هذا الشأن. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها