الأحد 2019/01/20

آخر تحديث: 14:14 (بيروت)

عون في القمة "الباهتة" لا يشغله سوى السوري

الأحد 2019/01/20
عون في القمة "الباهتة" لا يشغله سوى السوري
حضور أمير قطر للقمّة، كان لا بد من مقابلته بعدم طرح أي ملف استفزازي (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
لم يختلف كلام رئيس الجمهورية ميشال عون، مترئساً القمة الإقتصادية التنموية العربية، عن مضمون كلام وزير الخارجية جبران باسيل، خلال ترؤسه إجتماع وزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالقمة. كان لبنان مهجوساً بجملة ملفات، ترددت على لسان عون وباسيل، وأصرّا على تضمينها للبيان الختامي للقمّة، وإظهارها وكأنها إعلان عربي جامع، يطلق عليه إعلان بيروت، كما هو الحال بالنسبة إلى المبادرة العربية للسلام، التي صدرت في القمة العربية ببيروت في العام 2002.

عون والهاجس السوري
يمكن اختصار الإهتمام اللبناني ببندين أساسيين، هما بند اللجوء ومعالجته، وبخاصة مسألة اللاجئين السوريين، وبند إعادة الإعمار في سوريا وكل ما يرتبط به. عدا عن هذه البنود، يمكن إدراج كل المداخلات أو الملفات التي جرى بحثها، في إطار العناوين الروتينية، التي يتم التشديد عليها في أي اجتماع عربي، ويحملها القادة العرب من اجتماع إلى اجتماع، ومن سنة إلى سنة تالية. أصرّ عون أن تخرج القمة ببيان يرضيه، ويحقق جزءاً من رؤيته، التي يسعى إلى إثباتها عربياً، خصوصاً فيما يخص الملف السوري.

الاعتبار لأمير قطر
لم تكن مسألة السعي لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، حاضرة، كما كانت خلال الاجتماع الوزاري العربي برئاسة باسيل. وأساساً، كان وزير الخارجية اللبناني هو من تولى إثارة هذا الموضوع، قبل القمة وخلالها. لكن الموقف جاء من قبل أمين عام الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، بأن هذا البند فيه شق خلافي، ولا يمكن اتخاذ أي قرار قبل الوصول إلى اتفاق جامع. وتشير مصادر متابعة، إلى أن عدم إثارة موضوع إعادة سوريا إلى الجامعة، له جملة أسباب، أولاً، اكتشاف لبنان أن بنداً من هذا النوع قد يزيد من الاختلافات في القمّة. وهذا ما لا يريده، طالما أنه يسعى إلى تحقيق نقاط إيجابية. وبالتالي، كان لا بد من تجنّب إثارة الملفات السياسية الحساسة. وثانياً، مبادرة حضور أمير قطر للقمّة، والرمزية التي مثّلها، كان لا بد من مقابلتها بعدم طرح أي ملف استفزازي، كمثل فرض ملف التطبيع مع النظام السوري، أو إعادة العلاقات معه على مجريات الجلسة.

أعباء على لبنان
لكن لبنان تمسّك بالملفات الإستراتيجية بالنسبة إليه، وهذا ما أكده عون في كلمته، لجهة التشديد على أهمية إعادة الإعمار، وتأمين العودة الآمنة للاجئين السوريين. إلى جانب العناوين الأخرى التي اقترحها، كالسوق العربية المشتركة، وتعزيز التعاون العربي على الصعد الإجتماعية والإقتصادية والتنموية، ومواجهة الإرهاب والفساد، لتحقيق التنمية المستدامة والحياة الكريمة.

وقد أكد عون، أن لبنان دفع الثمن الغالي جراء الحروب والإرهاب. ويتحمل العبء الأكبر إقليمياً ودولياً، لنزوح الأشقاء السوريين، مضافاً إلى لجوء الأخوة الفلسطينيين المستمر منذ 70 عاما، على نحو أصبحت أعدادهم توازي نصف عدد الشعب اللبناني، وذلك على مساحة ضيقة، ومع بنى تحتية غير مؤهلة، وموارد محدودة وسوق عمل مثقلة". ولذلك دعا "المجتمع الدولي الى بذل كل الجهود الممكنة، وتوفير الشروط الملائمة، لعودة آمنة للنازحين السوريين إلى بلدهم، ولا سيما إلى المناطق المستقرة، أو تلك المنخفضة التوتر، من دون أن يتم ربط ذلك بالحل السياسي، وإلى تقديم حوافز للعودة، لكي يساهموا في إعادة إعمار بلادهم والاستقرار فيها". لأن أزمة اللجوء تؤثر على الأمن الاجتماعي لبعض الدول.

لغة ناعمة
وما وصفه لبنان بالمبادرة على صعيد ملف اللاجئين، قابلته مبادرة أخرى تتعلق بملف إعادة الاعمار، قائلاً:" في ظل التحديات التي تواجهنا، لا بد من اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية"، داعياً إلى "وضع آليات فعالة وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي، لإعادة الإعمار والتنمية، يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها، ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام." كما دعا "جميع المؤسسات والصناديق التمويلية العربية للاجتماع في بيروت، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لمناقشة و بلورة آليات فعالة تتماشى مع هذه التحديات التي تواجهنا، ومتطلبات إعادة الإعمار".

لم يأت عون على المطالبة في إعادة سوريا إلى الجامعة العربية بشكل مباشر. لكنّه مرر الرسالة بلغة ناعمة. إذ أبدى تمنّيه أن تكون القمة مناسبة لجمع كل العرب، فلا تكون هناك مقاعد شاغرة، وقد بذلنا كل جهد من أجل إزالة الأسباب التي أدت إلى هذا الشغور، إلا أن العراقيل كانت للأسف أقوى". دعوة عون إلى إنشاء صندوق تعاوني عربي، قابلتها مبادرة من دولة الكويت، التي أعلن ممثلها في القمة عن إنشاء صندوق للاستثمار التكنولوجي بقيمة 200 مليون دولار. تلك المبادرة، لقيت دعماً من دولة قطر، التي أكد وزير ماليتها المساهمة بخمسين مليون دولار، مخصصة لدعم هذا الصندوق.

سجّل لبنان إنجاز قمّة الحدّ الأدنى، أو قمّة "رفع العتب" كما يصفها البعض، لكنه أيضاً نجح في إثارة ملف عودة اللاجئين، وأثبت تأكيده التمسك بملف إعادة الإعمار، ودخول هذا المعترك، بمعزل عن الموقف الدولي. ولا يمكن التقليل من التدخلات التي أفشلت القمّة، أو أظهرتها باهتة، وإن كان هناك بعض النوايا الحسنة. لكن الوضع العربي المشتت والمنقسم على حاله، يعبّر عن الواقع القائم، الذي يفتقد لأي خطط عملية لتطبيق النقاط المطروحة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها