الأربعاء 2018/09/26

آخر تحديث: 11:46 (بيروت)

جنبلاط: نحن بلد مفلس

الأربعاء 2018/09/26
جنبلاط: نحن بلد مفلس
يؤكد جنبلاط أنّ النظام السوري باقٍ (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

ينتقد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إطالة عمر تأليف الحكومة العتيدة، محذراً من المضاعفات الاقتصادية النقدية المترتّبة عن التأخير في هذا السياق. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقولون إنّ الجلسة التشريعية التي عقدت كلّفت لبنان نحو مليار دولار. ما يعني أنّ الدين المترتّب علينا قد أصبح بعد هذه الجلسة 84 ملياراً ونصف المليار دولار، بعدما كان 83 ملياراً ونصف، أليست هذه فضيحة؟ ويسأل: ما الذي ينتظرنا بعد كلّ هذا الدين؟ آخذين بعين الاعتبار مؤشرات الأزمة النقدية العالمية التي بدأت في العام 2008.

يخالف جنبلاط كلّاً من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري الرأي بشأن موضوع الليرة اللبنانية واستقرارها، معتبراً أنّ العكس هو الصحيح، انطلاقاً من تجربة بلد منتج كالأرجنتين الذي عاد وانهار مرة جديدة، تماماً مثل تركيا، التي كانت تحتلّ المرتبة الـ17 من حيث أقوى اقتصاد، وها هي تنهار اليوم لأسباب سياسية ونقدية.

"نحن بلد مفلس"، يقولها جنبلاط بفمٍ ملآن مستغرباً توقّعات البعض بانفراجات يؤمّنها مؤتمر سيدر للبنان، مذكّراً هؤلاء بأن الحصيلة التي قد يجنيها لبنان من سيدر هي كناية عن قروضٍ جرى "نفخها" لتصل إلى 19 مليار دولار. ولكنها، في جميع الأحوال، تبقى مشروطة بالإصلاح، الذي شكّل أيضاً أحد شروط باريس 3، وآنذاك لم يُجر سوى إصلاح واحد في القطاع العام، وتحديداً في وزارة الإعلام على عهد الوزير غازي العريضي، وإصلاحاً آخر في القطاع الخاص طال شركة طيران الميدل إيست، وكان ذلك في العام 2000 في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ومذاك لم نشهد أي إصلاح.

ما هو الحلّ للخروج من هذه الدوّامة القاتلة؟

لطالما كان جنبلاط من دعاة التسوية. فهو يرى دائماً أنّ السياسة هي فنّ الممكن، وبالتالي يبقى ضرورياً في بعض الأحيان اللّجوء الى مبدأ التسوية. وهو ما قصده عندما استخدم في تصريحه الأخير، عبارة "تحجيم ذاتي"، التي أثارت امتعاض مناصريه. قد يقبل جنبلاط بإجراء تسوية في ما يخصّ حصّته بالحكومة، في حال عرضت عليه التسوية. لكن لم يعرض عليه شيء بعد.

حالياً، لا يزال الغموض سيّد الموقف. غير أنه عندما يبدأ الحديث الجدي بخصوص الحصص، فإن جنبلاط حاسم بهذا الشأن، إذ لا يمكن إلا أن تؤخذ نتائج الانتخابات بالاعتبار. بالتالي، لا بدّ من الحصول على وزارة وازنة ووزارة ثانوية مقبولة، ووزارة دولة.

عندما قال إنّ "العهد فاشل"، لم يكن جنبلاط يقصد الرئيس عون فحسب. فشأن رئيس الجمهورية هو شأن سائر الأفرقاء المشاركين في الحكومة، والحزب الاشتراكي ضمنهم طالما أنه يشارك في الحكم من خلال وزرائه.

يرفض جنبلاط اتهامه بمعاداة الرئيس، فلا إشكال شخصياً مع الأخير. كل ما فعله كان توصيف الحالة التي تشهدها البلاد في عهده. فعون هو أول من نادى بالاصلاح ولكنه لم يُقرنه بالتطبيق، وخير مثال على ذلك مشكلة الكهرباء المتشعبة التي يتغلغل الفساد في كل تفصيل فيها.

في وقت يقرّ بعجزه عن تحقيق أيّ خرق في ما يتعلّق بالتباينات السياسية بين مختلف الأطراف، يبدي جنبلاط تفاؤله باللجنة التي شُكّلت برئاسة اللواء عباس إبراهيم، التي تضم ممثلين عن التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي، لمتابعة الأوضاع على الأرض وتخفيف الاحتقان. وسيحرص زعيم المختارة على لعب دور أساسي في هذا الاطار، مع جميع الأطراف من دون استثناء، بغية تثبيت وترسيخ المصالحة في ما بينها.

لا يبدي جنبلاط تأييده لإقدام الوزير مروان حمادة على تقليص مهمات هيلدا خوري، فيقول ممازحاً: "رفيقي مروان (حمادة) والشيخ سعد (الحريري) صديقي، ولكنّهما أدخلانني بالزجاج". ويستطرد: "لكن، هناك نوعان من الزجاج: الزجاج الذي يسقط فتاتاً من جرّاء قوة الصدمة وبالتالي يصعب ترميمه، وآخر يسهل ترميمه، فالسيدة خوري جديرة ولديها وظيفتان، كما أنّ نزار هاني جدير جداً في أمور البيئة، ورجا العلي جدير في ملف الكهرباء.

من جهة أخرى، يلفت جنبلاط إلى أنه نُمي إليه أنّ البعض يراهن على التنقيب عن النفط والغاز، بالتالي على ترك الأمور في هذه الحالة من الهريان إلى حين استخراج الغاز، معتبراً ذلك جريمة بحق الأجيال المقبلة، التي ندين لها بمستقبل أفضل، وقد يكون أول الغيث إنشاء الصندوق السيادي وسداد الدين العام، قبل أن يزداد.

لكن، رغم هذا الوضع المتردّي، يرفض جنبلاط أن نقطع الأمل بحصول أي تقدّم ملموس خلال العهد الحالي. وهو لا يستبعد أن تتمكن الحكومة العتيدة من الاتفاق على حل المشاكل التي تواجهها البلاد، رغم غياب التجانس بين الأفرقاء. لا شيء مستحيلاً شرط احترام المؤسسات. فلطالما شهد لبنان خلافات سياسية بين مختلف الأطراف، من دون أن يمنع ذلك من تشكيل الحكومات.

"عند اختلاف الأمم، احفظ رأسك"، مثل شعبي قديم يحلو لجنبلاط ترداده والتذكير به، داعياً إلى عدم المراهنة على التطورات الاقليمية لتشكيل الحكومة. ولكن ذلك لا يعني ألا نأخذ الظروف الاقليمية بالاعتبار. فلا يمكن أن ننسى التاريخ الذي يجمع المملكة السعودية بلبنان، ولا مهرب من مشاورة السعوديين، وضمن الممكن، للوصول إلى حكومة فيها الحد الأدنى من التوازن. في المقابل، يؤكد أن علاقته مع سوريا محسومة بالرفض، طالما أن عرقاً ينبض بين أضلاعه، إلا أنّه يقرّ بأن لا مفرّ أيضاً من التنسيق مع سوريا عند الحاجة، رافضاً استخدام مصطلح "التطبيع مع سوريا". على أي حال، لا يزال النظام السوري موجوداً في لبنان، وقد نعود الى أيام أضرب من أيام الوصاية، على حد تعبيره.

يؤكد جنبلاط أنّ النظام السوري باقٍ في سوريا، وما يسمى بـ"تسوية إدلب"، وبالشروط التي وضعت بين الأطراف، غير قابلة للحياة. ويأسف لكون الدول التي حضنت المعارضة السورية الوطنية عند الانتفاضة، والتي كان قسم منها علماني، قد خذلتها في المساعدات، لتبادر بعدها أميركا الى تسليح قسم من المعارضة في وقت ما كان يجب تسليحها، ثم دخل إلى المعارضة ما دخل، فيما غادرتها المعارضة الأساسية، فاستغل النظام هذا الأمر. ويسأل: "كيف أنشئت داعش التي لم تكن موجودة أساساً، واحتلت سوريا والعراق عامين؟ فكان شعار النظام إما أنا او الارهاب، ونسي الغرب او تناسى الشعب السوري وركّز على داعش"، مشدداً على أنّ "هناك مطالب محقة كانت ولا تزال للشعب السوري ليعيش بحرية وكرامة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها