الجمعة 2018/08/03

آخر تحديث: 17:34 (بيروت)

الحكومة مؤجلة لحين عودة لبنان إلى حضن النظام السوري

الجمعة 2018/08/03
الحكومة مؤجلة لحين عودة لبنان إلى حضن النظام السوري
عودة العلاقات الطبيعية مع سوريا الأسد (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
يبدو أن التيار الوطني الحر بات قانعاً بالمناصفة المسيحية- الإسلامية الحالية، التي لطالما طالب بها. والوجود المسيحي "بات حراً"، ومشاركة المسيحيين في السلطة باتت عادلة، أي "نص بنص ومش سبعين بتلاتين"، كما كان يطالب دائماً رئيس التيار جبران باسيل. قناعة التيار واضحة في المناصفة "المحققة"، كي يكفّ عن المطالبة بها وينتقل إلى المطالبة بالتمثيل العادل داخل بقية الطوائف غير المسيحية، إي الدروز والسنّة. فبعد جميع محاولات تحريض المسيحيين على الغبن اللاحق بهم من المسلمين، ودخول أحلاف الاقليات للدفاع عن مسيحيي الشرق، والنطق بإسمهم، والتمثّل برموزهم (ركوب باسيل على حمار كنوع من التشبه بالسيد المسيح في دخوله أورشاليم)، ها هو التيار يشنّ حرباً لإنصاف "المستضعفين" في بقية الطوائف. ولكون الانتخابات كشفت أن التيار وكتلة العهد لا تمثّل أكثر من 50% من المسيحيين، صعّد التيار مطالبه في محاولة للحصول على أغلبية المقاعد الوزارية المخصصة للمسيحيين وأنشأ كتلة نيابية لدعم وصول النائب طلال إرسلان.

وبعيداً من العقد الداخلية المعروفة التي ما زالت تعرقل تشكيل الحكومة، باتت العقد الخارجية تطغى على غيرها وتنذر بعدم اكتمال عملية "التأليف" إلى حين عودة لبنان إلى حضن النظام السوري. فالانقسام العمودي بشأن مسألة "التطبيع" مع النظام السوري، لاسيما في ظل اقتراب الحسم في سوريا لمصلحة نظام بشار الأسد، يقف سداً منيعاً أمام وجود تسويات في المدى القريب. إذ لم تعد تقتصر المسألة على زيارات لوزراء إلى سوريا أو على تنسيق أمني بين الأمن العام اللبناني والنظام في سوريا. فقد بات مناهضو النظام السوري أمام واقع جديد لا يقتصر على الزيارات والتنسيق، بل يتعداه إلى فرض عودة العلاقات الطبيعية مع سوريا الأسد داخل الحكومة. 

كلام الرئيس المكلف سعد الحريري رداً على حملة "التطبيع" التي يستجرها حلفاء النظام "بتشوفولكم حدا تاني غيري" للذهاب إلى سوريا، يعني بأنه أتّخذ قرار الذهاب إلى المعارضة في حال قررت الأكثرية تشكيل حكومة عودة العلاقات اللبنانية- السورية إلى سابق عهدها. لكن، حتى الساعة ما زال الحريري يمسك ملف التشكيل. وفي ظل عدم قدرة حلفاء النظام السوري على فرض خيارات مغايرة، من المستبعد أن تتشكّل الحكومة قبل انتهاء الأزمة السورية.

لم يقرر حلفاء النظام السوري قلب الطاولة. فالمعطيات الدولية لا تسمح بذلك. لكن في الأثناء بدأت ملامح تشكيل الجبهات المتناقضة والمتصارعة بشأن ملف العلاقة مع سوريا تحتل المشهد السياسي. فهل يعود إلى الساحة اللبنانية الانقسام "الآذاري" الذي شهده لبنان بعد العام 2005؟ المسألة ربما تتعلق بتموضع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وكيفية تعامله مع واقع تربّع نظام الأسد على عرش سوريا. وإلى حين معرفة مصير "انتصارات الجيش العربي السوري"، سيبقى اللبنانيون ينتظرون خروج الحكومة التي ستولد قيصرياً في غرفة عمليات حلفاء النظام السوري.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها