الخميس 2018/08/16

آخر تحديث: 00:06 (بيروت)

النظام السوري يبتز الحريري بالطائف: رسائل التسوية من نصرالله

الخميس 2018/08/16
النظام السوري يبتز الحريري بالطائف: رسائل التسوية من نصرالله
الحريري يراهن على طائف سوري يحميه في لبنان (الأرشيف: ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي توجه به إلى الرئيس المكلف سعد الحريري عن عدم إتخاذ موقف قد يضطر إلى التراجع عنه في وقت لاحق، في ما يخص العلاقة مع سوريا، حمّل نصرالله رسالة أساسية. كأنه يفتح الطريق ليس لتطبيع العلاقات اللبنانية السورية، بل لتوجه دولي عام قد يفرض على الحريري القبول بالتطبيع كأمر واقع. حتى الآن لا يزال الحريري يمانع ذلك، وقد أعلن ذلك صراحة بقوله: "ابحثوا عن أحد غيري". ولكن في موازاة كلام نصرالله، تشير بعض المصادر المتابعة إلى أن بعض المحسوبين على النظام السوري والمقربين منه قد أوصلوا رسائل عديدة إلى لبنان بشأن ضرورة تعزيز العلاقات وتوسيعها على الصعيد السياسي. وكانت الإشارة الأولى عن سعي لبنان للاستفادة من معبر نصيب، فكان الجواب السوري مشروطاً بوجوب تعزيز هذه العلاقة السياسية.

اليوم، ثمة رسائل عديدة تصل إلى الحريري بشكل مباشر، وهي أن النظام السوري هو الوحيد الذي سيكون ضامناً لاتفاق الطائف وبقائه، بالتكافل والتعاون مع حزب الله. بمعنى أن الطائف سيكون مهدداً إذا ما بقي على رفضه تطبيع العلاقات. وقد أعطي الحريري في الرسائل التي تلقاها أمثلة على عوامل تهشيم الطائف والقفز من فوقه، بدءاً من قانون الانتخاب والنتائج التي أفرزها، مروراً بالشروط المفروضة على عملية تشكيل الحكومة، وصولاص إلى مواقف قوى أساسية تعمل على الالتفاف على الطائف بالممارسة وليس بالنص. وهذا قد يتطور إلى النص في الأيام المقبلة، إذا ما استطاع النظام تعزيز أوراقه.

واستكمل نصرالله الرسائل الموجهة إلى الحريري، بالإشارة إلى عدم الرهان على متغيرات إقليمية وخارجية لتشكيل الحكومة وتعزيز هذا الطرف المراهن على المتغيرات لتحسين شروطه وموقعه. وكأن نصرالله أراد الردّ على الحريري بشكل غير مباشر، بالايحاء بأنه لا يريد التشكيل كي لا ينجر إلى التطبيع مع دمشق، في انتظار تبلور الصورة الدولية للمرحلة المقبلة في سوريا. وهذه النظرة هي خلاصة مواقف تصف الحريري بالمتريّث في انتظار اتضاح صورة التطورات، وفي نظرته إلى نفسه كجزء من منظومة توازنات إقليمية ودولية، الحفاظ على وجودها ودورها جزء أساسي من المرحلة المقبلة. ويعتبر نفسه حاجة ضرورية لكل من حزب الله والتيار الوطني الحر، على الرغم من الاختلاف معهما أو وجوده في موقع نقيض لموقعهما.

بالتأكيد، إن الحريري لا يراهن على قوته الذاتية، ولا على قدرته المتصلّبة تعطيلاً أو تسهيلاً. بل هو ينساق ضمن توجه عام في المنطقة، وقد يمثّل في لحظة ما نقطة تقاطعات بين جمع المتناقضات، فيبقى الخيار عليه، بمعزل عن خياره السياسي، وبمعزل عن المتغيرات التي قد تطرأ. رهانات الحريري سياسية ومالية واقتصادية، ولا تنفصل عن ملف إعادة الإعمار في سوريا، والذي سيكون جزءاً من اتفاق دولي كبير، لا يمكن الشروع به قبل إنجاز هذا الاتفاق.

صحيح أن الروس خلال لقائهم بالحريري في بيت الوسط، طرحوا عليه مسألة ضرورة التنسيق المباشر مع سوريا، وحينها طالبهم بتفهّم موقفه، وبالظروف المحيطة بلبنان وبأن أي خطوة من هذا النوع، ستؤدي إلى اهتزاز الاستقرار السياسي والشعبي في لبنان. حينها، أبدى الروس تفهّماً لموقف الحريري، على قاعدة أن هذا الموقف قابل للتغير إذا ما تغيرت الظروف الدولية. وهي ورقة جديدة سيضيفها الروس إلى اياديهم بحسب ما تقول مصادر متابعة، لجهة تطويع النظام السوري أكثر، واستجراره إلى خانة تقديم التنازلات السياسية والإدارية والإصلاحية لفتح الطريق أمام الحلّ السياسي. وهذا أيضاً ما يراهن عليه الحريري من خلال الروس، بحيث يتمكنون من النجاح في تعويم النظام على الصعيد الدولي، ولكن مقابل تقديمه تنازلات أساسية، خصوصاً أن مرحلة إعادة الإعمار لن تبدأ بلا توفر أموال هائلة تتخطى الأربعمئة مليار دولار. وهذه يجب تأمينها من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول الخليج. ولهذه الدول شروط على النظام، للقبول بالحل السياسي. وفي مقابل ابتزاز النظام السوري الحريري بالطائف، فإن الحريري يراهن على طائف سوري، يحميه في لبنان ويفتح طريقه إلى سوريا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها