الخميس 2018/07/26

آخر تحديث: 00:06 (بيروت)

"لبنان الرسمي" يطبّع مع إسرائيل؟

الخميس 2018/07/26
"لبنان الرسمي" يطبّع مع إسرائيل؟
نشرت "الجريدة الرسمية" أن ما يقع على الحدود الجنوبية للبنان هو "إسرائيل" (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

هل تطبّع الدولة اللبنانية مع إسرائيل أو تعترف بها وبوجودها على الحدود الجنوبية؟ فقد نشرت "الجريدة الرسمية" أن ما يقع على الحدود الجنوبية للبنان هو "إسرائيل" وليس فلسطين؟ علماً أن لا اعتراف رسمياً بذلك، وما زالت الكتب المدرسية المعتمدة تشير إلى أن فلسطين هي ما يقع على الحدود الجنوبية. وفي حال اعتمد كتابٌ ما تسمية إسرائيل يعترض لبنان الأهلي والرسمي، فيعالج الأمر.

فما خلفية "خطأ "الجريدة الرسمية"، في العدد ٣١ بتاريخ 12 تموز 2018؟

لقد ورد في إحدى صفحات المرسوم الرقم ٣٣٥٢، وهو "إبرام اتفاق بين مجلس الإنماء والإعمار والبنك الأوروبي للتثمير، تتعلّق بدراسات جدوى حول تحديث وتوسيع نظم تجميع مياه الصرف الصحي في صيدا وتصريفها"، عبارة "يملك لبنان حدوداً 375 كيلومتراً مع سوريا في الشمال والشرق و79 كيلومتراً مع إسرائيل في الجنوب".

ويحمل المرسوم توقيع أركان الدولة اللبنانية، من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، إلى الوزراء المعنيين: الطاقة والمياه، والخارجية والمغتربين، والاقتصاد والتجارة، والشؤون الاجتماعية، والعدل، والمال، والبيئة والعمل… وقد ألحق به نص الاتفاق الذي يحمل تواقيع رئيس مجلس الانماء والاعمار باسم الجسر، بالنيابة عن رئيس الجمهورية، وممثلَيّ البنك الأوروبي للتثمير.

صفحات طويلة يتألف منها الجزء الأساسي من الاتفاق، وتعالج المواد التقنية والقانونية والتمويل والالتزامات والحقوق، ليُختتم المرسوم بالهوامش والتوضيحات تحت عنوان "بعض المعلومات الأساسية"، التي تحدّد مساحة لبنان وموقعه الجغرافي. غير أنّ اللافت في ما ذُكر هو ورود عبارة "لبنان يمتلك حدوداً بطول 78 كيلومتراً مع إسرائيل في الجنوب" بدلاً من "الأراضي الفلسطينية المحتلة". ما أثار امتعاض واستهجان عدد من اللبنانيين، خصوصا في ظلّ مسارعة بعض الدول العربية، وبخاصة الخليجية منها، الى التطبيع مع الكيان الصهيوني.

على الإثر، تقدّم المحامون حسن بزي وجاد طعمة وسهى إسماعيل من "مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام"، بإخبار لدى النائب العام التمييزي، "ضدّ كل من يظهره التحقيق من المسؤولين في الدولة اللبنانية بموضوع الاتفاقية الموقعة". واستند المحامون في إخبارهم إلى ما وصفوه "بالفضيحة الحاصلة على أعلى المستويات"، إلى القوانين المرعيّة الإجراء، لا سيما قانون مقاطعة "إسرائيل".

وفي هذا الإطار، شدد طعمة على "استحالة القبول بخطأ مماثل"، لافتاً إلى أنّ "توقيع الاتفاق من قبل الطرفين يعني أن كل بند فيه كان عرضة للتفاوض في ما بينهما. بالتالي، حرّر برضى الطرفين". ورأى أنّ "تفويض الدولة اللبنانية مجلس الإنماء والإعمار التوقيع باسمها، لا يلغي مسؤوليتها تجاه ما ورد في نص الاتفاقية"، مشيراً إلى أنه "استناداً إلى النص المنشور، فإن ترجمة النموذج الأوروبي الجاهز قد جرت لدى البنك المعني". وكشف طعمة أنّ "المحامين الذين تقدموا بالإخبار يتطلّعون إلى محاسبة كل مسؤول عن هذا الخطأ، وينتظرون تحرّك النائب العام التمييزي في الساعات المقبلة للمباشرة بالتحقيق وإحالة الإخبار إلى الجهات المختصة".

من جهتها، أكدت مصادر مجلس الوزراء، لـ"المدن"، أنّه "ليس صحيحاً على الإطلاق أنّ ما يجري هو في إطار مؤامرة على الشعب اللبناني لإجباره على الاعتراف بـ"إسرائيل". وكل هذه الاعتقادات والتحليلات غير منطقية ولا مكان لها من الصحة". وإذ لفتت إلى "اعتراف الدول الأوروبية والبنك الأوروبي بدولة إسرائيل"، شدّدت المصادر على أنّ "موقفنا في هذا السياق ثابت ومبدئي، ويستحيل أن يجبرنا على تغييره. ولكن، في المقابل، لا يمكننا أثناء تعاملنا مع الجهات الدولية والبنك الدولي والبنك الأوروبي، أن نفرض عليها عدم الاعتراف بدولة معينة".

ومن هذا المنطلق، أوضحت المصادر، "نضطر على مضض، إلى الموافقة على التوقيع على الاتفاقية المبرمة مع البنك الأوروبي، من دون التوقّف عند هذا التفصيل. مع العلم أن البنك الأوروبي هو من تولّى ترجمتها، ليجري بعدها تثبيتها بمرسوم يحمل تواقيع رئيسي الجمهورية والحكومة، ونشرها في الجريدة الرسمية".

فهل أصبح الواقع يغلب النظريات فارضاً نفسه على الدولة اللبنانية؟ وهل اضطر لبنان إلى القبول بهذه التسمية بهدف الحصول على المساعدات، على الرغم من أنها تخالف الأدبيات السياسية للبنان الرسمي؟ ومن يتحمّل مسؤولية هذا الخرق وتبعاته؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها