الثلاثاء 2018/07/17

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

التنسيق مع النظام السوري.. في مفاوضات تشكيل الحكومة

الثلاثاء 2018/07/17
التنسيق مع النظام السوري.. في مفاوضات تشكيل الحكومة
التفاهم بين الحريري وباسيل بدأ يتصدّع (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease


بعيد اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب لبحث جلسة انتخاب اللجان النيابية، خرج نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي متحدّثاً بشأن تشكيلة الحكومة. ومما قاله: "ليذهب الحريري إلى تشكيل حكومة مع القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي من دون التيار الوطني الحر، إذا ما كان يستطيع أن يحكم".

في مضمون الكلام رسالة سياسية، بسقف مرتفع لا يختلف عن السقوف المرتفعة التي يرفعها الوزير جبران باسيل، الذي اعتبر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أن لا خلاف معه واللقاء بينهما قابل لأن يحصل في أي وقت. لكن البعض يحمّل معاني كثيرة لرسالة الفرزلي، بأنها من وراء الحدود، خصوصاً أنها تأتي بعد موقف لافت لباسيل خلال تمثيله رئيس الجمهورية ميشال عون، وقد تحدث عن عودة العلاقات السياسية بين لبنان وسوريا إلى طبيعتها، في معرض حديثه عن فتح الحدود والمعابر بين سوريا والأردن وسوريا والعراق. ما سيسمح للبنان بالتنفس.

يريد حزب الله استعادة العلاقات الطبيعية والسياسية مع سوريا، وفي الحكومة الحالية زار وزراء الحزب سوريا ذات مرة، ولكن على ما يبدو أن الزيارات مدرجة في جدول أعمال مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة. لدى زيارة وزراء الحزب دمشق قبل أشهر، تم اللجوء إلى صيغة التفافية، إذ ذهب كل وزير بصفته الشخصية وليس كممثل للحكومة. ومن بين الزيارات كانت مدرجة زيارة وزير الاقتصاد رائد خوري، الذي عاد وعدل عن زيارته بعد تدخّل أوحي حينها بأنه بتمنّ من الحريري، كي لا يحرج بحكم تحالفه مع التيار الوطني الحر.

اليوم، يعود التيار الوطني الحر بشكل مباشر إلى الحديث عن التنسيق مع النظام، ضمن ملف اللاجئين السوريين ومسألة العلاقات السياسية، وصولاً إلى ملفات أخرى لها علاقة بقضايا اقتصادية وغيرها. ما يؤشر إلى أن التفاهم بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل بدأ يتصدّع، إذا ما كان موقف المستقبل على حاله من عدم التنسيق مع النظام السوري. هذا أحد الضغوط والاحراجات التي يتعرّض لها الحريري في عملية تشكيل الحكومة.

هناك من يعتبر أن ملف العلاقات مع سوريا وإعادة تفعيلها، قد يكون محوراً أساسياً من محاور عمل الحكومة الجديدة. بالتالي، هذا ما يبرر غاية التيار الوطني الحر وحزب الله في الحصول على ثلثي أعضاء الحكومة، بحيث لا يصدّ لهم قرار، ولا أحد يستطيع عرقلة أي خيار سواء أكان سياسياً أم غير سياسي. لذلك، هناك رفض من التيار الوطني الحر لحصول المستقبل والاشتراكي والقوات على ثلث معطّل داخل الحكومة. وهذا ما أدى إلى توتر الأجواء بعض الشيء بين الحريري وباسيل. لكن، أن يعود الحريري ويتحدث بإيجابية عن امكانية ولادة الحكومة، وتوقعه أن تولد خلال أسبوع أو أسبوعين، فهذا يعني أن ثمة ما يطبخ في الكواليس بشأن العلاقة مع النظام السوري واستعادتها، خصوصاً أن بعض المحسوبين على فريق الحريري كانوا يعتبرون قبل فترة قصيرة، أن الحريري غير مستعجل على تشكيل الحكومة ليتحرر من الشروط التي ستفرض عليه، وكي لا تنشأ فيها كتل تقوض صلاحيات رئيسها. وكان هؤلاء يستخدمون عبارة أن الحريري غير مضطر إلى الاستعجال ويحرج في ملف العلاقة مع النظام السوري.

موقف باسيل ليس يتيماً، يلتقي مع حزب الله، وجاءه رافد بزيارة مبعوث الرئيس الإيراني حسين جابري أنصاري الذي أكد مع باسيل أهمية عودة اللاجئين بالتنسيق مع النظام السوري، واستعادة العلاقات. وصحيح أن هناك إختلافاً بين باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن بعض التصرفات، إذ يمانع بري أن يتحول باسيل إلى حاكم بأمره من خلال شروطه الحكومية، إلا أنه قد يلتقي معه على مبدأ التنسيق مع النظام. وهو كان قد استبق موقفه، خلال لقائه برئيس مجلس الأمة الكويتي، مبلغاً إياه أنه لن يشارك في جلسة رؤساء البرلمانات العربية المخصصة لبحث وضع فلسطين والقدس، ما لم تدع إليه كل الدول العربية ويقصد سوريا.

لكن الحريري أيضاً، وفي معرض كلامه التفاؤلي عن ولادة الحكومة، أراد تعزيز التوازن أيضاً، من خلال إشارته إلى أنه هو المكلف تشكيل الحكومة، وهذه من صلاحياته، وأنه لن يتنازل عنها، لكن العبرة تبقى في الخواتيم، خصوصاً أن عملية انتخاب اللجان وأعضائها تعتبر سابقة قبيل تشكيل الحكومة، لكن الحريري لم يتوقف عندها، وقد تفاهم مع بري عليها سابقاً، لكنه يضعها في إطار الضغط للاسراع في التشكيل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها