السبت 2018/07/14

آخر تحديث: 02:15 (بيروت)

ايران واسرائيل ما بعد درعا: هل فُتح باب المفاوضات؟

السبت 2018/07/14
ايران واسرائيل ما بعد درعا: هل فُتح باب المفاوضات؟
هناك تهدئة واضحة بين الايرانيين الإسرائيليين (Getty)
increase حجم الخط decrease

انتهت معركة درعا قبل أن تبدأ. فرضت روسيا التسوية التي تريدها، وحظيت بغطاء دولي وموافقة إسرائيلية. يختصر موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلاصة التسوية بما أطلقه من موسكو، إذ قال: "ليس لدينا مشكلة مع نظام الأسد، ولا نعارض استعادة سيطرته على سوريا". الموقف ليس تفصيلاً، بل هو استراتيجي، وكأن الرجل يقول إن روسيا حققت لإسرائيل ما تريده، من خلال الدور الذي لعبته مع ايران. الخلاصة أُعلنت بالتزامن مع زيارة مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية الايرانية، علي أكبر ولايتي، إلى موسكو. وهذا ليس تفصيلاً أيضاً، فقد تكون روسيا رعت جانباً من مفاوضيات غير مباشرة بين الإسرائيليين والايرانيين.

هذه التسوية بدأ الإعداد لها قبل فترة. وهي نتاج عمل متواصل لروسيا والولايات المتحدة. ما دفع ايران إلى إعلان انسحاب هش من الجنوب السوري، والإدعاء بأن ليس لديها قواعد عسكرية هناك. هذا الموقف تلاقى مع موقفين مستنسخين لنظام الأسد ومسؤولين إسرائيليين، سياسيين وعسكريين. قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على هامش قمة حلف الأطلسي، إن الإسرائيليين سيتواصلون معه للدخول في مفاوضات تفضي إلى اتفاق جديد. والإشارة واضحة: الضغط على يران وفرض شروط جديدة لصوغ اتفاق جديد مغاير للاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة باراك أوباما. ليس الهدف مواجهة ايران ومحاربتها، إنما الوصول إلى اتفاق معها. وهذا يحتاج إلى شد حبال بين الطرفين، لوصول كل طرف منهما إلى شروط أفضل.

ما تريده إدارة ترامب من خلال فرض عقوبات على ايران ومحاولات خنقها اقتصادياً، هو الوصول إلى تفاهم شامل على مختلف ملفات المنطقة. لذلك، ترفع أميركا شروط إنسحاب القوات الايرانية من دول المنطقة. وهذا يرتبط بتأمين إنجاز صفقة القرن بهدوء وبدون أي شغب ايراني أو من قبل حلفاء طهران. لصفقة القرن تداعيات جيواستراتيجية على وضع الشرق الأوسط، وهي لن ترتبط بفلسطين وتصفية القضية الفلسطينية فحسب، بل ستنجم عنها مناطق نفوذ جديدة مرسومة ومحددة بالعسكر والدم. وهذا ما يعلمه الايرانيون جيداً ويعملون لأجل الاحتفاظ بما حققوه ميدانياً طوال السنوات السابقة.

للصفقة أضلع ثلاثة تحت المظلّة الأميركية: روسيا، إسرائيل وايران. والترجمة الأولى لهذا المثلّث بدأت في الجنوب السوري. وبعد درعا سيحين دور إدلب، التي ستنتهي بتسوية مشابهة لما جرى في درعا مع تغيّر اللاعبين، واستبدال إسرائيل بتركيا. هذا الاتفاق المرتقب سينجم عنه رسم جديد وتحديد لمناطق نفوذ في الشمال السوري على غرار الجنوب. يعلم الايرانيون أن الهامش الأساسي لاستخدامهم أوراق القوة التي بيدهم، لا يقتصر فقط على الوضع العسكري والميدان، هناك ما يجب أن يتم تقديمه في السياسة. والمدخل للحضور حول طاولة التسوية الكبرى، سيكون مرتبطاً بأمن إسرائيل وتوفير هدوئها. وهذا ما يثبته اتفاق الجنوب السوري. وهناك من يتحدث عن مفاوضات غير مباشرة حصلت سابقاً بين الايرانيين والإسرائيليين، تركزت على توفير حدود آمنة بموجب إتفاق 1974.

كلمة ترامب عن انتظاره مبادرة الايرانيين للاتصال معه، ليست من فراغ، هي ناجمة عن الحراك الايراني تجاه موسكو والاتحاد الأوروبي، إذ يحاول الايرانيون مواجهة العقوبات التي يتعرضون لها عبر ايجاد ثغرات سياسية تفتح لهم باب التفاوض مجدداً. وهناك تهدئة واضحة مع الإسرائيليين تبرز في السلوك والخطاب والواقع الميداني، الذي توقفت فيه الضربات الإسرائيلية لمواقع ايرانية، بالشكل الذي كانت عليه الضربات قبل فترة. قبل يومين حصلت ضربات على مواقع فارغة في الجولان ولم توقع خسائر أو اصابات في صفوف الايرانيين وحلفائهم. هناك من يفسّر هذه الضربات بأنها جزء من تغطية ما يجري في موسكو خلال زيارتي ولايتي ونتنياهو، كما يهدف إلى التغطية على اتفاق الجنوب السوري الذي وافق عليه الايرانيون ووفر حماية الأمن الإسرائيلي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها