الخميس 2018/05/24

آخر تحديث: 18:52 (بيروت)

الحريري بين نارين: التطبيع مع النظام السوري أو الاستقالة

الخميس 2018/05/24
الحريري بين نارين: التطبيع مع النظام السوري أو الاستقالة
يراهن الحريري على ضغط روسي على النظام السوري (المدن)
increase حجم الخط decrease

يتجاوز البحث في ملف اللاجئين السوريين، في الكواليس والعلن، إعادتهم إلى أراضيهم، نحو تعزيز العلاقات مع النظام السوري. الوزير جبران باسيل أعلن صراحة قبل أيام أن التواصل مع الدولة السورية قائم على مختلف الصعد وسيستمر، ولا داعي للكذب على الناس. ليس الحديث عن التنسيق اللبناني السوري حديثاً، فهو يحصل منذ مدّة. على الصعيد الأمني لم ينقطع التواصل خلال السنوات الماضية. أما على الصعيد السياسي، فهو قائم منذ التسوية الرئاسية، والزيارة الشهيرة للوزراء إلى دمشق، فيما بقي طي الكتمان زيارات أخرى تجري أسبوعياً. لكن ما بعد الانتخابات لن يكون كما قبلها.

الضغط سيستمر كثيراً للتنسيق مع سوريا. فيما الجبهة المعارضة لذلك تبدو مشتتة لحسابات مختلفة. على ضفة القوات اللبنانية، تبقى الحسابات المسيحية هي التي تفرض نفسها للتعاطي مع هذا الملف، خصوصاً في ضوء اتهامات التيار الوطني الحر إلى وزير القوات بيار بو عاصي بأنه يقصّر في مهماته. مع الإشارة إلى أن الانتقادات التي يتلقاها بو عاصي ناجمة عن تعاطيه الممتاز مع هذا الملف، والخارج من أي حسابات سياسية أو طائفية أو عنصرية. لكن في القوات تبرز آراء متعددة بشأن ضرورة إعادة اللاجئين إلى أراضيهم، ولكن ليس على قاعدة التنسيق مع النظام بل مع الأمم المتحدة. الأمر الذي ينقضه بو عاصي، إذ يعتبر أن الأمم المتحدة لن تعلن أي منطقة آمنة لأنها غير قادرة على ضمان أمن هذه المناطق. بالتالي، لا يمكن الاتكال عليها في إعادة اللاجئين. في المقابل، يبرز موقف النائب عن القوات اللبنانية سيزار المعلوف الداعي إلى التنسيق مع النظام السوري، فيما القوات لم تنف هذا الكلام أو تعتبر أنه يمثّل صاحبه فقط.

ويفتقد تيار المستقبل إلى الرؤية في شأن التصدي لهذه المحاولات. النظام السوري يشتد عوده، وهو قوي في بيروت بعد الانتخابات النيابية أقوى منه في دمشق. بالتالي، فإن الضغط سيستمر لجرّ لبنان إلى حضن الأسد مجدداً بعناوين متعددة، لا تتعلق بمسألة اللاجئين فحسب، بل بقطاع الكهرباء والزراعة والإقتصاد، تمهيداً لمرحلة إعادة الاعمار. ليس لدى المستقبل القوة اللازمة للتصدي لهذه المحاولات. والآن بات دعاة التنسيق مع النظام السوري أكثرية نيابية قادرة على فرض ما تريده من قوانين.

في المستقبل رأيان. الأول يعتبر أنه إذا ما كان لا بد من بحث ملف اللاجئين، فهذا يجب أن يحصل بتنسيق مع الأمم المتحدة التي عليها تولي ذلك مع النظام السوري. فيما الرأي الآخر يرتكز على أن النظام هو من يرفض إعادة اللاجئين، والدليل على ذلك القانون رقم 10 الذي يمنح السوريين مهلة شهر للذهاب إليه وتأكيد أحقيتهم بأراضيهم، أما إذا رفضوا الانصياع فستسقط ملكيتهم منازلهم وأرزاقهم. وهذه عبارة عن محاولة تهجير أبدية. بالتالي، لا عودة للاجئين بمعزل عن التنسيق مع النظام. فيما التنسيق سيذهب إلى إتجاهات أخرى، أبرزها تعويم النظام سياسياً من البوابة اللبنانية، وتكريس الانتصارات النيابية في لبنان والميدانية في سوريا.

يتفق القواتيون والمستقبليون والاشتراكيون على أن هدف الكلام عن التنسيق مع النظام هو تطبيع العلاقات، وليس العمل على إعادة اللاجئين. والعمل الأساسي لهؤلاء سيتركز على الضغط على رئيس الحكومة في عملية تشكيلها لحشره واجباره على الذهاب نحو خيار التطبيع. إذ يعتبر النائب السابق أحمد فتفت أن كل الأمور تشير إلى أن الفريق الآخر سيضغط في اتجاه التطبيع مع النظام، مشيراً إلى أن هناك خطة يتم رسمها من بوابة اللاجئين لاستدراج اللبنانيين إلى إعادة العلاقات مع النظام. ويعتبر أنه لا بد من وضع خطّة واضحة لمواجهة هذه المساعي، وارساء التوازن في هذا الملف. فيما يؤكد الوزير بيار بو عاصي رفض القوات التطبيع مع النظام، وأن هذا الخيار لا يؤدي إلى حلّ مشكلة اللاجئين.

من جهته، يعتبر النائب السابق مصطفى علوش، أنه لا يمكن الجزم بذلك، لأن حضن النظام السوري غير معروف الهوية بعد، في ظل الخطة السعودية الأميركية للمرحلة المقبلة. وهذه ستفرض كثيراً من المتغيرات، بفضل الضغوط الروسية على الأسد لدفعه إلى تسوية معينة. هذا الأمر سينعكس على الواقع اللبناني في عملية تشكيل الحكومة، وفي حالة التفاؤل فإن الحكومة يجب أن تنجز خلال شهرين ونصف، وتركيبتها هي التي ستحدد أفق العمل بالمرحلة المقبلة. ولكن هل هذا الكلام يعني أنه سيكون هناك إمكانية للتنسيق مع النظام في المرحلة المقبلة إذا ما تم تعويمه روسياً وخرج من الحضن الإيراني؟ لا أحد قادراً على الإجابة عن ذلك، لكن هناك تجربة سابقة حصلت في العام 2009 حين ذهب الحريري إلى دمشق بناء على تسوية إقليمية ودولية تجلّت تحت اسم "سين سين". وهذه يربطها البعض بكلام بعض المسؤولين السعوديين بأن الأسد سيبقى في السلطة، ولكن عليه أن لا يتحول إلى دمية إيرانية.

الأساس، وفق المصادر، سيكون حول وجهة الحكومة وتركيبتها، وإذا ما حصل المحور المؤيد للنظام السوري على أكثرية أعضائها فإن ذلك سيؤدي إلى إحراج المستقبل في هذا الملف، ودفع الحكومة بحكم التصويت والأكثرية إلى الدخول في ميدان تجديد الاتفاقيات مع الحكومة السورية، مع مساع من جانب البعض لتضمين البيان الوزاري فقرة تتحدث عن ضرورة التنسيق مع النظام بهدف إعادة اللاجئين. وهذا سيفرض على الحريري خياراً من اثنين، إما التجاوب مع هذا الواقع، أو الذهاب نحو الاستقالة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها